وقفت مصالح المفتشية العامة لوزارة الداخلية على عدة اختلالات خلال مهام التفتيش التي همت بعض جهات المملكة، مما سيعجل عددا من الرؤساء في قفص الاتهام بإهدار وتبديد المال العام. ولم تشفع لرؤساء الجهات حداثة عهد هذه الوحدة الترابية للتملص من التدقيق الذي طال عددا من المهام ذات الطبيعة الإدارية، والاختيارات السياسية، إضافة إلى عدد من الممارسات التي استنسخت تجارب الجماعات الترابية، والتي كانت على امتداد سنوات موضوع تقارير سوداء صدرت عن المجالس الجهوية للحسابات. و وضعت مصالح المفتشية العامة لوزارة الداخلية تحت المجهر حسب “المساء” اختلالات تنذر بفضائح مدوية، بعدما تبين وجود هدر كبير لمالية الجهات في نفقات غير منتجة، تتصل بالتدبير الروتيني للمصالح الإدارية. كما وضعت مصالح المفتشية تحت التمحيص برمجة زيارات وسفريات متعددة إلى الخارج من طرف عدد من رؤساء الجهات أو من ينوب عنهم، ومستشاري الأغلبية والمعاضة، بسفريات إلى أوروبا، أفريقيا، أمريكا وآسيا، بشكل مكثف، وبمعدل سفر واحد خلال كل شهر تقريبا، باستثناء جهات المنطقة الجنوبية، فيما ارتفع عدد سفريات جهات الدارالبيضاء، طنجة، الرباط وفاس إلى الخارج بشكل لافت. و كلفت هذه السفريات أموالا طائلة، لاسيما أن تعويضات التنقل إلى بعض الوجهات وعبر الدرجة الأولى، كلفت مالية الجهات مبالغ طائلة دون أي مردود. و وقف مفتشوا الداخلية على رصد اعتمادات مبالغ فيها للمعدات المكتبية، ونفقات الحفلات والإطعام والتي وصلت إلى حوالي نصف مليار ببعض الجهات، كما أن مطالبة بعض رؤساء الجهات بتعزيز الموارد البشرية يتناقض مع اعتمادات المعدات المكتبية، ومنها جهة الرباط التي أبرمت في ظرف سنوات قليلة صفقات قاربت المليار للمعدات المكتبية أوراق الطباعة. كما تبين أن الجهات تستغل عددا كبيرا من السيارات ضمن أسطول يتنافى مع توجهات التخليق والترشيد، فعلى سبيل يستغل بعض رؤساء الجهات ثلاث سيارات فاخرة قد تصل كلفتها إلى 350 مليون سنتيم، مع احتساب كلفة التأمين والصيانة والمخلوقات. كما رصدت عملية التفتيش محاباة كبيرة في عمليات التوظيف والاستعانة بالمتعاقدين والتي خضعت لمنطق الحزبية والرقابة بدل الكفاءة والمردودية، ما سيفتح نقاشا حول مدى صواب منح رؤساء الجهات صلاحية التوظيف والتعاقد.