أكاد أصدّق اليوم بأنّني أتابع مسلسلاً من الإنتاجات التركية أوالمكسيكية المشوّقة، التي تتداخل فيها الأحداث ويصعب عليك توقع ما تحمله حلقاتها الأخيرة من مفاجئات لشدّة حبكة السيناريو، عكس الإنتاجات المغربية التي تراها أمامك كما تقرأ كفّي يديك من دون حبكة. غير أنّ المسلسل الذي نتابعه اليوم هو مغربي 100% لكن على الطريقة التركية. وأبطاله الظاهرون هم الطوسي وخرجة، و آخرون لايظهرون كثيراً مع أنّهم يؤثرون في تطوّر الأحداث بشكل كبير. بدأت القصّة كلّها من أسابيع قليلة، حين أًبعدَ الطوسي خرجة عن الفريق الذي لعب وديّاً أمام الطوغو في الدارالبيضاء. تناسلت القصاصات وكثر الحديث بعد ذلك، وتوالت التساؤلات: لماذا أبعد الطوسي خرجة عن هاته المباراة؟ وهل أبعد المدرّبُ العميدَ بصفة نهائية أم مؤقتة؟ وغيرها من الأسئلة التي تحوم حول ذلك. دعونا نتّفق بداية أنّ الأمر بسيط لو تعلّق بإبعاد مُدرّبٍ للاَعبٍ من فريقه، يرى أنّه لا يخدم توجّهه واختياراته التقنية. فالمدرّب حين ذاك يتحمّل مسؤوليته و اللاّعب يتقبّل القرار، وانتهى الأمر. لكن ما حدث كان عكس ذلك، و هاته 3مفاتيح لفهم السيناريو. 1/ الطوسي لم تكن له الشجاعة الكاملة ليخرج للعلن و يقول "لا أريد خرجة معي في الفريق.. و هاته هي الأسباب". لكنّه ظلّ يتردّد و يبرّر بأنّ لخرجة مكانه الذي "قد" يعود له مستقبلاً.. ثمّ أنّ خرجة لم يكن يُجب على اتصالاته.. ثم أنّه آثر أن يريحه ويعفيه عناء السفر لمباراة ودية.. إلى أنّه يعرف اللاعبَ وليس بحاجة لتجريبه. كلّها مبرّرات من الطوسي تختار منها أنت ما تشاء. لكن الحقيقة الوحيدة هنا هي أن الطوسي أبعد خرجة عن المنتخب. 2/ خرجة الذي خرج لينتقد ويسرّب تصريحات من هنا و يجهر بحوارات من هناك، ليضع الطوسي في قفص الاتهام. بدل أن يسلك طريق الديبلوماسية و الرّوح الرياضية. فماذا كان سيخسر خرجة لو قال: "احترم قرارات المدرّب، وسأكون جاهزاً للّعب للمنتخب وقت ما طلب منّي ذلك". 3/ نصل للحديث عن "أبطال المسلسل في الظّل". أتذكّر أن الطوسي قال لجريدة "الصباح" في عددها الصادر يوم الجمعة 9-11-2012، متحدّثا للزميل عيسى الكامحي، أنّه لم يُبعد خرجة نهائيّاً ولكن فقط لإراحته وتجريب آخرين. فصَدّقتُ ذلك. لكن في عدد اليوم الموالي من جريدة "المساء"، تحدّث مصدر جامعي لزميلنا محمد الشرع ليقول له أنّ ما جاء به الطوسي غير صحيح، وأنّ خرجة لن يعود للمنتخب. ما قاله الطوسي في الصّباح كدّبته الجامعة في المساء. ولأنّ الجامعة مصابة بأمراض كثيرة أبرزها انفصام الشخصية، هذا إن كانت لها شخصية أصلاً، فها نحن نسمع الآن بأنّ بعضاً من رؤوسها الكبيرة تضغط على الطوسي لإعادة خرجة للمنتخب. مسلسل باسل.. وبزّاف. على العموم الطوسي يجب أن يَجْهَرَ بقراراته ويدافع عنها. وسأدعمه. و خرجة يجب أن يتقبّلها و يدعمها. وسأحترمه. والجامعة تْدخُل غِير سُوقْ رَاسْها، أمّا حْنا رَاهْ عَارْفِينْها ما قَادْرا على وَالُو. ولو أجبرت الطوسي على ضمّ خرجة وهو رافض، فحينها يجب أن يستقيل، فهو الذي قال يوم تقديمه للصحافة ناخباً وطنياًّ "سأستقيل لو تدخّلت الجامعة في تسييري لشؤون المنتخب". فرجة ممتعة. span arial","sans-serif";mso-fareast-"*هذا العمود ينشر في جريدة "المساء الرياضي" كلّ يوم اثنين صفحة الكاتب على موقع فيسبوك للتواصل