لا يختلف أحد على الموهبة الكبيرة التي يتمتع بها مودريتش وعلى الدور الكبير الذي يقوم به في خط وسط فريق ريال مدريد، ولا بد أن وقع خبر إصابته لن يكون سهلاً على محبي الملكي الذين تنتظرهم موقعة الكلاسيكو في اللا ليجا وقبلها مباراة ليفربول في دوري الأبطال. ولكن من ناحية تكتيكية قد يكون غياب مودريتش شيئ إيجابي للفريق، ودعنا نضرب مثلاً بمباراة الفريق أمام ليفانتي والتي سحق بها أصحاب الأرض بخماسية ممزوجة بأداء جمالي رائع وسرعة كبيرة في نقل الكرة، فمن كان يتوقع أن الفريق سيظهر بقوة أكبر وتفاهم أعلى بغياب جاريث بيل وبنزيما..! الإجابة تكمن في توازن التشكيلة، وهو أمر طرحته في مقالٍ سابق وهو أن مشكلة الريال في بداية الموسم كانت في غياب التوازن عن التشكيلة وليس بسبب تراجع مستوى بيل أو بنزيما أو مودريتش أو جيمز رودريجيز، فالعلة لم تكن في الأفراد لكن إما في عدم تطبيق تعليمات أنشيلوتي أو في تعليمات أنشيلوتي نفسها. كثرة اللاعبين المهاريين الذين يحبون الجري بالكرة خلق نوع من الفوضى في خط الوسط والهجوم، ومن البديهي أن تنتقل عدوى التخبط في خط الوسط إلى الدفاع، ولا بد أن تحتوي كل تشكيلة عن لاعبين تكتيكيين يحسنون الجري من دون كرة ويحبذون التمرير السريع أو الاحتفاظ بالكرة من دون الجري بها واحتلال مركز غيره في أرض الملعب. فتحرر مودريتش ورودريجيز وبيل ورونالدو وبنزيما في بداية الموسم عبارة عن فوضى غير خلاقة، فأحياناً تحتاج إلى الفوضى لدربكة الخصم بشرط أن تكون خلاقة، ولكن مع مرور الوقت بدأ مودريتش وجيمز رودريجيز بالالتزام أكثر بمهامهما ما انعكس إيجاباً على كل جزء في الفريق من الدفاع إلى الوسط إلى الهجوم إلى الأداء ومعه النتائج الساحقة. ولو لاحظنا أن تشكيلة الأمس كانت الأكثر توازناً على الإطلاق للريال منذ بداية الموسم، حيث أن خط الوسط والهجوم احتويا على لاعبين مهاريين يحبذون الجري بالكرة مثل رونالدو وايسكو وعلى لاعبين مهاريين وفي نفس الوقت يجيدون التمرير السريع مثل جيمز ومودريتش، وعلى لاعبين يجيدون الحركة من دون كرة ولا يجبذون الاحتفاظ بها كثيراً وهما توني كروس وتشيكاريتو، ولو أن بنزيما مثلاً كان في خظ الهجوم أو بيل بدلاً من جيمز على الجناح لما شاهدنا تلك النتيجة الساحقة والأداء المقنع. وفي الحقيقة كنت أفكر عقب اللقاء كيف سيلعب الريال أمام برشلونة، وكيف سيتمكن أنشيلوتي من الحفاظ على هذا التوازن الرهيب عند عودة بنزيما وبيل، فهل يلتزم اللاعبون بمهامهم كما فعلوا قبل الجولة الدولية..؟ أم هل تكون الجولة الدولية نقمة على الريال ويعود التخبط والعشوائية والفوضى إلى الأداء بعودة بيل وبنزيما إلى التشكيلة وتستمر هذه الفوضى حتى يسترجع اللاعبين النسق الذي فقدوه بانقطاعهم لأجل منتخباتهم..؟ المشكلة أنه لا مجال لعودة الفوضى مرة أخرى وعلى الأبواب برشلونة ينتظهر الفوز بالكلاسيكو، ولكن الآن بإصابة مودريتش سيكون الاسم المرشح هو ايرامندي وهو خيار مثالي جداً وقد يكون سر الفوز في الكلاسيكو. فايرامندي كونه لاعب وسط دفاعي وقاطع كرات فهو ليس من نوع اللاعبين الذين يحتفظون بالكرة، إضافة إلى أن الفريق في مباراة مثل الكلاسيكو يحتاج إلى قاطع كرات حقيقي يساند الدفاع، أضف إلى ذلك أن وجوده سيعطي توني كروس حرية أكبر في صناعة اللعب. وجود كروس وايرامندي سيعطي الحرية الكاملة لبيل ورونالدو للجري واستخدام مهاراتهما في المباراة، وسيعطي حرية أكبر ولو نسبية لجيمز وبنزيما، ولا استبعد نتيجة ساحقة أيضاً على الغريم التقليدي لو كان خط الهجوم موفقاً في استغلال الفرص. ولكن في حال قرر أنشيلوتي الاعتماد على ايسكو كبديل لمودريتش فأخشى أن يكون لهذا التبديل عواقب وخيمة جداً، والنتيجة هي خسارة الكلاسيكو.