لم يتغير شيء، رغم مرور ثلاث سنوات كاملة، الإسباني رافائيل نادال، المصنف الأول عالميا بين لاعبي التنس المحترفين في أحد طرفي الملعب، وفي الجانب الآخر منه يقف الصربي نوفاك ديوكوفيتش، المصنف الثاني، في الدور النهائي لإحدى بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى، وصدارة التصنيف على المحك. الأمر الوحيد الذي تغير منذ ذلك الحين هو "المسرح"، فقبل ثلاث سنوات كان البطلان يقفان على أرضية ويمبلدون العشبية، أما الآن فيجمعهما نهائي بطولة رولان جاروس، ثاني بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى، التي تقام في مدينة باريس، التي لم تعد عاصمة النور، أو فرنسا فحسب، بل باتت عاصمة "مملكة" نادال الترابية. فالإسباني يمتلك الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالبطولة، ثماني مرات خلال السنوات التسع الماضية، حيث خرج من نسخة 2009 من دورال16 أمام السويدي روبن سودرلينج، ليتوج بها السويسري روجيه فيدرير، ما يضع على كاهلي نادال ضغطا كبيرا، خاصة في ظل تواضع مستواه على الأراضي الترابية قبل هذه البطولة. الضغوط لا تقف فقط عند حد عدد مرات الفوز بالبطولة أو مستواه، بل تمتد لتشمل منافسه، ديوكوفيتش، الذي بث الخوف في قلب "ملك الأراضي الترابية" في "عاصمة" مملكته. فقد أكد نادال، في مقابلة نشرتها صحيفة (ليكيب) الفرنسية مؤخرا أنه شعر بالخوف قبل "نهائي رولان جاروس عام 2012. بسبب الأمطار؟ بسبب ديوكوفيتش؟ لا، السبب الرئيسي كان أنني خسرت أمامه قبلها ثلاث مرات متتالية في الجراند سلام. ذلك النهائي في رولان جاروس كان شديد الأهمية. لم أنم كثيرا الليلة التي سبقته". ولا يختلف الوضع كثيرا قبل نهائي رولان جاروس هذا العام، فقد خسر نادال آخر أربعة لقاءات جمعته ب"نولي"، وآخرها في نهائي بطولة روما لتنس الأساتذة التي سبقت ثاني بطولات الجراند سلام الأربع الكبرى، وهو الأمر الذي أقر به في تصريحات أدلى بها عقب الفوز على البريطاني آندي موراي في نصف نهائي البطولة الفرنسية. ولكن "رافا" استدرك بقوله، "ولكن أعتقد أنني أتحسن يوما تلو الاخر، ستكون لي حظوظ (في نهائي رولان جاروس) أكبر مقارنة بنهائي روما"، حينما خسر أمام اللاعب الصربي بنتيجة 4-6 و6-3 و6-3. ولم يخطئ نادال في اعتقاده، فالأرقام تعكس تحسنا كبيرا في مستوى "رافا" داخل "عاصمته" عما كان حاله خارجها. فقد خسر "الماتادور" أمام مواطنه ديفيد فيرير في دور ال8 لبطولة مونت كارلو لتنس الأساتذة، بمجموعتين نظيفتين، بواقع 7-6 (7-1) و6-4 ، الا أن "رافا" ثأر لهذه الهزيمة في ربع نهائي بثلاث مجموعات لواحدة، بواقع 4-6 و6-4 و6-1 و6-0. كما انعكس هذا التحسن في أداء وأرقام نادال أمام موراي، ففي قبل نهائي روما فاز "رافا" على اللاعب البريطاني بمجموعتين مقابل واحدة، لكنه لم يخسر أي مجموعة في اللقاء الذي جمعهما في قبل نهائي رولان جاروس. ورغم أن البعض قد يرى أن المباراة الكبيرة التي خاضها البريطاني أمام الفرنسي جايل مونفيس في دور ال8 ، والتي احتكما فيها لمجموعة خامسة لحسم نتيجة اللقاء كان لها أثر على مباراة "رافا"، فإن هذا لا يقلل من تطور أداء اللاعب الإسباني مقارنة بالمباراة السابقة التي جمعتهما. ففي رولان جاروس، فاز ب91% من نقاط الارسال الأول و57% من نقاط الإرسال الثاني، مقارنة ب67% و52% على الترتيب، في حين بلغ متوسط سرعة ارسال نادال 177 كلم/س، ما يطمئن جماهيره على تعافيه من الام الظهر التي عانى منها في بعض لحظات البطولة. ولكن الضغوط لا تقع على عاتق نادال وحده، وانما يطال اللاعب الصربي جزء ليس بالهين منها، حسبما يرى عم نادال ومدربه توني نادال، وأكده ديوكوفيتش في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب التأهل للنهائي على حساب مفاجأة البطولة إرنستس جولبيس، الذي سبق وأطاح بفيدرير والتشيكي توماس بيرديتش. فقد أكد كلاهما أن عدم فوز اللاعب الصربي بالبطولة، حتى في أفضل مواسمه 2011 حتى الآن، يمثل ضغطا على "نولي"، الذي فاز بلقب بطولة أستراليا أربع مرات (2008 و2011 و2012 و2013) وويمبلدون (2011) وأمريكا المفتوحة (2011). ولكن لقب رولان جاروس استعصى على "نولي" والسبب بسيط: نادال، ما يزيد الضغوط التي تثقل كاهل اللاعب الصربي قبل المواجهة المرتقبة. فمنذ تألقه في 2011 ، حرمه رافا من اللقب في نصف نهائي 2013 ونهائي 2012 ، بينما تكفل فيدرير باخراجه من نصف نهائي نسخة 2011 ، ليظل اللقب الوحيد الذي يعانده، رغم الثقة التي يؤكد أنه يتحلى بها على الأقل في النسختين الماضيتين من البطولة، الأمر الذي لا يختلف كثيرا قبل هذه الموقعة. المعطيات لم تختلف كثيرا عن نهائي ويمبلدون 2011 ، فكلا اللاعبين يعانيان من ضغوط وعينا ديوكوفيتش على صدارة التصنيف، وهو أمر لا ينكره، فإذا كان "نولي" قد فاز بتلك الموقعة وأكل عشب ويمبلدون احتفالا بانتصاره، ترى ماذا سيفعل في "عاصمة" مملكة نادال؟.