تأخذ المباراة المرتقبة، التي ستقام مساء الخميس في وارسو وتجمع بين منتخبي إيطاليا وألمانيا في الدور نصف النهائي من كأس أوروبا لكرة القدم التي تستضيفها بولندا وأوكرانيا حتى الأوّل من شهر تموز/يوليو القادم، طابعاً مختلفاً عن بقية مباريات البطولة؛ إذ تطغى عليها نكهة الثأر من جانب المانشافت. ويسعى المنتخب الألماني إلى استرجاع شيئ من هيبته أمام نظيره الإيطالي، الذي يتفوّق عليه تاريخياً، حتى أصبح يشكّل له عقدة في كلِّ مرّة يتواجهان. تفوّق إيطالي تاريخي لعب الفريقان 30 مباراة، كان الفوز فيها للأزوري في 14 مناسبة، في حين فاز المانشافت 7 مرّات وكان التعادل حاسماً في 9 مرّات. سجّل المنتخب الإيطالي 45 هدفاً في حين مُنيت شباكه ب34 هدفاً. ولم يسبق للمنتخب الألماني أن استطاع الفوز على نظيره الإيطالي في أيٍّ من البطولات الرسمية، إن كان على الصعيد القاري أو الدولي، إذ خاض المنتخبان مباراتين في البطولة الأوروبية انتهيتا بالتعادل (1-1) في يورو 1988 في ألمانيا نفسها، و(0-0) في يورو 1996 في إنكلترا. في حين لعبا خمس مباريات في بطولات كأس العالم، ففاز الإيطاليون 3 مرّات وتعادلا مرّتين.
ولعل أكثر ما يثير في نفوس لاعبي المنتخب الألماني الشعور بالثأر، هو فوز المنتخب الإيطالي بكأس العالم 2006، على أرضهم بعد أن أقصاهم من الدور نصف النهائي، بهزيمتهم على يده (0-2)، بعد تمديد الوقت، حين سجّل فابيو غروسو والقائد أليساندرو دل بيرو هدفي اللقاء في الدقيقتين (119 و120) على التوالي.
وتحمل مباراة الغد في طياتها حسابات خاصة لكلا الطرفين الطامحين لبلوغ المباراة النهائية. ويبدو أن الحذر في التعاطي مع تفاصيلها سيكون السمة الأبرز، والمشهد الأكثر جلاءً؛ إذ أنهما قدّما خلال البطولة أداءً مميّزاً أمكنهما من الوصول إلى الدور نصف النهائي. الطريق نحو نصف النهائي وكان المنتخب الإيطالي تعادل مع إسبانيا وكرواتيا بنتيجة واحدة (1-1)، قبل أن يفوز على إيرلندا (2-0) في الدور الأوّل، ويتجاوز إنكلترا في رُبع النهائي (4-2) بركلات الترجيح، بعد أن فرض التعادل السلبي نفسه على الوقتين الأصلي والإضافي. في حين وصل المنتخب الألماني بثلاثة انتصارات في الدور الأوّل (1-0) على البرتغال، و(2-1) على كلٍّ من هولندا والدنمارك، ليكلِّل مسيرته الناجحة في رُبع النهائي بفوز عريض على اليونان (4-2).
ويُمنِّي الألمان النفس بأن يحذو حذو المنتخب الإسباني، الذي كان يعاني من المشكلة نفسها أمام فرنسا واستطاع في رُبع النهائي أن يفوز (2-0)، ليحقّق بذلك أوّل فوز ضمن بطولة قارية أو دولية. وهذا ما أكّده لاعبو المانشافت في تصريحاتهم التي أعقبت تأهّل المنتخب الإيطالي لمواجهتهم. إذ اعتبر المهاجم الألماني المخضرم ميروسلاف كلوزه أنهم قادرون على هزم إيطاليا على الرغم من المستوى الفني الرفيع التي ظهرت به أمام إنكلترا وقال: لقد تدرّبنا جيداً ونحن في جهوزية تامة.. لقد سيطر الإيطاليون على الكرة وضغطوا على الإنكليز في منطقتهم. لكن ذلك لن يحصل معنا. نحن نملك استراتيجية مختلفة ونعرف نقاط ضعفهم وقوتهم".
في حين رأى مدرّب المنتخب الألماني يواكيم لوف أن التغييرات التي حصلت للكرة الإيطالية لن تقف حائلاً أمام لاعبيه للوصل إلى النهائي الأوروبي. مهمة برانديلي إيجاد بدلاء للأساسيين في المقابل سيكون على تشيزاري برانديلي مدرّب المنتخب الإيطالي إيجاد البديل المناسب لكلٍّ من جورجيو كيليني واينياسيو اباتي ودانييلي دي روسي المصابين وكريستيان ماجيو الموقوف لنيليه إنذارين. وعلى الرغم من ذلك، فإن التفاؤل يسود المعسكر الإيطالي، ويبدو اللاعبون واثقين من انتقالهم لخوض المباراة النهائية أمام الفائز من لقاء البرتغال وإسبانيا اليوم الأربعاء، حيث اعتبر نجم الأزوري اندريا بيرلو أن ألمانيا خائفة من إيطاليا، وقال: "لقد درسنا جميع مباريات ألمانيا على الفيديو، وندرك أنه يمكننا القيام بذلك، هم يريدون الثأر لكننا نريد الفوز والوصول إلى المباراة النهائية".
ويحلم بيرلو، أن يضمّ لقب كأس أوروبا إلى لقب كأس العالم 2006، الذي فاز به مع زملائه الحارس جانلويجي بوفون ودي روسي وأندريا بارزاغلي، لكن ذلك سيتعارض بشكل أكيد مع طموح خصومهم فيليب لام، وبير ميرتساكر، باستيان شفاينشتايغر، ولوكاس بودولسكي وكلوزه الذين خسروا أمامهم في نصف نهائي مونديال 2006. ولاشك أن حسم اسم المتأهّل إلى المباراة النهائية من هذا اللقاء سيكون أقرب إلى ضرب من التنبؤ والتبصير، للتقارب الكبير في المستوى والأداء مع أفضلية مبدئية للمنتخب الألماني، الذي كسب يومي راحة أكثر من المنتخب الأزرق، عدا عن كونه يخوض اللقاء بصفوف متكاملة مع تأكيد عودة شفانشتايغر المتعافي من الإصابة. التشكيلتان المحتملتان وتبقى التكهنات بالتشكيلتين اللتين سيخوض بهما المنتخبان المباراة المصيرية، إذ يُعتقد أن لوف سيعود للتشكيلة الكلاسيكية: مانويل نوير (لحراسة المرمى)، فيليب لام، جيروم بواتينغ، هولغر بادشتوبر، وماتس هوميلز (لخط الدفاع)، باستيان شفاينشتايغر، سامي خضيرة، مسعود أوزيل، و لوكاس بودولسكي، وتوماس مولر (أو لارس بندر) (لخط الوسط) وماريو غوميز (أو ميروسلاف كلوزه) (لخط الهجوم). التشكيلتان المحتملتان فيما ستدفع الإصابات التي يعاني منها المنتخب الإيطالي المدرّب برانديلي إلى القيام بعدة تغييرات أبرزها في خط الدفاع مع إمكانية اعتماده على الخطة (4-5-1) بدلاً من (4-3-1-2)، ويمكن أن تكون كما يلي: جيانلويجي بوفون (لحراسة المرمى)، فريديريكو بالزاريتي، أندريا بارزالي، ليوناردو بونوتشي وانجلو أغبونا (لخط الدفاع)، أندريا بيرلو، كلاوديو ماركيزيو، ريكاردو مونتوليفو، أليساندرو دياميني، وأنطونيو نوتشيرينو (لخط الوسط)، وماريو بالوتيلي (لخط الهجوم). نقاط الضعف والقوّة لطالما عُرف المنتخب الإيطالي بصلابة دفاعه وقوّة حراسه، واعتماده الكامل عليهما في طريقه للفوز في أية مباراة، لكنه ظهر بصورة مختلفة في هذه البطولة، إذ كان من الواضح انتقاله إلى الهجوم وتهديد مرمى خصومه ونجاحه عبر هذه البوابة من بلوغ الدور نصف النهائي. ويعوّل برانديلي على قائد الفريق وحارس العرين بوفون، ومايسترو الوسط بيرلو ونجم مانشستر سيتي الإنكليزي بالوتيلي الذي رغم تسجيله هدفاً رائعاً في مرمى إيرلندا، فإنه لم يبلغ بعد المستوى المطلوب منه بعد إفساده العديد من الفرص المحقّقة وهو على باب المرمى. فيما يبدو التخوّف الكبير من خط الدفاع بسبب الغيابات الكثيرة التي يعاني منها، إما بسبب الإصابة أو الإيقاف. من الجهة الأخرى تبدو أوراق لوف أكثر قوّة، إذ أنه يخوض اللقاء بصفوف مكتملة، وجهوزية كاملة من الناحية البدنية لحصول لاعبيه على وقت راحة يزيد بيومين عن الأزوري، ما يعني أن الماكينات تستعد لسماع الصافرة التي ستعلن لهم عن بدء عملهم على المستطيل الأخضر. ويمتلك المدرّب الألماني، الذي عانى من مرارة الخسارة في نصف نهائي مونديال 2006، عندما كان حينها مساعداً للمدرّب يورغن كلينسمان، عدة أوراق رابحة في كلّ المراكز. بدءاً من الحارس نوير مروراً بخط الدفاع الذي يقوده لام، وصولاً إلى خط الوسط القوي الذي يضمّ خضيرة وأوزيل وشفاينشتايغر وبودولسكي وانتهاءً بغوميز وكلوزه.
ويعتبر المنتخب الإيطالي الأكثر تسديداً على مرمى الخصم ب50 تسديدة صحيحة بين القائمين والعارضة، وبمعدل 12.5 تسديدة في المباراة. في حين جاء المانشافت رابعاً ب33 تسديدة، وبمعدل 8.25 في المباراة. وتفوّق المنتخب الألماني على نظيره الإيطالي من حيث السيطرة على الكرة إذ حلّ ثانياً (57%) خلف إسبانيا (61%)، وأمام روسيا (56%) وإيطاليا حلّت رابعة (54%). وتلقّت شباك بوفون هدفين في أربع مباريات بمعدل 0.5 في المباراة، ما وضع إيطاليا في المركز الثاني خلف إسبانيا التي هُزّت شباك حارسها إيكر كاسياس مرّة واحدة وكانت عبر المهاجم الإيطالي أنطونيو دي نتالي ليكون معدلها 0.25%، في حين هُزّت شباك نوير أربع مرّات ليكون معدل ألمانيا هدفاً في المباراة في المركز السابع. وحلّ المنتخب الإيطالي ثانياً أيضاً خلف إسبانيا من حيث التمريرات الصحيحة، إذ مرّر لاعبوه 2055 تمريرة، فيما مرّر لاعبو ألمانيا 2052 كرة صحيحة.