نتابع منذ سنوات وحتى الآن الحالة العامة لعالم المستديرة، وفي خضم المنافسات المشتعلة على اختلاف المسابقات العالمية قلما نشاهد تغييرا في مقاعد الصف الأول في مجلس الكرة العالمي، ومن يراقب التصفيات الجارية على مستوى المنتخبات في كل قارات العالم سيجد بأن الكبار يفرضون سيطرتهم على الرغم من إجتهاد من هم أصغر، وفي القارة الأوربية تحديدا سنجد بان عراقة المنتخب ومكانته العالمية لازالت تضعه على رأس المجموعات التسعة في التصفيات المؤهلة لمونديال البرازيل، فهل يعد هذا واقعا صار تغيره ضربا من المستحيل، أم أنه اصبح تصنيفا لا تبديل لقدره المحتوم ؟. وكي نكون أكثر واقعية في طرحنا هذا لابد بأن نستثني بعض الحالات النادرة جدا حينما اجتهد الصغار بل وسادوا التصنيفات لفترة وجيزة قبل ان يسقطوا مجددا، تماما كما حصل مع المنتخب اليوناني حين احرز يورو 2004 على سبيل المثال لا الحصر. إذا هو واقع واضح جدا للجميع لا يحتاج الى الدليل لإثباته، وإنما يحتاج للتحليل والتعمق لمعرفة اسبابه. إن من أكثر ما يحيرني هو تركيبة هذه المنتخبات، فالمتابع للدوريات الاوربية ولا سيما انديتها الكبيرة سيجد بانها تركيبة متنوعه الجنسيات، وسنجد لاعبين كُثر تعج بهم صفون الاندية الاوربية العريقة ويقدمون اعلى المستويات، وهم بطبيعة الحال ليسوا بالضرورة من جنسيات المنتخبات العريقة، اي ليسوا بالضرورة إسبان أو طليان او المان أوانكليز، بل انهم فسيفساء متنوعة من جنسيات العالم بامتداده، إلا ان معظمهم لا يؤدي في منتخب بلاده كما يفعل للنادي الذي يرتدي قميصه، لا ادري إن كنت سأظلمهم لو انني رددت السبب الى المال، فالاجور السخية هي الحافز الاقوى للاعب بلا منازع، وقد يعود الأمر للخوف من الإصابات، فاللعب المجاني للمنتخب قد لا يستحق التعرض للإصابه عند بعض اللاعبين. وقد يعود ذلك الى نفسية اللاعب او ما يمكن ان نسميه ثقافة الفوز والثقة بالنفس، فلاعب المنتخبات العريقة هو بطبيعة الحال مطالب بالفوز مهما كان المنافس، في حين يغيب ذلك عن المنتخبات الصغيرة التي كثيرا ما سعت الى التعادل او الخروج باقل الخسائر حين تواجه من هو اكبر منها، وكل ذلك يتصل بثقة اللاعب بنفسه وخبرة المدرب في تهيئة اللاعبين نفسيا. وفي هذا السياق لا بد من ذكر بعض الحالات التى كان لدور لاعب واحد اثر كبير على منتخب بلاده، فكثيرا ما نهض منتخب بأكمله بمجهود نجم واحد من نجومه، لكن للأسف كثيرا ما كان يأفل هذا المنتخب او ذاك بأفول نجمه الصاعد، ومن تلك الامثلة كان الاوكراني اندريه تشافشنكو الذي جعل منتخب بلاده بين الكبار في فترة مضت، ومنهم ستيتشكوف بلغاريا، ورشيدي ياكيني و اموكاشي نيجيريا، وجورج وياه ليبيرا، بالعودة الى الوراء اكثر سنجد المجري بوشكاش خير دليل على ذلك، حين قاد بلاده الى نهائي كاس العالم، ولعل من ابرز تلك الامثلة على الإطلاق نجم كرة القرن مارادونا حين قاد منتخب بلاده للأمجاد، مع التحفظ على بقاء المنتخب الارجنتيني بين مصاف الكبار على الرغم من غيابه عن الالقاب لفترة طويله مابعد مارادونا ولعل ميسي يكون المنقذ الجديد. إذا هي جدلية كبيرة قد لا نجد لها تفسيرا واضحا او سببا شافيا، لكنها واقع يفرضه عالم المستديرة حتى الآن.