تندرج الزيارة بالمؤسسات السجنية ضمن حقوق النزيل الأساسية والمنصوص عليها في المواثيق الدولية، وتكتسي أهمية بالغة في تعزيز الأواصر الأسرية والحفاظ على تواصله مع العالم الخارجي بما يسهم في تأهيله لإعادة الإدماج. وحسب تقرير أنشطة المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج برسم سنة 2017، تحرص المندوبية على تهيئة الفضاءات المناسبة وتجهيزها وتوفير الموارد البشرية اللازمة لمرور الزيارة في أحسن الظروف، إذ بلغ عدد الزوار خلال سنة 2017 ما مجموعه مليونين و257 ألف و925 زائرا. وقامت المندوبية العامة خلال سنة 2017 بإطلاق تجربة فريدة في هذا المجال، ويتعلق الأمر بالشروع في تشييد وحدات للزيارة العائلية بالمركب السجني الأوداية بمراكش، على غرار الوحدة التي تم افتتاحها أواخر سنة 2017 لفائدة الأحداث نزلاء مركز الإصلاح والتهذيب عين السبع بالدار البيضاء، وتتوفر على عدة مرافق وخدمات، وتتيح للنزلاء المستفيدين قضاء وقت أطول مع عائلاتهم، وذلك بمعدل ستة نزلاء في اليوم على امتداد خمسة أيام في الأسبوع، بشرط تمتع النزيل المعني بالسلوك الحسن والانخراط في البرامج التعليمية والتكوينية داخل المؤسسة، وهو ما سيشكل، حسب نفس الوثيقة، حافزا قويا للنزلاء القاصرين لتحسين سلوكهم وتجاوز انعكاسات السجن على نفسيتهم. وتسعى المندوبية من خلال هذه المجهودات إلى تجاوز مجموعة من الإكراهات والسلبيات التي تشوب تنظيم عملية الزيارة، كتباين المدة الزمنية المخصصة لها وإمكانية تفشي بعض مظاهر الابتزاز والرشوة والتمييز في الاستفادة منها، إذ دفعت هذه الإشكاليات المندوبية العامة الى التفكير في ضرورة إيجاد حلول ناجعة لتجاوزها، حيث قامت خلال سنة 2017 ببلورة مشروع يهدف إلى تحديث وتحسين زيارة عائلات نزلاء المؤسسات السجنية، وحظي هذا المشروع بموافقة اللجنة الوزارية للاستفادة من دعم صندوق تحديث الإدارة العمومية. ولتنفيذ هذا المشروع، سيتم خلال سنة 2018، إنجاز تشخيص للمرافق الخاصة بالزيارة على مستوى الأصناف الأربعة للمؤسسات السجنية، وإعداد تصميم لمنظومة الاستقبال وتفعيلها، من خلال إعادة تهيئة هذه المرافق وإنجاز نظام معلوماتي، مع إخضاع الموظفين المكلفين بالزيارة إلى تكوين متخصص في تقنيات الاستقبال، مما سيتيح توحيد نظام الزيارة بجميع المؤسسات السجنية، وتقنين وتبسيط الاجراءات المعتمدة، وضبط الاحصائيات بدقة أكثر، وكذا تسهيل عمل الموظفين. وعلى مستوى التواصل عن طريق الهاتف الثابت، يضيف التقرير، وسعيا منها إلى تعزيز تواصل السجناء مع ذويهم عبر الهاتف الثابت، خاصة المنحدرين منهم من مدن بعيدة، قامت المندوبية العامة بإطلاق مشروع تثبيت نظام الاتصالات الهاتفية الخاص بنزلاء السجون، وقد تم إرساء هذا النظام بالسجنين المحليين عين السبع 1 وعين السبع 2 بالدار البيضاء خلال سنة 2016، ونظرا لما أبانت عنه هذه المرحلة التجريبية من نجاعة، ومدى مساهمة هذا النظام في تحقيق تواصل النزلاء مع ذويهم في اطار الالتزام بتحقيق التوازن المطلوب بين الاحتياجات الأمنية والرعاية وإعادة الإدماج، فإن المندوبية العامة تعتزم خلال سنة 2018 تعميم هذا النظام على جميع المؤسسات السجنية عبر مراحل، حيث سيتم البدء ب15 مؤسسة سجنية كمرحلة أولى وذلك بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة مع شركة الاتصالات. أما بخصوص زيارة الجمعيات، فتضطلع جمعيات المجتمع المدني والمهتمة بالشأن السجني بدور هام في تأهيل السجناء لإعادة الإدماج من خلال التواصل معهم عن طريق مختلف الأنشطة التي تشرف على تنظيمها داخل المؤسسات السجنية، وقد وصل عدد الجمعيات النشيطة في هذا المجال خلال سنة 2017 إلى 151 جمعية أشرفت على تنظيم أزيد من 2383 نشاطا لفائدة نزلاء السجون، وقد تنوعت هذه الأنشطة ما بين ما هو فني وتوعوي وترفيهي واجتماعي. وفي نفس السياق، أشارت الوثيقة إلى مشروع الإذاعة السجنية راديو " إدماج"، الذي يندرج في إطار سعي المندوبية العامة إلى إحداث منبر تواصلي متميز داخل المؤسسات السجنية، يتيح تثقيف النزلاء وتحسيسهم من خلال بث برامج إذاعية هادفة في مختلف المجالات، وكذا برامج ترفيهية وفنية من إعداد زملائهم بما يتيح انفتاحهم على المحيط الخارجي وتيسير إعادة إدماجهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم. وذكرت أن المشروع الذي أعلن عنه سنة 2016، انطلق بإبرام اتفاقية شراكة خلال سنة 2017 بين المندوبية العامة ومؤسسة محمد السادس لإعادة ادماج السجناء والمجلس الوطني لحقوق الانسان والرابطة المحمدية للعلماء وكذا الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، مشيرة إلى أنه في سياق تفعيل هذه الاتفاقية، تم عقد اجتماع بمقر المندوبية العامة لدراسة الإجراءات والحاجيات المتصلة بإطلاق "راديو ادماج" في جوانبها المادية والإدارية والتقنية، وكذا الموارد البشرية في إطار التزامات كل طرف من الأطراف المعنية. وسينطلق هذا المشروع الذي يستهدف في مرحلة أولى جميع نزلاء السجن المحلي عين السبع 1 بالدار البيضاء، بتهيئة مقر الإذاعة المذكورة وتجهيزه بالمعدات الأساسية واللازمة، مرورا بانتقاء الكفاءات البشرية وتنظيم دورات تكوينية لفائدتها في مجالات التنشيط والتواصل والاعلام، على أن يتم إطلاق البث التجريبي خلال سنة 2018.