كان على وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، عبد القادر اعمارة، أن ينزل الى الواقع ويهبط من برجه العاجي قبل أن يقدم ما قدمه من أرقام حول عملية الكهربة القروية التي كان يفترض أن تنتهي في 2007، هذا ما أكدته مصادر متطابقة، ردا على تصريحات اعمارة بمجلس المستشارين أول أمس الثلاثاء، والتي قال فيها إن أكثر من 98 في المائة من نسبة كهربة العالم القروي أنجزت. وأوضحت المصادر ذاتها، أن ما جاء على لسان عمارة لا يمت للواقع بصلة، في ظل وجود العشرات بل المئات من الدواوير دون ربط بالشبكة الكهربائية، كما أن مئات الأعمدة التي تم انباتها في مختلف المناطق لا تعم، وقالت المصادر إن نسبة كهربة العالم القروي لا تتجاوز في الأصل 60 في المائة، وأن كثيرا من المناطق النائية لا زالت تئن تحت الظلام، رغم المطالب المتواصلة بربطها بالشبكة، بل إن كثيرا من الدواوير توجد في مناطق قريبة من الطريق، ولا تستفيد من الكهرباء، وهو ما اعتبرته المصادر فشل ذريع للعملية التي لم تحقق المطلوب منها. ورغم أن تاريخ مشروع الكهربة في العالم القروي على المستوى الوطني يرجع إلى أزيد من ربع قرن من الزمن، حيث بدأ بإنشاء لجنة وزارية مشتركة بين الوزارات للكهربة القروية في سنة 1975 من أجل وضع برامج العمل، إلى أن وتيرة الإنجاز ظلت بطيئة وتميزت بكثير من البيروقراطية، وهو ما جعل آلاف السكان بدون كهرباء مع أن المغرب دخل الألفية الثالثة، وقد دفع الوضع المتدخلين لإعادة النظر في مشروع الكهربة القروية، بوضع مقاربة أكثر مرونة وأكثر فعالية، الشيء الذي أدى إلى ميلاد برنامج الكهربة القروية الشاملة سنة 1996، والذي لم يكن بدوره ناجحا. وأشارت المصادر إلى أن المغرب يواجه كثيرا من التحديات بشأن هذا البرنامج الذي سيتم تمديد العمل به لسنوات أخرى دون أن يستكمل أهدافه، مؤكدة أن تصريحات اعمارة جاءت خارج السياق، وافتقدت إلى معطيات حقيقية وواضحة. هكذا سيجد العالم القروي نفسه في ظلام دامس خصوصا ان كثيرا من الدواوير التي تمت كهربتها لم تنجح فيها العملية إما بسبب ارتفاع التكلفة أو بسبب مشاكل فنية أعادت الأمور إلى نقطة الصفر وهو ما يتطلب مجهودا وطنيا إضافيا، تؤكد المصادر، وليس تصريحات مجانية من مسؤول حكومي يفتقد إلى الدقة.