في أول لقاء تواصلي يجمع مسؤولي محكمة النقض ورئاسة النيابة مع المكتب التنفيذي الجديد لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، أكد مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن التعاون بين القضاة والمحامين هو "السبيل الوحيد للنهوض بالعدالة في المغرب". وقال فارس في اللقاء ذاته، والذي نظم بمحكمة النقض بالرباط، اليوم الخميس، إن "القاضي والمحامي هما شركاء في الدفاع عن القيم المثلى وعن العدالة في أبهى صورها"، مضيفا أن القضاء القوي والمستقل يحمي الحقوق والحريات ويضمن الاستقرار، بينما المحاماة الكفأة والجادة هي من "تسهل لهذا القضاء إيصال الحقوق إلى أهلها في أجل معقول و تمهد له الطريق إلى ذلك"، وفق تعبير فارس. وبعدما عبر عن اعتزازه بعقد هذا اللقاء التواصلي مع أعضاء جمعية هيئات المحامين، أشار فارس إلى أن هذا الاجتماع يحمل "الكثير من الرمزية ويتضمن دلالات عميقة وقوية"، كونه ينعقد "في ظرفية جديدة تتميز بتنصيب جلالة الملك محمد السادس للمحلس الأعلى للسلطة القضائية وممارسة هذا المحلس لمهامه، وكذلك انتخاب المحلس الجديد للجمعية والذي يضم مجموعة من خيرة النقباء والمحامين"، يقول فارس. ووفق الرئيس الأول لمحكمة النقض والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، فإن التعاون بين مسؤولي القضاء والمكتب الجديد لجمعية هيئات المحامين "سيعرف مسارا جديدا وقويا "، داعيا في هذا الصدد الى استثمار مثل هذه اللقاءات التواصلية في "مد السجور وخلق آليات للتفكير المشترك"، من أجل "تحقيق العدالة الناجزة القوية والمستقلة" قبل أن يشدد بالقول إن "ذلك لن يتاتى إلا بتعاون مثمر وجاد ومتوزان بين القضاة والمحامين". من جانبه، أكد محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أن "إصلاح العدالة لن يتم بدون شموله لجميع مكوناتها، ولاسيما المحامين الذين هم مطالبون بالانخراط في مسلسل إصلاح العدالة الذي يقوده جلالة الملك بعد أن حدد أركانه ومعالمه بمقتضى خطاب 20 غشت 2009″، وهي المعالم، "التي يتم تنزيلها منذ سنوات بمقتضى تغييرات ثورية في الدستور وفي القوانين وفي مقدمتها القانونان التنظيمان"، يقول عبد النباوي، الذي أن ضاف أن المحامون "مطالبون بالانخراط في برنامج هذا الإصلاح تلقائيا، لما تمثله مهنتهم من قيم نبيلة وما تجسده من معاني عميقة في نظام العدالة". وبعدما نوه بالمبادرات التي يقوم بها النقباء دفاعاً عن أعراف المهنة وقواعد السلوك الخاصة بالمحامين، قال عبد النباوي إن "جمعية هيئات المحامين مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بوضع استراتيجية واضحة لإصلاح المهنة، في سياق الإصلاح الشمولي لمنظومة العدالة، مضيفا أن "إصلاح المهنة يتطلب وضع برنامج محدد المعالم، يستهدف نقط الضعف التي تمت معاينتها على أرض الواقع، والنهوض بأوضاع المهنة وأوضاع أعضائها". وبحسب المسؤول الأول عن النيابات العامة بالمغرب، فإن هذا الإصلاح مهنة يبدأ من "التكوين الأساسي والمستمر، وترسيخ الأخلاق المهنية في التعامل بين المحامين، ومع الهيئات القضائية ومع الزبناء والموكلين"، وكذا "تحديد أشكال مساهمة المحامي بالنقاشات المجتمعية، بما لا يمس بأخلاقيات المهنة ولا يخدش في مصداقية نسائها ورجالها، ووضع قواعد لأخلاق المهنة مكتوبة من طرف جمعية هيئات المحامين". وشدد عبد النباوي على ضرورة أن يهتم الإصلاح ب"النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمحامين"، وذلك من خلال "البحث عن مصادر لتمويل صناديق لمساعدة المحامين المبتدئين، أو الذين يمرون بظروف مادية أو صحية صعبة، ووضع أنظمة للمعاش وللمساعدة الصحية خاصة بالمحامين". كما شدد المتحدث ذاته على ضرورة "تشجيع الانتقال إلى المحاماة الإلكترونية من أجل التخلي عن الأساليب التقليدية في تبادل المذكرات الدفاعية، وتطوير وسائل التقاضي الإلكترونية، وكذا تشجيع تخصص المحامين"، علاوة على "ضبط العلاقة بين المحامي وموكله باتفاقات مكتوبة، على غرار ما يجري به العمل في بعض التشريعات للحد من الشكايات والنزاعات في مجال الأتعاب، والتفكير في وضع مؤشرات لتحديد الأتعاب".