وصف حكيم بن شماش، رئيس مجلس المستشارين، حصيلة العمل التشريعي والرقابي للغرفة الثانية ب"المتميزة"، حيث قال إنه "على الرغم من أن الدورات البرلمانية لأكتوبر من كل سنة غالبا ما تتسم بضغط القانون المالي، نظرا للتعبئة الاستثنائية التي يفرضها على جميع مكونات المجلس للانخراط في دراسته المعمقة خلال الأجل المحدد بالقانون التنظيمي لقانون المالية، فإن الحصيلة المسجلة خلال هذه الدورة تضفي عليها ميزة أخرى تجعلها امتدادا للولاية البرلمانية التأسيسية ولمرحلة استكمال البناء الدستوري والمؤسساتي والحقوقي، لما شهدته من المصادقة على مشروعي قانونين تنظيمين، وعلى نصوص ذات علاقة بتنظيم مؤسسات وطنية هامة، وأخرى تؤسس لحقوق دستورية أساسية للمواطنين". وكشف بنشماش في كلمة له، بمناسبة اختتام دورة أكتوبر للسنة التشريعية 2017-2018، أمس الثلاثاء، أن مجلس المستشارين وافق على 26 نصا تشريعيا، موزعة على 25 مشروع قانون ومقترح قانون واحد، ضمنها نصوص تتعلق باستكمال البناء المؤسساتي، من قبيل مشاريع القوانين المتعلقة بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وبإعادة تنظيم كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وبالحق في الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية القوانين تطبيقا لأحكام الفصل 133 من الدستور. أما على مستوى الاتفاقيات الدولية، يضيف بنشماش، فقد تميزت الحصيلة بالمصادقة على 12 مشروع قانون يوافق بموجبها على مجموعة من الاتفاقيات التي وقعتها المملكة المغربية، منها ما يتعلق بالعلاقات الثنائية مع عدة دول شقيقة وصديقة همت أساسا الفضاءين العربي والأوروبي، ومنها ما يدخل في إطار العلاقات متعددة الأطراف، همت إفريقيا بالخصوص عبر وضع النظام الأساسي وإنشاء المقر الاجتماعي لصندوق "إفريقيا 50″، بالإضافة إلى اتفاقية صادق عليها المجلس (بالأغلبية)، وهي الاتفاقية المبرمة بين المملكة المغربية ومملكة الأراضي المنخفضة حول الضمان الاجتماعي، والتي من شأنها حماية حقوق الجالية المغربية بهذا البلد. وأوضح رئيس الغرفة الثانية أن هذا المجهود المشار إليه تطلب عقد "35 جلسة عامة بمدة زمنية قاربت 61 ساعة"، موزعة على 20 جلسة للمراقبة و12 جلسة تشريعية و3 جلسات مشتركة مع مجلس النواب، عقدت إحداهما للتضامن مع الشعب الفلسطيني على إثر قرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. أما على مستوى عمل اللجان الدائمة، فقد أشار بنشماش إلى أن الدراسة والتصويت على مشروع القانون المالي للسنة المالية 2018 والميزانيات الفرعية للقطاعات الحكومية، تطلب ما مجموعه 44 اجتماعا، استغرقت ما يقارب 170 ساعة من العمل، كما تقدمت الفرق والمجموعات ب 188 تعديلا تم قبول 41 منها. وفيما يخص دراسة باقي النصوص القانونية، فقد تدارست اللجان الدائمة 30 نصا، إذ وصل مجموع الاجتماعات المنعقدة لأجل ذلك 82 اجتماعا بمجموع 256 ساعة عمل تقريبا، يقول بنشماش، الذي أضاف أنه "لا يزال مطروحا على جدول أعمال اللجان الدائمة استكمال الدراسة أو الشروع في مناقشة 19 مشروع قانون و41 مقترح قانون." وأفاد رئيس المجلس بأن مجموع التعديلات المقدمة على 7 مشاريع قوانين (ضمنها مشروع قانون المالية) من النصوص المصادق عليها بلغ "588 تعديلا" أي بمعدل 84 تعديلا عن كل مشروع، قبلت منها الحكومة حوالي "105 تعديلا"، مما يشكل نسبة لا تتعدى 18 في المائة من العدد الإجمالي للتعديلات، داعيا في هذا السياق الحكومة إلى "إبداء المزيد في المرونة اتجاه المبادرات التشريعية للمستشارين، تعزيزا لعلاقات التعاون بين الجهازين التشريعي والتنفيذي". أما على المستوى الرقابي، فقد قال رئيس مجلس المستشارين إن اللجان الدائمة، توصلت خلال الدورة المنتهية، وفي الفترة الفاصلة التي سبقتها ب" 13 طلبا جديدا لدراسة مواضيع عامة (12 طلبا من فرق ومجموعات المجلس وطلب واحد من الحكومة)، انعقد منها اجتماع هم لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بحضور وزير التربية الوطنية لدراسة موضوع الدخول المدرسي والجامعي 2017-2018، وثلاثة اجتماعات للجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية حول "المدونة العامة للضرائب" و"سعر الصرف المرن" بحضور والي بنك المغرب، فضلا عن تجاوب وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان مع طلب لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لمناقشة تدارس الوضع الاجتماعي لمدينة جرادة. كما تقدمت لجان المجلس خلال نفس هذه الفترة، يشير بنشماش، ب" 13 طلبا للقيام بمهام استطلاعية أو بزيارات ميدانية لمواقع معينة"، موضحا أن الحكومة تفاعلت مع خمسة منها، كما تم إنجاز واحدة منها من قبل لجينة فرعية منبثقة عن لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان إلى السجن المدني لأيت ملول (2) بتاريخ 23 يناير 2017 وقفت خلالها عن كثب على أوضاع وظروف الساكنة السجنية بهذه المؤسسة، "بينما لا تزال الإجراءات جارية بخصوص أربعة مهام الاستطلاعية اخرى تفاعلت معها الوزارات المعنية بالإيجاب، وننتظر رد الحكومة حول باقي الطلبات"، يقول بنشماش. ووفق رئيس المجلس ، فإنه بالإضافة إلى الآليات التقليدية لمراقبة العمل الحكومي، المتمثلة بالأساس في الأسئلة وأشغال اللجان الدائمة، شرعت "كل من اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول المكتب الوطني المغربي للسياحة واللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول ترخيص الحكومة باستيراد النفايات في مباشرة مهامهما"، في حين "لا تزال الإجراءات جارية لتشكيل اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول "مآل الاتفاقية الجماعية الموقعة بتاريخ 17 فبراير 1998 والبرنامج الاقتصادي المصاحب لها، المرتبطين بإغلاق شركة مفاحم المغرب بجرادة وتصفية ممتلكاتها، وعلاقة ذلك بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى اندلاع احتجاجات اجتماعية بالمدينة في الآونة الأخيرة"، وذلك طبقا لأحكام القانون التنظيمي المتعلق بلجان تقصي الحقائق". وعلى صعيد آخر، عقد مجلس المستشارين، بحسب رئيسه، خلال دورة أكتوبر 2017، 16 جلسة للأسئلة الشفهية، أجابت الحكومة خلالها على 276 سؤالا منها ضمنها 52 سؤالا آنيا و224 سؤالا عاديا من أصل 592 سؤالا شفهيا تم التوصل به خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين ودورة أكتوبر 2017، مضيفا أن الجلسات المذكورة ، تميزت بمعالجة عدد من القضايا الآنية التي استأثرت باهتمام كبير على مستوى الرأي العام الوطني والإعلامي، منها "الحادث المأساوي الذي شهده السوق الأسبوعي بجماعة سيدي بولعلام بمدينة الصويرة، أحداث منجم الفحم بجرادة، الإجراءات الحكومية لفك العزلة عن المناطق المتضررة من التساقطات الثلجية، حادث تلوث مياه سد سيدي محمد بن عبد الله، مواجهة الخصاص الحاد في مياه الشرب في عدد من مناطق البلاد". من جهة أخرى، أكد رئيس المجلس أن أجندة هذا الأخير خلال الدورة التشريعية المقبلة "ستكون مزدحمة وحافلة باستحقاقات وتحديات"، ضمنها "استكمال تفعيل الهندسة الدستورية عبر إرساء المؤسسات المنصوص عليها بمقتضى الدستور"، و"إعادة النظر في النظام الداخلي للمجلس"، وذلك في أفق "تمكين مؤسستنا من إطار تنظيمي يستجيب لما خوله الدستور من صلاحيات ولم لا وفق منظور جديد للعمل البرلماني يروم إدماج مختلف القضايا المستجدة والطارئة على المستوى الوطني والدولي بما يضمن القيمة المضافة لمؤسستنا في سياق الثنائية البرلمانية"، وفق تعبيره بنشماش، الذي دعا كافة مكونات مجلس المستشارين إلى "الانخراط وفق ما تستلزمه اختصاصاته للتتبع اليقظ لمسارات ترشح ابلادنا لاحتضان تنظيم كأس العالم"، والقيام بواجبها خلال التعبئة لاحتضانها أو بما يجب من مسؤولية وطنية في حالة ما إذا استقر الرأي على تنظيمها بالمغرب.