بعد عشر سنوات من انطلاق المشروع، يفتتح متحف اللوفر أبوظبي في العاصمة الاماراتية أبوابه اليوم الأربعاء، على جزيرة السعديات، حاملا راية الصرح التاريخي الشهير للمرة الأولى خارج بلده الأم فرنسا، ورسالة تسامح في منطقة الخليج. بمشاركة العديد من قادة الدول. على أن يفتح أمام الجمهور يوم السبت المقبل. وسيقوم 13 متحفا فرنسيا على مدى السنوات العشر المقبلة بإعارة قطع تاريخية وفنية الى المتحف في دولة الامارات ولمدة سنتين كحد أقصى لكل قطعة. وسيعرض المتحف 300 قطعة معارة من هذه المتاحف، بينها "بونابرت عابرا الالب" لجان لوي دافيد (فرساي) و"رسم ذاتي" لفنسنت فان غوخ (متحف اورساي). لكن الدولة الخليجية التي يمثل المتحف بالنسبة لها أداة جديدة في إطار تعزيز "القوة الناعمة" التي تستخدمها، عملت في السنوات الأخيرة على شراء مجموعتها الخاصة من القطع الفنية لعرضها في اللوفر ابوظبي. وإلى جانب القطع المعارة، سيعرض الاماراتيون القطع التي تمكنوا من شرائها طول العقد الماضي وعددها نحو 250 قطعة، بينها لوحة للرسام ادوار مانيه واعمال لبيت موندريان وعثمان حمدي. وتقول السلطات الاماراتية ان المتحف الجديد هو الاول من نوعه في العالم، وقد ب ني في البحر على جزيرة السعديات بالقرب من ساحل أبوظبي. ورغم ان الغالبية العظمى من الاعمال ستتركز حول التاريخ والديانة، الا ان نحو خمسة بالمئة منها ستكون مخصصة للفن الحديث. ومن بين المعروضات نسخة من القرآن من القرن السادس عشر وانجيل وتوراة سيتم عرضها بشكل يظهر آيات تحمل المعاني ذاتها. ويرى رئيس معهد العالم العربي في باريس جاك لانغ الذي كان وزيرا للثقافة في فرنسا حين حصل اللوفر على هرمه الزجاجي، ان المتحف في ابوظبي "أكثر عالمية بكثير من اللوفر في باريس". والمتحف ثمرة اتفاق وقع في 2007 بين ابوظبيوباريس. ويمتد الاتفاق على ثلاثين عاما وتوفر في إطاره فرنسا خبرتها وتعير أعمالا فنية وتنظم معارض موقتة في مقابل نحو مليار دولار نصفها لاسم اللوفر وحده. ومو لت حكومة أبوظبي بناء المتحف الذي قد رت كلفته الاساسية ب654 مليون دولار. ورفض المسؤولون الاماراتيون والفرنسيون الكشف عن الكلفة النهائية للمشروع الثقافي الاضخم في المنطقة. واستوحى جان نوفيل الحائز جائزة "بريتكز" العالمية، الفن المعماري العربي، لتصميم هذا "المتحف المدينة" الذي تعلوه قبة ضخمة قطرها 180 مترا مرصعة بالنجوم تدخل أشعة الشمس من خلالها عبر فتحات تذكر بانسياب النور من بين الاوراق المسننة لسعف اشجار النخيل. ويبدو المتحف أشبه بحي مصغر من مدينة البندقية الايطالية حيث تتجاور المياه مع عماراته الموزعة في منطقة رملية تقع قرب البحر. ومنذ انطلاق فكرة إنشائه، أراده الفرنسيون والاماراتيون "أول متحف عالمي في العالم العربي" على أن يكون رمزا "للانفتاح والتسامح". وهو يعرض بتقنية عالية المواضيع العالمية ويركز على التفاعلات المشتركة بين الحضارات، بدلا من التصنيف المتبع عادة بتسلسل الحضارات. ويتوقع المتحف استقبال نحو خمسة الاف زائر في الايام الاولى بعيد افتتاحه أمام الجمهور يوم السبت المقبل، بحسب ما يفيد محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي. وقال المسؤول الاماراتي "نتوقع قدوم زوار من كل انحاء العالم لكونه متحفا عالميا"، مضيفا "الزائر من الصين سيجد بعضا من تاريخ بلده هنا، والامر نفسه ينسحب ايضا على الزائر من الهند مثلا". في أول أجنحته، غرفة هادئة عرضت فيها نسخة من القرآن تعود الى القرن التاسع عشر، كتبت بالذهب على مخطوطات زرقاء، والى جانبها كتاب توراة يمني، وانجيل من القرن الثالث عشر. لكن نجمة الاعمال الفنية في المتحف، بنظر المنظمين، هي لوحة "الحد ادة الجميلة" لليوناردو دا فينشي وهي لوحة معارة من متحف اللوفر في باريس. ويشكل افتتاح المتحف في العاصمة الاماراتية محطة جديدة في سباق "القوة الناعمة" الدائر بين دولة الامارات العربية المتحدة وجارتها قطر. واللوفر ابوظبي هو واحد من ثلاثة متاحف من المقرر اقامتها في ابوظبي، الى جانب غوغنهايم والشيخ زايد، في مؤشر الى الاهمية التي توليها السلطات لتطوير السياحة الثقافية على اراضيها. والامارات رابع أكبر منتجي الخام في منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" وتبلغ احتياطاتها المؤكدة 98 مليار برميل. وإلى جانب افتتاح اللوفر، من المفترض أن يجري الرئيس الفرنسي محادثات سياسية اقتصادية في المنطقة قد تتطرق الى الازمة الدبلوماسية مع قطر، والتوتر الخليجي الايراني، ومقاتلات رافال التي تسعى فرنسا لبيعها الى دول المنطقة الغنية بالنفط.