من المنتظر أن يحل كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة بالمنطقة المغاربية في إطار جولة تبتدئ من 20 مارس الجاري الى 3 أبريل المقبل بغرض عرض عدد من الأفكار الجديدة واختبارها والتي يفترض أن تشكل قاعدة للمفاوضات المقبلة، حيث إن قرار مجلس الأمن المقبل حول الصحراء سيعتمد على الخلاصات والنتائج التي ستسفر عنها هذه الجولة. في هذا الإطار، أكد الناطق باسم الأممالمتحدة "إدوارد دي لبوي" في تصريح للصحافة "أن الهدف من الجولة هو الإعداد للمفاوضات المقبلة، مبرزا في الوقت نفسه أن التطورات الحاصلة اليوم في مالي وتزايد أخطار عدم الاستقرار والأمن في منطقة الساحل وخارجها يجعلان (التوصل) إلى حل للنزاع في الصحراء ضروريا ومستعجلا وأكثر إلحاحا من أي وقت مضى. وأضاف مساعد المتحدث الأممي، بأن الهدف من هذه الجولة هو "تحضير المرحلة المقبلة في عملية التفاوض واحتمال استئناف المحادثات المباشرة بهدف التوصل إلى حل سياسي مقبول"، موضحا أن روس سيجري "مشاورات" في هذا الشأن مع المغرب والبوليساريو، وكذا مع الدول المجاورة"، أي الجزائر وموريتانيا. وكان روس قد قام بإنهاء سلسلة من المفاوضات غير الرسمية في نونبر الماضي، والتي أشرفت عليها الأممالمتحدة بين طرفي النزاع المغرب والبوليساريو منذ 2009، بعد تسع جولات من التفاوض دون الخروج بنتيجة تذكر، ويأمل روس في أن "تسمح "هذه المشاورات" بإجراء لقاءات جديدة مباشرة بين الأطراف المعنية". وتعتبر هذه الجولة في نظر بعض المراقبين بمثابة "تحضير للمرحلة المقبلة في عملية التفاوض واحتمال استئناف المحادثات المباشرة بهدف التوصل إلى حل سياسي متبادل ومقبول من الطرفين. وقبل الجولة المقبلة، شهد الملف منعطفين الأول وهو قرار روس بإنهاء المفاوضات غير المباشرة بسبب فشلها وضرورة الانتقال إلى صيغة جديدة من المفاوضات، والثاني هو الجولة التي قام بها خلال يناير وبداية فبراير الماضيين في عدد من العواصم الدولية الكبرى المشكلة لما يعرف ب "مجموعة اصدقاء الصحراء" وهي إسبانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وروسيا. وستنتهي مهام المينورسو في نهاية أبريل المقبل، وسيتم تجديدها بدون شك لمدة سنة أخرى لفسح المجال أمام مفاوضات جديدة بتصور جديد. وقد يحدث أن يفشل روس في إقناع الأطراف المعنية بالتصور الجديد للمفاوضات، ووقتها قد يجد مجلس الأمن نفسه مجبرا على اتخاذ قرار لفرض المفاوضات. ويلاحظ مراقبون أن الجولات التسع التي أشرف عليها روس من أجل التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، لم تخرج عن نطاق الدائرة المفرغة والتي بقي النزاع المفتعل حول الصحراء أسيرا فيها منذ سنوات طويلة، حيث لم ينجح المبعوث الشخصي في مهمة التقريب بين مواقف المغرب والبوليساريو المتباعدة جدا، نظرا لعدم تفاعل المبعوث الأممي بالشكل المنتظر مع المقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي في الصحراء، والذي اعتبر في حينه من لدن المجتمع الدولي عرضا وجديا قابلا للتطبيق، وحظي بترحيب دولي كبير. كل ذلك في الوقت الذي لن تقدم الجزائر وصنيعتها البوليساريو أي شيء، واكتفتا باجترار مقولتي " "الاستفتاء و"تقرير المصير". وإلى حدود الساعة، بقي عمل روس يدور في إطار ما يمكن اعتباره مجرد سياسة في العلاقات العامة ومحاولة إبقاء دور له في النزاع، بعدما لم يعد قادرا على الانسحاب ولم يفلح في طرح حل ما على الأطراف المعنية. وبدل ذلك سقط روس في دوامة الانحياز، عندما قدم تقريرا لمجلس الأمن اتهم فيه المغرب، ب "عرقلة مهمة المينورسو في الصحراء"، و"انتهاك حقوق الانسان بالصحراء"، وهو ما شكل تناقضا واضحا مع مهمته الأساسية وهي الوساطة في إطار الحياد التام بين الطرفين، الشيء الذي دفع المغرب إلى سحب ثقته منه، على خلفية سلوكاته التي زادت من تأزيم أجواء المفاوضات. وأمام تلك السلوكات فإن الجولة المقبلة تضع أكثر من علامات استفهام حول "الأفكار الجديدة" التي يدعي أنه يحملها معه ليعرضها على الأطراف المعنية من أجل تحريك قطار المفاوضات المتوقف منذ السنة الماضية.