يرتقب أن يواصل الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة تراجعه خلال السنة الجارية، إذ تتوقع المندوبية السامية للتخطيط أن يتراوح حجم الموجودات الخارجية الصافية ما بين شهرين ونصف وثلاثة أشهر من تغطية الواردات، وهو المستوى الذي وصفه محللون اقتصاديون بالمقلق، خصوصا في غياب ضمانات حول مدى تحسن المؤشرات المرتبطة بالعوامل المؤثرة في نمو هذا الاحتياطي الذي سجل منحى تنازليا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة بحيث انتقل من قرابة السنة إلى أزيد من 5 أشهر خلال سنة 2011 ثم 4 أشهر كمعدل السنة المنتهية التي سجل الفصل الأخير منها انخفاض هذا الاحتياطي إلى ما دون الثلاثة أشهر من تغطية الواردات. وبنت المندوبية السامية للتخطيط توقعاتها المذكورة حول مستوى الاحتياطي الوطني من العملة الأجنبية على فرضية ارتفاع نسبة الاستثمار الخارجي المباشر ب3 بالمائة وفرضية استقرار معدل الدين العمومي في حدود 60 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وكذا على احتمال توصل المغرب بما يناهز 2,5 مليار دولار من خلال شراكته الغستراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي، وهو الأمر الذي من شأنه، حسب توقعات المندوبية المعلنة خلال الندوة الصحفية الأخيرة التي عقدها أحمد العلمي لحليمي المندوب السامي للتخطيط في بحر الأسبوع الجاري بالدار البيضاء حول وضعية الاقتصاد الوطني خلال السنة المنتهية وآفاق تطوره خلال الحالية، أن يرفع حجم الموجودات الخارجية للبلاد وقدراتها الممكنة من تغطية الواردات الوطنية إلى ثلاثة أشهر بدل الشهرين والنصف المتوقعة في السيناريو الأول للمندوبية. وفي هذا الصدد، اعتبر المهدي الحلو المحلل الاقتصادي أن وضعية الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة التي يرتقب أن تستمر في مستوى دون الثلاثة أشهر من الواردات مقلقة، خصوصا أنها تعني معاناة البنك المركزي من استنزاف كبير لمخزوناته من العملة الأجنبية نتيجة تفاقم العجز التجاري وانخفاض المداخيل الخارجية التي كان يعتمد عليها لإقامة توازناته المالية والتي كان يتوصل بها بكيفية عادية سواء منها المتأتية من المديونية الخارجية أو تحويلات المهاجرين المغاربة أو من القطاعات التصديرية، مبرزا في تصريح ل"رسالة الأمة" أن التراجع المذكور يظهر مدى مستوى الاختلالات التي يعاني منها ميزان الأداءات والأوضاع الاقتصادية بشكل عام المؤدية إلى تسجيل المنحى التنازلي لحجم مخزونات البلاد من الموجودات الخارجية طوال السنوات الثلاثة الأخيرة والتي ساهم الأداء الحكومي واستفحال الأزمة الاقتصادية لمنطقة اليورو في عدم تحسنها، مرتقبا استمرار هذا التدهور خلال الفترات المقبلة بفعل تفاقم الأزمة الاقتصادية بكل من فرنسا وإسبانيا الشريكين الأساسيين للمغرب بالاتحاد الأوربي. من جهته، أكد عبد الخالق التوهامي المحلل الاقتصادي في تصريح ل"رسالة الأمة" أن وضعية الاحتياطي الوطني من العملة الصعبة المتوقعة من قبل المندوبية السامية للتخطيط يمكنها أن تكون غير مقلقة في حال توفر الظرفية الملائمة لتحسن العوامل المؤثرة في نمو هذا الاحتياطي خلال الفترات المقبلة، مؤكدا أن هذا المستوى -أي حجم الاحتياطي من العملة الأجنبية- يمكنه أن يكون جد مقلق إذا ما استمر تدهور القطاعات الخارجية الجالبة للعملة الصعبة بفعل استفحال الظرفية الاقتصادية المتأزمة للشركاء الاقتصاديين الأوروبيين وفي حال تأخر وصول التمويلات الخليجية...