تجتاح معظم مناطق اقليمازيلال موجة برد قارس، تزامن مع التساقطات المطرية والثلجية التي تهاطلت على غالبية جماعات الاقليم نهاية الأسبوع المنصرم، حيث تعيش هذه المناطق حصارا ثلجيا متواصلا، ازدادت حدته وأدى إلى انخفاض درجات الحرارة إلى مستويات متدنية جدا تصل إلى ما تحت الصفر بكثير، مما سجل خلال هذه الأيام تزايد الإقبال على اقتناء مواد التدفئة من فحم حجري وفحم الخشب، كما شهدت محلات بيع آليات التسخين بمختلف أنواعها طلبا متزايدا. وفي هذا الصدد، صرح صاحب محل لبيع آليات التسخين بمدينة ازيلال، أن الإقبال على اقتناء هذه الأخيرة ازداد بشكل ملحوظ منذ شهر نونبر الماضي وهو الأمر الذي لم يعهده في مثل هذه الأوقات منذ افتتاح محله، وقد عزا هذا الإقبال الشديد، وخصوصا على آليات التسخين التي تشتغل بالكهرباء، إلى انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير وبرودة المنازل التي لم تعد مقاومتها تنفع مع الأغطية كما تعود أغلب المواطنين خلال موسم الشتاء، بل أصبحت تتطلب آليات تتغلب على البرد القارس وتضفي الدفء في أرجاء المنازل وتطرد القشعريرة عن أجساد المواطنين. وأكدت مصادر محلية من جماعة انركي، في حديث هاتفي مع «الجريدة»، أن غالبية دواوير الجماعة حاصرتها في عطلة نهاية الأسبوع تساقطات ثلجية، نجم عنها إغلاق كل المنافذ المؤدية إلى المركز القروي لانركي، حيث يمكن لسكان هذه المناطق تبضع ما يحتاجونه. وأوضحت مصادر أخرى أن بعض المناطق عرفت تساقط ثلوج كثيرة، تسببت في أضرار كبيرة لبعض المزروعات المعيشية المحدودة بالمنطقة كما أنها تأتي مصحوبة بموجات برد قارس يمكن أن تؤدي إلى تجمد كافة الموارد المائية، ببعض المناطق كزاوية احنصال وانركي وايت عبدي.... وتضطر هذه الظروف الصعبة والقاسية سكان هذه المناطق إلى تذويب الثلوج أو تدفئة المياه المتجمدة للحصول على كميات قليلة منها لتلبية حاجاتهم اليومية. وقالت مصادر متطابقة إن الرعي وتربية المواشي تظل من أكبر الأنشطة المتضررة جراء موجة البرد الحادة التي تجتاح المنطقة، إذ أشارت إلى أن الكثير من مربي الماشية، خاصة الماعز والأغنام يضطرون إلى الترحال بحثا عن أماكن تتوفر بها موارد للرعي. وأضافت أن مربي الماشية بأعالي جبال ازيلال، وفي ظل ندرة الكلأ وغلاء الأعلاف، يقصدون في الغالب مناطق الدير كافورار بني عياط وتيموليلت، حيث يكترون مراعي نظير مبالغ مالية تصل أحيانا إلى ملايين السنتيمات. ويشتكي السكان بهذه المناطق من غياب الدعم، خاصة توفير الأعلاف، إذ أدت موجة البرد إلى ارتفاع صاروخي في أسعار الشعير مثلا، الذي يستخدم بكثرة. وفي السياق نفسه، يدفع البرد الشديد سكان المداشر القروية، الذين تتخذ أغلبيتهم الساحقة من الجبال أماكن لتشييد مساكنها، إلى البحث عن سبل للحصول على مصادر للتدفئة، إذ يضطرون إلى شراء الحطب، الذي عرفت أسعاره ارتفاعا ملحوظا، نظرا للإقبال الكبير عليه لمحاربة الزمهرير الذي يجمد أوصال المنطقة وسكانها. إلى ذلك، قال سعيد اوبراهيم فاعل جمعوي بأربعاء نقبلي، إن المنطقة وسكانها «يعانون الأمرين جراء البرد»، موضحا أنهم "يعيشون بين مطرقة الفقر والحرمان وسندان الإهمال والتهميش الذي تتعرض له المنطقة". وأشار إلى أنه رغم البرد وحصار الثلوج فإن السلطات المحلية والمنتخبين ومؤسسات التضامن "لم تقدم يد العون إلينا". كما أفاد بعض المواطنين أنهم يستعدون لقساوة برد الشتاء أواخر فصل الصيف، حيث يعملون على تخزين حطب التدفئة وتحضير الأغطية والملابس الصوفية لاستقبال ما يطلقون عليها ب"ليالي موتى" إذ تنزل درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر، كما أن هناك بعض سكان ازيلال لازالوا يجتمعون حول ما يطلق عليه ب"الكانون"، إضافة إلى اعتماد بعض الأسر في الحصول على الدفء على نباتات تساعد على بقاء النار مشتعلة لفترة طويلة... ومن جهة أخرى، وحسب أحد الأطر الطبية، فقد تؤدي موجة البرد القارس التي تجتاح المنطقة إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالالتهابات الحادة في الجهاز التنفسي خاصة عند الأطفال أقل من 05 سنوات، كما تؤدي إلى إصابة بعض مرضى الحساسية والربو ببعض المضاعفات. هذا وقد عبر عدد من تلاميذ المؤسسات التعليمية عن استيائهم من غياب التدفئة بأقسام مؤسساتهم، الشيء الذي يصيب الكثير منهم بعدم التركيز في متابعة الدروس، كما تعرف المراكز الصحية الحضرية والقروية غياب التدفئة مما يستدعي تدخلا لتزويد هذه المراكز الصحية والمؤسسات التعليمية بآليات التدفئة لمواجهة قساوة البرد.