تجددت المخاوف من تكرار سيناريو فاجعة أنفكو بالعديد من المناطق الجبلية المعزولة بمرتفعات الأطلسين الكبير و المتوسط . و شهدت مختلف هذه المناطق خلال الأيام الأخيرة تساقطات ثلجية استثنائية و انخفاضا قياسيا في درجات الحرارة نزلت تحت حاجز الصفر . و تؤكد تقارير المراسلين المتواترة على الجريدة أن المنافذ المؤدية الى العديد من الدواوير و الجماعات المتواجدة بسفوح الأطلسين الكبير و المتوسط محاصرة بالثلوج و أن ساكنة هذه المواقع يوجدون تحت رحمة الثلوج و يستنفذون تدريجيا مخزونهم المحدود من المواد الغذائية و حطب التدفئة ، مما يرشح الوضع الى المزيد من التأزيم ، و ينذر بوقوع مآسي جديدة تعيد الى الأذهان صور فاجعة أنفكو قبل خمس سنوات التي سقط خلالها عدة ضحايا من رضع و أطفال الدوار ، متأثرين بالبرودة الاستثنائية و غياب سبل التنقل الى المراكز العلاجية العمومية . وفي هذه الأثناء تجتاح معظم مناطق اقليمأزيلال موجة برد قارس غير معهود، تزامن مع التساقطات المطرية والثلجية التي تهاطلت على غالبية جماعات الاقليم نهاية شهر نونبر الماضي و منها زاوية أحنصال و أنركي و تبانت ، حيث تعيش هذه المناطق حصارا ثلجيا متواصلا، ازدادت حدته وأدى إلى انخفاض درجات الحرارة إلى مستويات متدنية جدا تصل إلى ما تحت الصفر بكثير في الساعات الأولى من الصباح. و قد سجل خلال هذه الأيام تزايد الإقبال على اقتناء مواد التدفئة من فحم حجري وفحم الخشب، كما شهدت محلات بيع آليات التسخين بمختلف أنواعها طلبا متزايدا، وفي هذا الصدد صرح صاحب محل لبيع آليات التسخين بمدينة ازيلال ، أن الإقبال على اقتناء هذه الأخيرة ازداد بشكل ملحوظ منذ شهر ، وهو الأمر الذي لم يعهده في مثل هذه الأوقات منذ افتتاح محله، وقد عزا هذا الإقبال الشديد، وخصوصا على آليات التسخين التي تشتغل بالكهرباء ، إلى انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير. وأكدت مصادر محلية من جماعة انركي ، في حديث هاتفي مع » العلم «، أن غالبية دواوير الجماعة حاصرتها في عطلة نهاية الأسبوع الماضي تساقطات ثلجية ، نجم عنها إغلاق كل المنافذ المؤدية إلى المركز القروي لانركي ، أين يمكن لسكان هذه المناطق تبضع ما يحتاجونه. وأوضحت مصادر أخرى أن بعض المناطق عرفت تساقط قطع الثلج ، تسببت في أضرار كبيرة لبعض المزروعات المعيشية المحدودة بالمنطقة كما أنها تأتي مصحوبة بموجات برد قارس يمكن أن تؤدي إلى تجمد كافة الموارد المائية، ببعض المناطق و تدفع هذه الظروف الصعبة والقاسية سكان هذه المناطق إلى تذويب الثلوج أو تدفئة المياه المتجمدة للحصول على كميات قليلة منها لتلبية حاجاتهم اليومية. وأكدت مصادر متطابقة أن الرعي وتربية المواشي تظل من أكثر الأنشطة المتضررة جراء موجة البرد الحادة التي تجتاح المنطقة، إذ أشارت إلى أن الكثير من مربي الماشية، خاصة الماعز والأغنام يضطرون إلى الترحال بحثا عن أماكن تتوفر بها موارد للرعي.وأضافت أن مربي الماشية بأعالي جبال أزيلال ، وفي ظل ندرة الكلأ وغلاء الأعلاف، يقصدون في الغالب مناطق الدير كافورار بني عياط و تيموليلت ، حيث يكترون مراعي نظير مبالغ مالية تصل أحيانا إلى ملايين السنتيمات . ويشتكي السكان بهذه المناطق من غياب الدعم، خاصة توفير الأعلاف، إذ أدت موجة البرد إلى ارتفاع صاروخي في أسعار الشعير مثلا، الذي يستخدم بكثرة.وفي السياق نفسه، يدفع البرد الشديد سكان المداشر القروية ، والذين تتخذ أغلبيتهم الساحقة من الجبال أماكن لتشييد مساكنها، إلى البحث عن سبل للحصول على مصادر للتدفئة،و يضطرون إلى شراء الحطب، الذي عرفت أسعاره ارتفاعا ملحوظا، نظرا للاقبال الكبير عليه . إلى ذلك، صرح فاعل جمعوي باربعاء نقبلي ، إن المنطقة وسكانها «يعانون الأمرين جراء البرد»، موضحا أنهم «يعيشون بين مطرقة الفقر والحرمان وسندان الإهمال والتهميش الذي تتعرض له المنطقة». وأشار إلى أنه رغم البرد وحصار الثلوج فإن السلطات المحلية والمنتخبين ومؤسسات التضامن «لم تهب إلى تقديم يد العون إلينا».و السكان ينتظرون المساعدات التي تعودوا عليها للتخفيف من معاناتهم في موسم يعتبر هذا العام من أشده حيث التساقطات الثلجية وصلت إلى مناطق لم تألفها سابقا.