منذ أن اعترفت فرنسا بسيادة المغرب على صحرائه، ازداد النظام الجزائري توترًا وبدأ يتخبط في علاقاته مع فرنسا، محاولًا القضاء على معارضيه، وخسر أصدقاءه السابقين، ليكتسب أعداء جدد. وفي هذا السياق، يرى الأستاذ وليد كبير، في تصريح ل"رسالة 24″، أن البيان الصادر عن القصر الإليزي تميز بنبرة حادة وغير مسبوقة، حيث لم تعد باريس تتعامل بمنطق المجاملة والخصوصية التاريخية مع الجزائر. ويضيف كبير أن البيان الصادر عن القصر الإليزي وليس عن وزارة الخارجية الفرنسية، يؤكد أن الرئيس ماكرون تولى زمام الأمور من أجل الرد الصارم على طرد الجزائر لعدد من الموظفين العاملين في البعثة الدبلوماسية الفرنسية. موضحًا أن رد فعل فرنسا كان سياديًا صارمًا، مما وضع الجزائر في موضع المدان على المستوى الدولي بسبب خرقها ما وصفته فرنسا ب "القواعد القضائية الأساسية". ويشدد الأستاذ كبير على أن البيان الإليزي استعمل عبارة "القرار غير المبرر وغير المفهوم"، مما يعني أن فرنسا ترفض المبررات التي قدمتها الجزائر بشأن طرد الموظفين في السفارة الفرنسية بالعاصمة الجزائر. كما حمل البيان مسؤولية التدهور الحاد في العلاقات بين البلدين، مما يُعد إدانة رسمية من القصر الإليزي للنظام الجزائري، وهو إجراء لم يتخذ منذ سنوات. ويرى المتحدث أن باريس قررت إنهاء سياسة ضبط النفس التي كانت تمارسها تجاه النظام الجزائري. ومنذ عام 1962، كانت هناك أزمات بين البلدين، لكن لم تصل الأزمة الأخيرة إلى هذه الحدة. فالبيان أشار إلى ضرورة احترام الالتزامات المتعلقة بأمن فرنسا القومي، والتعاون في ملف الهجرة. ويؤكد الأستاذ كبير أن التصعيد بين البلدين يتعلق بملف أمني حساس مرتبط بمخطط اغتيال وعمليات تجسس قامت بها الأجهزة الاستخباراتية الجزائرية عبر موظفيها الدبلوماسيين الذين كانوا يشتغلون في أنشطة غير قانونية. وكان النظام الجزائري يسعى للتغطية على هذه الأنشطة عبر البيان الرسمي. ويلمس المتحدث لغة مزدوجة في البيان الصادر عن القصر الإليزي، حيث تجمع بين الحزم والانفتاح. نبرة صارمة أكدت أنه لا يوجد تراجع فرنسي عن موقفها الثابت في ملف الصحراء المغربية، إذ أن التصعيد الجزائري ليس مرتبطًا بطرد الموظفين الدبلوماسيين فحسب، بل إن جوهر الأزمة مرتبط بالموقف الفرنسي الثابت من سيادة المغرب على الصحراء. ويخلص كبير إلى أن هناك تغيرًا جذريًا في اللهجة الفرنسية تجاه الجزائر، عنوانه الأساسي: "لن نصبر على التجاوزات، لن نتسامح مع الخرق الأمني الفرنسي، ولن نتراجع عن مواقفنا السيادية". ويعتقد المعارض الجزائري أن النظام فتح مواجهة خطيرة مع فرنسا في توقيت خاطئ وسياق دولي لا يخدمه، في ظل المشاكل التي يواجهها مع العديد من الدول، وخسارته الكثير من الأصدقاء، بينما أضاف إلى قائمته العديد من الأعداء، وهو ما لا يخدم مصلحة الجزائر.