تزامنا مع محاكمة ما بات يعرف ب”سمسار الأحكام القضائية”، الذي أثار الكثير من الجدل، بعد أن ظهر في مقطع فيديو، وهو يفاوض امرأة حول مبلغ مالي لقاء التوسط لها من أجل تقليص مدة محكومية والدتها، وجه محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أمس (الاثنين)، منشورا إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية، حول “التصدي للنصب بمحيط المحاكم.” وطالب عبد النباوي في منشوره، الذي تتوفر “رسالة 24” على نسخة منه، رئاسة النيابة العامة ب”تشديد المراقبة على الأشخاص الوافدين على المحاكم، والذين لا تكون لديهم قضايا تخصهم”، مشددا على ضرورة “تتبع سلوكاتهم واتصالاتهم داخل المحاكم، من أجل ضبط المخالفين منهم.” ودعا المسؤول الأول عن النيابات العامة بالمملكة، الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف، وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، إلى “تكليف مصالح الشرطة القضائية بالقيام بنفس المهام بمحيط المحاكم وبالأماكن العمومية القريبة منها لضبط الأشخاص الذين يتعاطون لمثل هذه الأعمال.” وحث عبد النباوي على “بذل الجهود اللازمة بتنسيق مع رئاسة المحكمة والشرطة القضائية وباقي الفاعلين في حقل العدالة لتحصين فضاء المحكمة وتنظيم الولوج إليها دون المساس بعلانية الجلسات، ومراقبة محيطها الخارجي لضبط الأشخاص الذين يترددون على جنبات المحاكم دون أن تكون لهم أغراض تخصهم، ويهدفون إلى استغلال حاجات المتقاضين وادعاء إمكانية التدخل لفائدتهم مقابل مبالغ مالية، ملحقين بهم وبسمعة القضاء ضررا فادحا، بهدم الثقة التي يسعى الجميع إلى تعزيزها.” كما دعا عبد النباوي، المسؤولين القضائيين عن النيابات العامة إلى “تحسيس مرتفقي المحكمة بكل الوسائل المتاحة بخطورة الوقوع في شراك النصب، وتوجيههم إلى ضرورة سلوك المساطر القانونية لاقتضاء حقوقهم”، مع “إيلاء تبليغاتهم بهذا الخصوص العناية اللازمة ومباشرة الإجراءات القانونية فورا مع اتخاذ القرارات الصارمة التي من شأنها تحقيق الردع العام والخاص.” واستهل عبد النباوي منشوره بالإشارة إلى “استمرار بعض الأشخاص في تعاطي النصب داخل فضاء المحاكم، أو بالأماكن العمومية القريبة من محيطها، مستغلين هشاشة بعض المتقاضين وظروفهم لادعاء قدرتهم على إيجاد حلول لقضاياهم المعروضة على المحاكم، أو التدخل لفائدتهم لدى بعض الجهات القضائية مقابل مبالغ مالية مختلفة”. وقال المسؤول ذاته إنه “إذ كانت المجهودات المبذولة من طرف الدولة لتخليق الحياة العامة تشكل خيارا ثابتا، فإن الانخراط في هذه المجهودات بعد من أولويات السياسة الجنائية التي اعتمدتها رئاسة النيابة العامة منذ شروعها في مزاولة اختصاصاتها.” ونبه المسؤول نفسه إلى أن “بعض الظواهر المرتبطة بالفساد، والمتمثلة في احتراف بعض الأشخاص لعمليات النص على المتقاضين، بادعاء كونهم سماسرة لبعض المنتمين للمهن القانونية والقضائية، ما تزال تخدش صورة العدالة لدى الرأي العام، وتمس بسمعة القضاء وباقي ممتهني العدالة”، وهي “بلا شك تؤثر في مستوى ثقة المتقاضين بالقضاء مما يجعل التصدي لها أولوية من أوليات السياسة الجنائية”، يؤكد عبد النباوي. وكان مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، قد دعا خلال الكلمة التي ألقاها بمناسبة استقبال المسؤولين القضائيين الجدد بمقر محكمة النقض بالرباط، يوم الخميس الماضي، إلى “المحافظة على حرمة المحكمة ووقار البذلة وهيبة الصفة التي يحاول البعض انتهاكها من المتطفلين والمستهترين والسماسرة الذين يتاجرون بمشاكل الناس وهمومهم ويستغلون جهلهم ونقص خبرتهم ويستفيدون من عدم ضبط ومراقبة ما يتم في ردهات المحاكم ومكاتبها ومحيطها من سلوكات وممارسات منافية للقانون وللقيم.”