جاء على لسان بنكيران يوم الثلاثاء 20 أكتوبر الماضي في خطاب له أمام برلمان حزبه فقرة قال فيها: "اسمحوا لي، هذه الدولة ليست دولة محمد السادس لوحده، هذه دولة محمد السادس ودولة الشعب المغربي، وكافة الشعب المغربي عليه أن يدافع عن مصالح دولته، هذا وعينا، وعلينا أن نستمر لأن التحكم هو الخطر..." لا ندري إلى ماذا كان يهدف بنكيران من وراء هذا الكلام بعد وعيه الذي نظنه جاء متأخرا جدا بأن المغرب دولة للمغاربة، وليست لمحمد السادس وحده أو لمجموعة أشخاص دون باقي المغاربة. لعل بنكيران نسي أنه من المعيب أن يلجأ إلى مثل هذا الكلام وإلى عمق الخلاف بينه وبين المعارضة قافزا على كل الانتقادات الموجهة إليه، كلما التف الحبل حول عنقه، وكلما وجهت إليه الانتقادات بسبب فشله في تدبير عدد كبير من الملفات الاقتصادية والسياسية لصرف نظر المواطنين عن عمق هذا الفشل الذي مني به ويبرره كما فعل منذ توليه رئاسة الحكومة بأن جهات متعددة وليس جهة واحدة تعرقل عمل حكومته، محاولا أن يلقي بالمسؤولية على هذه الجهات التي أصبحت تهدد أمن الدولة في نظره، ناسيا أن فشل السياسة الحكومية هو فشل يمس الدولة التي يتحدث عنها في العمق والجوهر. وأن المعارضة عندما يكون هذا هو الحال، فمن حقها أن تعمل على تقويم الخلل الذي ينتج عن هذه السياسة، وأن تدفع إلى العمل من أجل اتخاذ جميع القرارات التي تصحح هذه الانحرافات للدفع بالحكومة إلى إخراج المشاريع التي يماطل بنكيران في تنفيذها لحسابات تخصه وحده دون جهات أخرى خصوصا ما يتعلق بالعالم القروي. إن ما يتهدد المغرب والمغاربة، هو غياب الأخلاق السياسية وعدم احترام الوعود التي قطعها بنكيران على نفسه قبل أن يتولى حزب العدالة والتنمية مسؤولية تدبير الشأن العام، والذي كان يمني المواطنين برعاية مصالحهم وإخراج المغرب من أزمته الاقتصادية، حيث يتجلى ذلك في أزمة المديونية الخارجية التي ترهن المغرب والمغاربة وتزيد في تأزيم ما هو مؤزم، بدلا من أن يعمل على تقليصها وتخفيضها، وما تخبطه في إخراج الكثير من المشاريع والقوانين إلى حيز التنفيذ إلا عنوان كبير لهذه الأزمة. فما يجب أن يدركه هو أنه قد تخلى عن كل التزاماته في إصلاح كل ما يحتاج إليه المغرب من إصلاحات على جميع المستويات، ناسيا أن أي حكومة لها التزامات أخلاقية من خلال ميثاق اجتماعي يربطها بالمواطنين، والتي ينص فيما ينص عليه قبل كل شيء هو ضمان الأمن الاجتماعي والنفسي والصحي وهذا ما لم تحترمه حكومته على مدى أربع سنوات حيث أغرقت المغرب في الانتظارية في وقت يواجه فيه الكثير من التحديات من جهات خارجية تحاول زعزعة استقراره الداخلي الذي من حيث يدري أو لا يدري يساهم بنكيران في زحزحته بسياسة اللامبالاة التي ينهجها. هذا ما كان عليه أن يدركه قبل أي شيء آخر، وأن لا يحاول القفز على التزاماته السابقة بوعيه المتأخر، إن لم يكن يدخل في سياسته الحربائية، أما المغاربة فقد كانوا واعين دائما فدافعوا عن دولتهم كلما أحسوا أن مخاطر خارجية أو داخلية تحيط بها، ولولا هذا الوعي لما كتب لها أن تستمر.