يسود غليان وتذمر كبيران وسط القضاة بسبب لائحة الأهلية للترقية من درجة إلى درجة أعلى، التي حددتها وزارة العدل والحريات، حيث فوجئ قضاة، ومن بينهم القاضي محمد الهيني، نائب الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة بإسقاط أسمائهم من جدول الترقية لسنة 2015. واعتبر القاضي الهيني حذف اسمه من لائحة الترقية لسنة 2015، رغم أنه سبق تسجيله بجدول سنة 2014 قرارا تعسفيا اتخذه مصطفى الرميد من أجل "الانتقام " منه بسبب مواقفه بخصوص استقلال السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، مشيرا إلى أن الترقية هي حق من "حقوق القاضي لا يمكن المساس بها خارج القانون، لأنها مصدر قوته ورزقه له ولأسرته، وإنصاف لاجتهاده القضائي، وليس هبة ولا منة من طرف وزير العدل حتى يتصرف فيها كيفما يشاء، يعطي لهذا وينزع عن هذا". وقال القاضي الهيني إن إسقاط اسمه من جدول الترقية لسنة 2015 يعتبر قرارا في حد ذاته عقوبة تأديبية جديدة تنضاف للعقوبات الجائرة سابقا، لكونها تمت خارج الدستور والقانون ولم يقررها المجلس الأعلى للقضاء، وفيها خرق لقاعدتي عدم جواز المساس بالحقوق المكتسبة وعدم جواز رجعية القرارات الإدارية، فضلا عن قاعدة عدم تعدد العقوبات الإدارية التي تحرم العقوبة الإضافية والمزدوجة. وأضاف القاضي الهيني في تصريح ل"رسالة الامة"، أنه لا يجوز معاقبة شخص عن فعل واحد مرتين، لكن هذه القاعدة البديهية تم انتهاكها من طرف وزير العدل دون سند قانوني لا في الدستور ولا في النظام الأساسي للقضاة، موضحا في هذا السياق بالقول إنه "لا يوجد أي نص قانوني يحرم القضاة الذين سبق معاقبتهم عن فعل تأديبي من الترقية، ولا يمكن لأي نص أدني أن يقرر ذلك تبعا لقاعدة التراتبية التشريعية المقررة دستوريا". واعتبر القاضي الهيني أن "أسلوب الحرمان من الترقية صار في الآونة الأخيرة سيفا مسلطا على مجموعة من القضاة بقصد المس باستقلاليتهم، إما داخل المحكمة من خلال نشرة التنقيط أو من خلال فرملة الحراك كرد فعل على فشل سياسة الإصلاح القضائي وما عرفه من انتكاسة دستورية، لاسيما أمام تفهم ممثلي الأمة والمجتمع المدني لمطالب القضاة بالاستقلال المؤسساتي عن وزارة العدل، مشيرا إلى أن هذا المعطى دفع بهذه الأخيرة إلى "مواصلة سياسة تكميم الأفواه كعادتها بتفقير القضاة وعائلاتهم"، مما يجعل شعار محاربة الفساد في حقيقته، حسب القاضي الهيني، " تحول إلى شعار محاربة نزاهة القضاة للزج به في محيط اليأس الفكري و أتون الفساد وانعدام الضمير مادام أن المعادلة أصبحت مقلوبة لإسكات أصوات استقلالية القضاء والانتصار لسياسة التطبيل والتصفيق التي تحلو لوزارة العدل ." يذكر أن القاضي الهيني كان قد تعرض لعقوبة تأديبية ثلاثية حرمته من العمل ثلاثة أشهر دون أجر مع نقله من المحكمة الإدارية في الرباط إلى استئنافية القنيطرة بصفته كنائب للوكيل العام حتى يكون تحت إشراف الرميد باعتبار الأخير هو رئيس جهاز النيابة العامة.