تعرف النسبة السكانية المغربية تزايدا نسبيا متسمرا لملء الفضاء الحضري (62بالمائة) على حساب المجال القروي 38 بالمائة. تزايد تزداد وتيرته في أفق 2035، مع توقع بلوغ النسبتين 75 بالمائة و25 بالمائة لمواجهة هذا التطور العمراني المتسارع، في ما يتيحه من آفاق استثمارية تعميرية وتجهيزية موازية، رغم ما يدفع إلى استفحال مضاربات الوعاء العقاري وانتشار البناء العشوائي، واستمرار السكن الصفيحي (لمواجهة كل ذلك) توالى إنشاء الوكالات الحضرية، منذ انفراد الدارالبيضاء الكبرى بوكالاتها بعد أحداث إضرابات الثمانينات، إلى أن بلغت 26 وحدة، منها ما يكتفي بتدبير الفضاء المعماري لعمالة أو إقليم كتمارة أو العرائش، ومنها ما يهم كل مجال المدن الكبرى كالدارالبيضاء والرباط - سلا وطنجة وفاس...بتعامل خاص مع خصوصية الدارالبيضاء الكبرى، فبالإضافة إلى رئاسة مجلس الإدارة المخولة للوالي يوجد على رأسها رئيس - عامل تابع لوزارة الداخلية، بعيدا عن رئاسة مخولة لمؤسسة منتخبة أو تعيينها من طرف القطاع الوزاري المكلف بالتعمير. وكالات واجه ميلادها تحفظ بل تخوف رؤساء الجماعات المنتخبة الذين رأوا فيها تدخلا في صلاحيات الميثاق الجماعي خاصة في ما يتعلق بترخيص البناء والتقسيم والتجزئة، لكن سرعان ما اعترف جلهم بواقع يصعب التمادي في إنكاره، إنها الحاجة الملحة إلى مساعدة العديد من رؤساء الجماعات، غير المتمكنين من فهم التعقيدات القانونية والتقنية التي لم تعد معها النيات الحسنة كافية! فتحولت تدريجيا الوكالات الحضرية إلى تحكم مباشر في الترخيصات للمشاريع الكبرى إلى «السكن الاقتصادي» كي لا يتحول إلى «اقتصاد» في شروط التصميم والبناء. إلا أن الاعتراف بالدور الإيجابي للوكالات الحضرية لا يعني السماح لمصالحها التقنية المتخصصة الخوض في متاهات صغار الترخيصات حتى لمساكن فردية يمكن الاكتفاء بدراستها على مستوى المصالح التقنية الجماعية وإحالتها مباشرة على إمضاء الرئاسة، كي تتفرع الوكالات إلى أهدافها التعميرية، المحتاجة إلى تهييء تصاميم التهيئة وتتبع إنجازها واحترام توجهاتها العمرانية، كما عليها القيام بدور المبادرة البناءة لانطلاق مساطير نزع الملكية من أجل المصلحة العامة التجهيزية، الرياضية، السوسيو اجتماعية الثقافية والمحترمة للمناطق الخضراء الترفيهية. في انتظار ذلك، منذ سنة 2003، يحظى ولاة المدن الكبرى بحق الترخيص الاستثنائي dérogations للمنعشين العقاريين والمقاولين السياحيين والصناعيين والتجاريين، من أجل استغلال وعاء عقاري لم تحسم في مآله تصاميم تهيئة ظلت معطلة التهيئ! وهكذا ستتمكن مئات المشاريع، خلال عدة سنوات من تسهيلات تقنينية استثنائية لإنشاء عمارات وتجزئات قررت اللجنة المعلومة في مساحات بقعها وعلو طوابقها ونوعية مساكنها، لكن تقريرا لمجلس الحسابات سيظهر أن64 بالمائة من الرخص الاستثنائية تؤدي إلى تجهيز تجزئات أو بناء عقارات، تاركة القلة المتبقية لطلبات المشاريع الصناعية والتجارية والسياحية.