تعيش فرعية «الملاقيط» -التي تبعد عن القنيطرة ب65 كيلومترا و عن مدينة سيدي قاسم ب55 كيلومترا، على الطريق الرابطة بين دار الكداري وعلال التازي – ومعها أطر التدريس والتلاميذ أجواء أقلُّ ما يقال عنها إنها لا تربوية، إذ تعيش عزلة قاسية على جميع الأصعدة. وواقع الحال أن ظروفا كهذه تقتل في المدرسين الضمير المهني وروح المبادرة، ويستسلمون لظروف لا صحية جراء الأمراض التي تسببها البرك المائية الواسعة المحيطة بالمؤسسة من كل جانب على مدار العام، مما يهدد بسقوط الأقسام على المتعلمين في كل لحظة، خصوصا أن الماء تسرب إلى ما تحت الأقسام. وبعد أن كان المدرسون يعولون على الإصلاحات المبرمَجة، فإن الأخيرة أتت عكس ما كان منتظرا: إصلاحات عشوائية، بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فإذا بهم ينسون هذا الحلم الجميل مع رياح البرنامج الاستعجالي، التي هبّت على المدرسة بطريقة غير مناسبة، فخضعوا في أحسن الأحوال للمقولة المشهورة «كم من حاجة قضيناها بتركها!»... ويتسم التعليم في فرعية «الملاقيط» بوضع مقلق، رغم الوعود التي قدمها بعض مسؤولي النيابة عند زيارتهم منذ سنوات خلت، حيث ما زال نساء ورجال التعليم يعانون جراء التساقطات المطرية التي تتجمع داخل الدوار وتتجه مباشرة إلى الفرعية، ب»تواطؤ» من بعض أهل الدوار، الذين يرون فيها المنْفذَ الوحيد للماء، فتصبح سدا بكل ما في الكلمة من معنى... لا مرافق صحية ولا ماء، والتلاميذ لا يجدون مكانا يقضون فيه حاجاتهم، حيث تعاني التلميذات معاناة وحرجا شديدين لأبسط حق متعارَف عليه، ناهيك عن الأساتذة الذين يكابدون مع هذا المعطى اللامعقول منذ سنوات. أما بالنسبة إلى تلاميذ السنة الأولى، فغفلة يسيرة وقت الاستراحة يمكن فيها لأي تلميذ -لا قدر الله- أن يذهب ضحية، غريقا في حفرة كبيرة في محيط الأقسام، يبلغ عمق بعضها مترا كاملا، دون أن ينتبه إليه أحد... وكم يقشعرّ بدن المرء ويتحسر حين يقف على وضع المؤسسة الكارثي، رغم الإصلاحات التي صرفت من أجلها ملايين السنتيمات، ومع ذلك انقطعت الدراسة كما في السابق. باستشارة بسيطة مع المدرسين، تأكد لنا الوضع سيكون أحسن حالا، لأن «أهل مكة أدرى بشعابها»، كما يقولون، حيث لم تراع هذه «الإصلاحاتُ» الأولوياتِ، فتحصين المؤسسة من الفيضانات أولى من صباغة باهتة ذهب أثرها تماما بعد شهر واحد!...