ضطرت ساكنة دوار أيت أرغيط بجماعة أمغراس بإقليمالحوز على امتداد ساعات مساء أول أمس، إلى مغادرة بيوتاتها المتواضعة، والانتظام في وقفة احتجاجية صاخبة، في محاولة لإسماع صوتها للجهات المسؤولة محليا، قصد التدخل لوقف مساحة الهدر المدرسي المفروض. لم تفهم الساكنة أسباب إصرار مسؤولي قطاع التربية والتعليم بالإقليم، على رمي فلذات أكبادهم بسهام"اللي بغا يقرا،العام طويل"، وتركهم خارج تغطية حجرات الدرس، بمبررات واهية، تحتمي بمظلة "الخصاص" وعدم توفر الأطر التعليمية الكافية. منذ انطلاق الموسم الدراسي الحالي وأبناء الدوار محرومين من الدراسة، بالمستوى الثالث والرابع والخامس والسادس، بعد أن اكتفى أهل الحل والعقد بالمصالح النيابة، بتخصيص رجل تعليم واحد، ينهض بمهمة تدريس المستوى الأول والثاني. وضعية أصبحت في حكم العادة، بالنظر لمعاناة أطفال المنطقة لهذا الواقع المفروض على امتداد المواسم الدراسية المنصرمة،ما جعل الساكنة الفقيرة تستشعر بكل أحاسيس"الحكرة" والتهميش، وبغياب أي اهتمام من طرف من أوكل إليهم الأمر للسهر على تدبير وتسيير شؤونهم. مازاد في إذكاء مساحة هذا الإحساس، حين تجرأ أحد سكان الدوار الذي يعاني من إعاقة أقعدته الكرسي المتحرك،على فضح هذا الواقع، وتسجيل شريط مصور سجل من خلاله كل مظاهر التهميش والإهمال المذكورة،وقام ببته على موقع اليوتوب. استقيض فجأة أصحاب الحال، وانتهبوا لوجود هذا التجمع السكاني الذي يحمل من الإسماء "دوار أيت ارغيط" فاستنفرت مصالح الدرك الملكي عناصرها، لتعمل على استدعاء الرجل الذي تجرأ على فضح واقع مفروض ولم يقبل الإرتهان للصمت، وبالتالي تكسير قاعدة" شوف واسكت"، ليتم استدعاؤه من طرف المصالح إياها، ومحاصرته بوابل من آيات التهديد والوعيد، مع التلويح بمتابعته قضائيا على جرأته في إزاحة اللثام على المعاناة والإكراهات المومأ إليها. خطوة سيكون لها ما بعدها، حين قررت جموع الساكنة بأنه قد طفح بهم الكيل،ولم يعد في القلب متسع للتحمل والاحتمال، وبالتالي كسر جدارالصمت والخوف معا، والخروج في وقفة احتجاجية، ارتفعت خلالها الأعلام الوطنية، وشعارات منددة بشرنقة الإهمال والتهميش التي حاصرتهم بها جميع الجهات المسؤولة محليا، فكان شعار" ياصاحب الجلالة، أجي تشوف هاذ المهزلة" ملخصا لكل ما تختزله القلوب من أحاسيس تجاه السياسات التي ظلت متبعة في تدبير شؤونها وحاجياتها. وإذا كانت مصالح التربية الوطنية، قد عملت في إطار مبدأ"رفع العتب" على تخصيص بعض حجرات الدرس بفضاء الدوار تحت مسمى "فرعية أيت أرغيط"، التابعة لمجموعة مدارس دناسة، بجماعة أمغراس إقليمالحوز، فإنها بالمقابل قد أعفت نفسها من توفير أية معدات أو وسائل تمكن أطفال لدوار من تلقي تعليمهم ولو في ظروف تتسم بالحد الأدنى. في مغرب القرن الواحد والعشرين،وفي زمن العولمة والتكنولوجيا، وفي بحر شعار" مدرسة النجاح"، أجبر تلامذة المنطقة على الاحتماء بحجرات درس هي أشبه بالإسطبلات منها بالأقسام، حيث تتوزع عشرات الكراسي الحديدية التي اختفت كل معالمها وتحولت إلى مجرد" خردة"، غير صالحة لأي استعمال، فيما الأسقف متداعية للسقوط، تهدد في أي لحظة بفاجعة إنسانية، وزيادة في إذكاء مساحة العبث ،تمت إحاطة مجمل الفضاء الخارجي بركام من الأزبال والنفايات. تضامن الجهات المسؤولة على محاصرة الساكنة بالمعنية بحزام البؤس والخصاص، كشف عنه مسارعة الدرك باستدعاء المواطن الذي تجرأ على كشف المستور وما ظل يجري ويدور من صنوف التهميش واللامبلاة، ومحاصرته بتهم اقتحام مؤسسة عمومية وتصوير واقعها المزري بدون ترخيص، وهو الإجراء الذي اعتبرته الساكنة دليل إدانة في حق هؤلاء المسؤولين،الذين انتبهوا أخيرا إلى أن"هذه الإسطبلات"، هي مؤسسة عمومية، ومن ثمة المسارعة في خطوة غير مسبوقة، بالإنخراط في وقفة احتجاجية صاخبة جمعت جميع الفئات من نساء ورجال وأطفال،في إشارة إلى أن المعاناة قد عمت الجميع، وأن سياسة الهروب إلى الأمام ومحاولة تغطية شمس الواقع بغربال الترهيب والتهديد، أصبحت غير مجدية في مقاربة المشاكل والاكراهات المعيشية، وبالتالي التلويح بشعار"اللي احشم فاللي ضرو، الشيطان غرو". إسماعيل احريملة