واخيرا تنفس آباء وأولياء تلاميذ مدرسة روبير شومان (الفرنسية) الصعداء، بعد التوصل إلى حل نهائي لمشكل عدم توفر المؤسسة على ترخيص قانوني لمدة ثلاث سنوات، حيث تم توقيع عقد بين شركة أوزوي الفرنسية مع صاحب مشروع مؤسسة روبير شومان بتاريخ 29 مارس 2010 لمدة سنتين قابلتين للتجديد وفق شروط تضمن الحقوق للطرفين، وبذلك تخلص الآباء والتلاميذ من عبء كابوس مظلم ظل يراودهم طيلة هذه المدة.. وذلك أنه لم يكن يخطر ببال آباء وأولياء تلاميذ مدرسة (روبير شومان) المتواجدة بطريق الجبل بطنجة، والتي يوحي اسمها بتبعيتها لنظام التعليم الفرنسي بكل مواصفاته، أنهم في يوم من الأيام، سيصطدمون بحقيقة تعرضهم للنصب والاحتيال على يد إدارة هذه المؤسسة التي أنشئت بكيفية غير قانونية لعدم توفرها على ترخيص، سواء من لدن الدولة المغربية ممثلة في وزارة التربية الوطنية، أو من الدولة الفرنسية. حيت اتضح بعد ثلاث سنوات من التجربة أن المشروع قد أنشئ في إطار صفقة مشبوهة لجني الأرباح بشراكة بين مساهمين محليين، بتغطية من النائب السابق لوزارة التربية الوطنية الذي تقاعد في حينه وانخرط مباشرة رفقة زوجته في تدبير شؤون إدارة المؤسسة إلى جانب مدير فرنسي (اختفى أثره مؤخرا) كان هو الذي قام بدور العراب في تسويق المشروع(الفرنسي) وجلب مجموعة من الأساتذة الفرنسيين (22 استاذا) دون وجود عقد موقع بين الدولتين.. فلقد افتتحت هذه المدرسة التي تأوي 450 من التلاميذ، موزعين على مستويات التعليم(الأولي والابتدائي والثانوي) ابتداء من الموسم الدراسي ( 2007/2008) واستمرت الدراسة بكيفية عادية، مما جعل الآباء والتلاميذ يحسون بالاطمئنان بخصوص المستوى التعليمي الذي توفره المؤسسة، والمردودية المحققة من خلاله، بالرغم من غلاء تكلفة الأداء الشهري الذي يقدر ب2800 درهم لكل طفل ، بالإضافة إلى مبلغ 20 ألف درهم كرسم تسجيل يؤديه كل تلميذ جديد في القسم الأول. وذلك أن العملية التعلمية- حسب تقدير الآباء- تتم وفق منهج التعليم الفرنسي، وبكيفية جادة، وكفاءة عالية، تؤهل التلاميذ مستقبلا، للانخراط المباشر في سلك التعليم الفرنسي دون أي إشكال. إلا أنه خلال السنة الدراسية2008/ 2009 سيتحول الحلم إلى كابوس مزعج، بعد رواج أخبار عن عدم توفر المؤسسة على الرخصة القانونية، وقد اتضح أن الرخصة الوهمية المعتمدة لم تكن إلا وثيقة موقعة من طرف النائب السابق دون إذن من إدارة الأكاديمية الجهوية للوزارة المعنية، علما أن هذه الرخصة حتى وإن صحت قانونيتها، فإنها غير معترف بها من طرف إدارة التعليم الفرنسي، كما أنها لا تسمح بتجاوز المنهج التعليمي المقرر من طرف الإدارة التعليمية بالمغرب. وفي ظل هذه الأجواء انسحب النائب السابق في صمت، وغادر المؤسسة رفقة زوجته لتجنب الاصطدام بعد ظهرور خلافات مفتعلة مع أصحاب المشروع، لينتقل للعمل مجددا في مشروع خصوصي آخر مع إحدى المدارس التي تسوق للمنهجية الإنجليزية في التعليم. مما دعا جمعية آباء التلاميذ للتحرك في كل الاتجاهات، ودق الأبواب لطرح المشكل على المسؤولين، وفي مقدمتهم المدير الحالي للأكاديمية الجهوية لوزارة التربية الوطنية، الذي قام بزيارة إلى المؤسسة، وتفضل بمنحها رخصة مؤقتة تهم التدريس وفق المنهج التعليمي المقرر من طرف الوزارة الوصية لا غير، للخروج من الأزمة ، وهو القرار الذي لم يرض الآباء الذين طرقوا أبواب السلطات الإدارية على المستوى المحلي والمركزي، من أجل توفير التغطية القانونية لهذه المؤسسة، وضمان مستقبل أبنائهم الذين سيصلون إلى الباب المسدود بمجرد اجتياز السنة التاسعة إعدادي، لآنه لن يتم الاعتراف بشهاداتهم المدرسية، كما أنهم لن يتم قبول تسجيلهم في أي مستوى تعليمي داخل المغرب وخارجه، وهو ما يعني ضياع مستقبلهم والحكم عليهم بالموت البطيئ. وكرد فعل من طرف العديد من الآباء عند مستهل السنة الدراسية الحالية، قام البعض بسحب تسجيل أبنائهم، وطالبوا من الإدارة استرجاع رسوم التسجيل(20ألف درهم) إلا أن هذه الأخيرة رفضت الاستجابة لطلبهم، إلى أن هددوا باللجوء إلى القضاء، علما أن أبناءهم لم يقضوا داخل المؤسسة إلا اياما معدودات. وبسبب عدم حسم إدارة المدرسة في هذا المشكل، ظل الآباء يحاولون الاتصال بصاحب الملك الذي كان باستمرار خارج التغطية، إلى أن اضطروا للجوء إلى الولاية لتقديم الشكوى ضده. وفي يوم 27-1 2009 عقد جمع عام ساخن لجمعية الآباء، حضره الآباء بكثافة نظرا لخطورة الموقف، كما حضره أساتذة المؤسسة، وقد عبرالجميع خلاله عن استنكارهم لما تعرضوا له من نصب واحتيال، وتمت المطالبة بتنظيم احتجاجات، وكذلك اللجوء إلى القضاء لمتابعة كل الجهات التي ساهمت في إخراج هذا المسلسل التراجيدي، وفي هذا الصدد تم تحميل المسؤولية للمستثمر والجهات التي ساعدته على إخراج المشروع بهذه الصيغة المرتبكة، كما عبرالأساتذة عن انزعاجهم من الوضعية غيرالمستقرة، بعد أن فوجئوا بالإشكالية المطروحة. وعلم الآباء من خلال النقاش الذي جرى مع الأساتذة، أن المدرسة ستكون مهددة بعدم توفرالأساتذة خلال الموسم الدراسي المقبل (2010/2011) ما لم تتم معالجة المشكل، وخصوصا أن أولائك الأساتذة، سيكونون مضطرين للمغادرة بعد تقديم طلب تعيين جديد إلى إدارة التعليم الفرنسي قبل منتصف فبراير من هذه السنة ، باعتبار أن الوضع غير مستقر في طنجة. ومنذ ذلك التاريخ ظل الآباء يتلقون وعودا بإيجاد حل للمشكل عن طرق التفاوض والتسوية مع الجهات المسؤولة في المغرب وفرنسا، وكان ممن دخل على الخط والي جهة طنجة تطوان الذي استقبل مكتب جمعية الآباء أكثر من مرة، وساهم في تسريع مسطرة الإجراءات الخاصة باستقبال مؤسسة أوزوي الفرنسية بتنسيق مع وزارتي التربية الوطنية، والخارجية وفق مقتضيات القانون المغربي، وكان ذلك في شهر نونبر 2009، حيث بعث بكلمة ترحيب إلى مدير مؤسسة أوزوي يعرض عليه إيجابية نزول المؤسسة إلى طنجة من أجل تحمل هذا المشروع نظرا للتحولات الهامة التي ستعرفها المنطقة فيما يخص الحاجة إلى التعليم الفرنسي خصوصا مع دخول الشركة الفرنسية (رونو نسان). وفي زيارة أعضاء من جمعية الآباء إلى فرنسا قابلوا خلالها مدير شركة أوزوي، اتضح أن هذه المؤسسة الشهيرة قد استغل اسمها في تسويق المشروع (المشكل) دون علم منها، كما أن الأساتذة الذين تم استقطابهم لا يمتون بصلة إلى مستخدميها، لأن تعاقدهم قد تم بكيفية شخصية لا دخل للمؤسسة أوزوي فيه، واشترط دخول المؤسسة إلى المغرب من أجل ضمان التغطية لمؤسسة روبير شومان، أن يمنح له ترخيص قانوني من طرف الإدارة المغربية، وكذلك قبول مالك مدرسة (روبير شومان) بكراء مبنى مؤسسته إلى أوزوي وفق شروط تسمح لها بالاستثمار المريح، وتحمل المشروع دون خسائر .. وفي مستهل دجنبر 2009 قدم مدير مؤسسة أوزوي إلى طنجة، حيث استقبل من طرف الوالي محمد حصاد الذي ذكره بوعد السلطات المغربية التي عبرت عن استعدادها لقبول طلب استضافة مؤسسة أوزوي بطنجة لاعتبارات عدة . كما قام المسؤول الفرنسي بزيارة موقع مدرسة (روبير شومان) التي أعجب باكتمال بنيتها واستيفائها للشروط ، وطلب من مكتب جمعية الآباء الشروع في التفاوض مع رب الملك من أجل كراء المبنى داخل أجل لا يتعدى تاريخ 20/1/2010 . إلا أن مالك المدرسة ظل يماطل في تقديم الجواب النهائي المحدد لنسبة سومة الكراء وشروط التعامل، فبعد مفاوضات عسيرة تشبثت (أوزوي) بمنحه 8/ من المداخيل كواجب للكراء مع اشتراطها تغيير الأساتذة، والطاقم الإداري، في حين تشبث صاحب الملك بنسبة 25/ من المداخيل . وفي الوقت الذي أجري الحوار أكثر من مرة في أوائل دجنبر 2009 بين جمعية الآباء ومالك مدرسة روبير شومان من أجل القبول بشروط مؤسسة أوزوي بهدف تجاوز المشكل، فوجئ الآباء بإقدام صاحب المدرسة والمدير المسير (الفرنسي) يوم 14 دجنبر 2009 علىتوقيع عقد مع مدرسة خاصة بوجدة ينص على اعتبار روبير شومان بطنجة فرعا ملحقا بتلك المؤسسة، وهو ما اعتبره الآباء تحايلا وتعبيرا عن سوء النية . وقد تبين من خلال الأشواط التي قطعها هذا الملف أن المؤسسة التعليمية الفرنسية (أوزوي) حريصة على حضورها الاستثماري في المغرب من خلال توفرها على سبع مدارس متمركزة بالرباط والدار البيضاء...، وهي تطمح بأن تحط رحالها بطنجة خصوصا بعد حصولها على الترخيص الذي كانت تطمح إليه، واقتناعها بجدوى المشروع المحاط بضمانات التوسع والنجاح في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة، حيث طرحت عدة سيناريوهات من أجل تحمل المشروع في حالة عدم التوصل إلى حل مرض مع مالك مدرسة (روبير شومان)، من بينها ، كراء مبنى مؤسسة تعليمية أخرى، أو اعتماد البناء المفكك خلال المدة المتبقية من السنة الدراسية بعد تلقي الوعد بالحصول على عقار في منطقة الزياتن، ثم إصدار الإعلان الخاص بتسجيل التلاميذ انطلاقا من شهر مارس 2010 ، وفي المقابل حرصت السلطات على الدعوة إلى حسن تدبير هذا الملف في صمت من أجل الوصول إلى حل من جهة، والدفع من جهة أخرى بمتابعة الجهات المتسببة في نسج خيوط هذه الفضيحة، كما تمت مطالبة إدارة (أوزوي) بالتخلي عن اسم روبير شومان ، واختيار اسم جديد للمدرسة يعكس حضور اسم طنجة في هذا المشروع. وفي ظل هذا الوضع المتأزم، ظل الآباء يعيشون وسط دوامة من التشكك والقلق الدائم على مستقبل أبنائهم ومصيرهم المجهول بسبب اللبس والغموض المحيط بتدبير هذا الملف من كل الأطراف المتدخلة، فقد ظلوا خلال ثلاث سنوات يعانون من شح في المعلومة، ووضوح في الرؤية، ومن تضارب الأقوال والتصريحات التي وصلت بهم إلى حد فقد الثقة في كل الجهات، وعدم الاطمئنان إلى ما يتم تبليغهم إياه من أخبار ومواعيد لا تنتهي، وهم يعتبرون أنفسهم ضحية الطرفين المتصارعين حول هامش الربح دون مراعاة لمشاعر أبنائهم وحقهم في التعلم .. وفي انتظار اللقاء الموسع للآباء المقرر عقده يوم الجمعة 23 أبريل 2010 بحضور مدير شركة أوزوي الفرنسية ، يمكن تسجيل الدور الإيجابي الذي قام به الوسيط المعين من طرف والي جهة طنجة الذي تمكن من إقنعاع الطرفين بإيجاد حل مرض في إطار من التوازن، حيث أنه بمجرد توقيع الاتفاق، تم تعيين مدير بالنيابة بصفة مؤقتة، ممثل في مدير مدرسة مالرو بالرباط، الذي أصبح معنيا بالحضور إلى طنجة مرة في الأسبوع من أجل تتبع السير الدراسي، كما أنه فتح باب تسجيلات التلاميذ الجدد بالنسبة للموسم الدراسي المقبل . وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة ظلت منذ افتتاحها في شتنبر 2007 تتوفر على موقع على شبكة الأنتيرنيت يحمل اسم التجدمع المدرسي (روبير شومان ) التابع لمؤسسة المكتب المدرسي الجامعي العالمي (أوزوي) المندمج في نظام التعليم العلماني للبعثة الفرنسية استنادا إلى اتفاقية شراكة خاصة بالتسيير البيداغوجي، تم توقيعها بين الطرفين بتاريخ 28 مارس 2006 ، مما يطرح علامة استفهام حول مدى صحة هذه العلاقة التي كانت قائمة بين الطرفين إن وجدت فعلا ،أم أنها لم تكن إلا من نسج الخيال كما تدعي شركة أوزوي؟ وللتنبيه أيضا فأننا لم نعمد إلى إثارة الموضوع في حينه للحيلولة دون التشويش على المجهودات التي كانت تبذل من أجل الوصول إلى الحل النهائي للمشكل، ولكنه الآن، وبعد حصول الاتفاق، واتضاح الصورة نسبيا ، فإنه من اللازم الإعلان عن هذا الحدث المؤلم وتفاصيله من أجل منع تكرره مستقبلا ، لأنه لا يعقل أن يظل مشروع من هذا النوع يرتبط بسمعة البلد ومستقبل مئات التلاميذ والأسر، يتحرك عشوائيا خارج إطار القانون، وبعيدا عن الشفافية والوضوح الذي يولد الاطمئنان ويزيل الشبهات، خصوصا وأن هذا المشكل ليس الوحديد على صعيد هذا الإقليم بحكم وجود بعض المؤسسات المسكوت عنها على مستوى الثانوي الإعدادي والتأهيلي، تشتغل بدون ترخيص قانوني، أو بترخيص جزئي لا يمس بعض الاختصاصات ، مما يفرض ضرورة فتح تحقيق نزيه في الموضوع مع الجهات التي تتحمل مسؤولية التحايل على القانون والمغامرة بمصير أبناء الوطن الأبرياء. المكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين