المركز المهني للأشخاص المعاقين بتطوان نموذج رائد للإدماج في سوق الشغل يعد مركز التدرج المهني للأشخاص المعاقين بتطوان، نموذجا تربويا رائدا للإدماج السوسيو-اقتصادي للمعنيين وتسهيل ولوجهم سوق الشغل، وإبراز قدراتهم الذاتية. ورغم أن هذا المركز الذي تحتضنه وتشرف على تسييره جمعية حنان لرعاية الأطفال المعاقين حديث النشأة، فقد راكم تجارب ميدانية وتربوية ومهنية وعلمية مهمة جعلت منه جسرا مهما للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين ذهنيا وحركيا وسمعيا نحو عالم الشغل، وإعداد المستفيدين للاندماج في الحياة العملية ودعم انخراطهم في الوسط الاجتماعي والاقتصادي وصيانة كرامتهم وضمان حقوقهم . ويرتكز مسار التكوين بالمركز ، الذي يستهدف الأشخاص المعنيين البالغين من العمر ما بين 15 و30 سنة ، أساسا على التكوين داخل المقاولة بنسبة 80 بالمائة على الأقل من مدة التكوين الإجمالية، قصد إعداد المتدرجين للاندماج في الحياة العملية سريعا ، فيما تخصص نسبة 10 بالمائة لتكوين إجمالي عام وتكنولوجي يشمل دروسا نظرية في الجانب التربوي وأخلاقيات المهنة، وحسن الاستعمال اللغوي للمصطلحات السائدة. كما يتلقى المستفيدون دروسا مبسطة في مواد الرياضيات واللغة العربية والإعلاميات والنشاط العلمي والرسم والأعمال اليدوية والتكنولوجيا ،بالإضافة إلى حصص دعم تهم تقويم النطق والترويض الطبي . ويستفيد المستهدفون من هذا المركز، الذي حصل على ترخيص رسمي من طرف وزارة التشغيل والتكوين المهني خلال الموسم الدراسي 2007/2008 ويشرف على التكوين به أساتذة صناع غالبيتهم من المتطوعين، من حصص عملية في ورشات داخل المقاولات التي تجمعها اتفاقيات خاصة مع الجمعية المشرفة، وتهم حرف الخياطة التقليدية والفصالة، والخبازة وإعداد الحلويات والحدادة التقليدية، وزخرفة الخشب والتلوين، وصياغة الذهب والفضة، والمصنوعات النحاسية والنجارة . وعرفت نسبة المتدربين المتخرجين من المركز ونسبة المدمجين منهم تطورا ملحوظا منذ أول فوج، حيث انتقل العدد من 57 متخرجا في مارس 2010 (منهم 21 فتاة واندماج بنسبة 21 في المائة)، إلى 64 متخرجا في دجنبر من السنة ذاتها (منهم 20 فتاة، واندماج بنسبة 41 بالمائة)، ليصل إلى 72 متخرجا في دجنبر 2011 (منهم 18 فتاة واندماج بنسبة 70 بالمائة)، و71 متخرجا في دجنبر 2012 (منهم 20 فتاة وبإدماج بنسبة 54 بالمائة). ويؤكد مسؤولو جمعية حنان لرعاية الأطفال المعاقين أن رهان التكوين كبير ويستدعي التطوير ومواكبة التحولات التي يعرفها الاقتصاد الوطني عامة والاقتصاد الجهوي بشكل خاص ، وذلك لتمكين المستفيدين من اكتساب المعارف والكفاءات المهنية لممارسة الحرف أو المهن، وملاءمة المهارات المكتسبة مع التطورات التكنولوجية وحاجات عالم الشغل، وتحقيق الدمج الاجتماعي للاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وتأهيلهم في ظروف مناسبة ،وكذا تكييف التكوين ليتماشى وحاجاتهم الخاصة، والانفتاح على القطاع الإنتاجي وضمان تكافؤ الفرص. كما يعتبرون أن صعوبة التكوين تتجلى أساسا في "ازدواجيته" ، فهو يروم من جهة إكساب المهارات المهنية والقدرات العملية ،ومن جهة أخرى مساعدة الأشخاص المعنيين على تجاوز إعاقتهم عبر مقاربات علمية وتربوية تستدعي اهتماما خاصا ومتواصلا . ويتوزع المستفيدون حاليا من المركز، حسب نوعية الإعاقة، على 70 شخصا من ذوي الإعاقة الذهنية يتلقون تكوينات تقنية في مجالات الحدادة (6 أشخاص ) والنجارة (12 شخصا) والخياطة العصرية (10 شخصا) والخزف (14 شخصا) والتزيين والشمع (12 شخصا) والديكور (16 شخصا)، و11 شخصا من ذوي الإعاقة السمعية يتكونون في حرف النجارة والخياطة العصرية والخزف، وثمانية أشخاص من ذوي الإعاقة المركبة يتكونون في مجالات الديكور والتزيين والشمع والخياطة العصرية، وأربعة أشخاص من ذوي الإعاقة الحركية يتلون تكوينات في مجالات الديكور والتزيين والخزف والخياطة العصرية. ولا شك في أن هذا المركز يضطلع بدور أساسي في ضمان إدماج المعنيين في مجال الشغل، وتغيير نظرة المجتمع عامة إلى الأشخاص المعاقين بخصوص قدراتهم المهنية والمعرفية والإبداعية، إلا أن هذا المركز وحده قد لا يكفي لسد حاجيات كل ذوي الاحتياجات الخاصة واستقطاب كل الأشخاص المعنيين، في جهة تتطور بوتيرة سريعة اقتصاديا وديموغرافيا، مما يستدعي فتح مراكز أخرى مماثلة بمختلف مناطق الجهة، وتعميم التجربة بتنسيق مع كل المتدخلين المؤسساتيين والجمعويين لنبل هذه الالتفاتة التي تجعل من الشخص المعاق عنصرا فاعلا في المجتمع.