" بعد خمس دقائق سأعود للقاعة وستكون أشغال الدورة مغلقة، وأحمل باشا المدينة مسؤولية الأمر.."، هكذا كان رد محمد ادعمار رئيس بلدية تطوان عن حزب العدالة والتنمية، على الاتهامات التي كالها له مستشارين من المعارضة ومستقلين آخرين، تتعلق " بشبهات " تحوم حول نقط مدرجة بأشغال الدورة الاستثنائية التي انعقدت عشية الأربعاء 19 يونيو 2013، تتحدث عن اقتناء قطعتين أرضيتين وسط المدينة العتيقة قصد بناء مستوصف طبي بثمن قيمته اللجنة الإدارية المختصة ب 5000 درهم للمتر المربع الواحد، وهو ما اعتبرته " المعارضة " بالثمن الذي لا يتناسب وموقع العقار والبيوعات الشبيهة المصرح بها بالموقع، وكذا ما تنصه مذكرة الوكالة الحضرية بخصوص البناء في المنطقة حيث لا يسمح بأكثر من طابق واحد فقط، فكيف وهاته المعطيات برمجت لجنة التقييم مبلغا كبيرا كهذا يتساءل أحد المستشارين..؟؟ . لسان حال ادعمار بدعوته لسرية الدورة الاستثنائية وكأنه لا يلتفت كثيرا لمثل هاته التدخلات القوية والتحليلات المحرجة التي تحشره في الزاوية الضيقة وتسبب له احرجا كبيرا أمام الساكنة، ما دامت ستبقى حبيسة جدران قاعة الجلسات التي ستكون خالية من الجمهور وخاصة أعين رجال الصحافة والإعلام، الذين سيجبرون على إخلاء القاعة بداعي تطبيق القانون، حتى وإن كان الأمر فيه خرق للقوانين المنظمة بمباركة من سلطات المدينة التي ربما لا تعير أمر التنزيل الديمقراطي للدستور الجديد بالا، تحديدا جانبه المتعلق بحق المواطن في الوصول للمعلومة، فكيف انتهكت دعوة ادعمار القانون وسط صمت مطبق للسلطة المحلية بدورة يونيو الاستثنائية ؟؟. استندت دعوة رئيس البلدية لتحويل الدورة من عمومية إلى سرية، كون بعض المحتجين من قطاع النقل المنضوين تحت لواء نقابة الاتحاد الوطني للشغل الذراع النقابي لنفس حزب الرئيس..؟؟ " كونهم " يخلون بالهدوء اللازم للتداول داخل القاعة، الكرونولوجيا هاته، التي علق عليها أحدهم بقوله : " أنه بات يكفي استقدام الأتباع والمتعاطفين للتشويش على سير الجلسات حتى تطرح مسألة تحويل الدورات العمومية إلى جلسات سرية يطرد بموجبها عموم المواطنين من القاعة "، رأي أبلغناه وسألنا حوله السيد عبد السلام بودكو الكاتب الإقليمي للنقابة السالفة الذكر التي رعت " احتجاج " ما يقارب العشرة من عمال النقل داخل قاعة الجلسات، فأجابنا مبتسما، أن احتجاجهم هو عن قناعة وللقراءات الأخرى الحرية في استنتاجاتها، مبديا في السياق تأسفه لتحويل الدورة إلى جلسة مغلقة، وفيما اعتبر البعض أمر إغلاق الجلسة تعديا صارخا على حق المواطن في متابعة التدبير الإداري والمالي لجماعته وهو الممول الأول لخزينتها، رأى آخرون أن مسألة الاحتجاج البسيط لعمال النقل المتمثل في رفع لافتات والتذكير بمطالب، كانت فقط الشماعة المثلى التي علق عليها ادعمار عجزه ضبط الملاسنات التي شبت بين أعضاء من حزبه وآخرين من المعارضة وصلت حد تبادل الاتهامات، وكذا عجزه تبرير اعتماد مبلغ 5000 درهم للمتر الواحد لاقتناء " خربتين " وسط حي ضيق بالمدينة العتيقة، علما أن أملاك الجماعة تفوت بأبخس الاثمان لمنعشي العقار وبعض الشخصيات النافدة، كالتفويت السابق لبقعة أرضية بالمنطقة الصناعية لفائدة شركة " سوبير فيزيون كروب ش.م.م " حين تم اعتماد المبلغ الذي اقترحته اللجنة الإدارية المنعقدة بتاريخ 15 أبريل 2002..فهل قيمة العقارات ونحن بسنة 2013 هي نفسها التي كانت قبل إحدى عشر سنة مضت..؟؟. كذالك فموضوع تفويت العقار الجماعي المسمى " المحجز والمنبت البلدي " الشهير بالفوريان، المنتظر إجراء سمسرته يوم 03 يوليوز المقبل بمكتب " سيادة الرئيس " والبالغ مساحته 35.599 ألف متر مربع، يلفه الكثير من الغموض الذي سبقته الكثير من سوء الحكامة وانعدام التشاركية والتشاور في التسيير لا مع المجلس الذي كان أولى به مناقشة موضوع ضخم كهذا من حيث مردوديته المالية من عدمها أو من طرف هيأت المجتمع المدني التي لم تعد تعلم بجوانب مشاريع المقررات إلا بعد المصادقة عليها، فالبنسبة للثمن الافتتاحي للمزايدة حول " المحجز والمنبت " فقد تم اعتماد نفس منهجية الأولى، أي ما حددته اللجنة الإدارية للتقييم المجتمعة قبل سنوات خلت وتحديدا في 19 أكتوبر 2006 حين اقتراحها أنذاك ثمن 1500 درهم للمتر المربع فقط..؟؟. وللإشارة فالمسئول الأول على الجماعة لم يرى من داع لتعديل ما تضمنه كناش التحملات الخاص بهاته البقعة الأرضية، ذي الرسم العقاري رقم 53203/19، المصادق عليه إبان فترة التسيير السابقة للتجمعي الطالبي العلمي ، " تعديل " في إطار ما يتمتع به الرئيس من صلاحيات توجب عليه حرصه على مصالح الجماعة والسهر على تدبير الأملاك الجماعية والمحافظة عليها وصيانتها كما وتدخله في تحديد سعر مختلف الحقوق التي تقبض لفائدة الجماعة، وهكذا نجد مثلا في فقرة بالكناش " أنه وفي حالة عدم تقديم أي عرض، خلال عملية المزايدة بين المتنافسين، فإن بيع القطعة الأرضية يتم عن طريق إجراء القرعة من طرف رئيس اللجنة الساهرة على السمسرة.." ؟؟. فهل سيتحول ادعمار، مع استحضار تواطئ ما للمزايدين فيما بينهم لتعطيل عجلة المزايدة، إلى أداة لتفويت الأملاك الجماعية بالقرعة ؟. وعودة لشكل الخروقات القانونية التي طبعت قرار إغلاق دورة يونيو الاستثنائية في وجه العموم والإعلام على حد سواء، ندرج هنا أن المجلس لم يصوت على قرار تكملة الدورة الاستثنائية بشكل سري مطلقا، فالذي حدث مطابق تماما لما أورده موقع جماعة تطوان الالكتروني في تقريره حول الدورة، حين ذكر : " أنه ومباشرة، بعد بداية الجلسة، وأثناء مناقشة النقطة الأولى، التي تميزت بمشدات كلامية بين عضوين ينتميان للمعارضة ورئاسة المجلس، قامت مجموعة من الحضور تمثل مستخدمي حافلات النقل الحضري بتطوان، بعرض لافتات احتجاجية مذكرة رئاسة المجلس بحل ملف مطلبهم الاجتماعي، مما انعكس على خلق أجواء مشحونة ومتوترة داخل القاعة "، والأجواء المشحونة هنا كما تمت متابعتها كانت تخص التدخلات الحادة لبعض المستشارين من كلا الطرفين، أغلبية ومعارضة، وعليه، وبدل أن يطبق رئيس الجلسة مقتضيات الميثاق الجماعي التي تنص أن للمجلس أن يقرر دون مناقشة بأغلبية الأعضاء الحاضرين طرد كل عضو من أعضاء المجلس من الجلسة يخل بالنظام ويعرقل المداولات..أو الفقرة الأخرى منه، التي تنص أن للرئيس الحق أن يطرد من بين الحضور كل شخص يخل بالنظام، عوض كل هاته المعطيات والبدائل القانونية، فضل رئيس البلدية محمد ادعمار القفز عاليا على حائط المجتمع المدني الذي بدا له قصيرا بما يكفي ليلتمس من المجلس تكملة أشغال الدورة بشكل سري، مع تحميله باشا المدينة مسؤولية " تنفيذ هذا الملتمس". الباشا مصطفى بوجرنيجة الذي تلا على مسامع الحضور ما يلي : " طبقا لقرار المجلس، بناء على ملتمس من الرئيس، أطلب من جميع الإخوان الذين لا علاقة لهم بالمجلس الانسحاب من القاعة "، كان الجدير به أن يحرص على تطبيق القانون ويقدم ملاحظاته وتوضيحاته المتعلقة بمداولات المجلس، عوض الاستناد على قرار لم يصدر بتاتا من المجلس بمناقشة أو بدونها..؟؟ فالمادة 63 من الميثاق الجماعي، واضحة في الشأن حين نصت إحدى فقراتها أنه " يجوز أن يقرر المجلس دون مناقشة بطلب من الرئيس أو ثلاثة أعضاء عقد اجتماع سري " كما وأن المادة 64 من نفس الميثاق حددت كون مقررات المجلس تتخذ بالأغلبية المطلقة للأصوات، وهذا ما لم يتم احترامه في حالتنا هاته، حيث أن المجلس لم يقرر عقد أي اجتماع سري، كيف ذالك وادعمار مصحوبا بأعضاء أغلبيته داخل المجلس انسحبوا مباشرة بعد تقديم الملتمس، إذن فالأمر هو اجتهاد شخصي لمحمد ادعمار يتحمل كامل مسؤولياته القانونية والأخلاقية فيه، مع تسجيل الصمت المريب لسلطات الوصاية حوله، وكأن المشهد فيه تواطئ على حق المواطن في المعلومة من خلال متابعته أطوار الدورات العمومية.. وبالنظر لكل هذا فيمكن اعتبار أنه، إن تضمن محضر هاته الدورة أن المجلس قرر تكملة أشغال دورة يونيو الاستثنائية 2013 بشكل سري، فسيكون ذالك تزويرا سافرا في محضر رسمي ؟.