تنحصر مشاكل المراهقة في قضيتين رئيسيتين: القضية الأولى منهما – وهي الرئيسية – هي قضية البلوغ الجنسي. فالرغبة الجنسية لدى الإنسان حاجة فطرية تنشأ معه. وقد ظهرت في بدايات القرن العشرين نظرية إشباع الرغبات ل (فرويد Freud 06-05-1856 / 23-09-1939) التي ترى ضرورة إشباع رغبات الأطفال والشباب الجنسية، حتى لا يصاب أحد منهم بالعقد النفسية، وهذه النظرية قد أدت إلى اختلاط الفتى بالفتاة وتفاعلهما معا. وبعد خمسين عاما اكتشف النفسانيون خطأ هذه النظرية، ورأوا أن التربية لا تقوم على إشباع الرغبات، وإنما على تنمية الضمير، وتصريف الرغبات، وإعلائها وتنظيمها، وإشباعها بطرق مشروعة. ومن هنا كان لابد من إيجاد حل لهذه النظرية المدمرة، خاصة أن 90% من الفتيات و 98% من الفتيان في دول أوربا وأمريكا قد مارسوا الجنس دون زواج، وقد حملت على الأقل 40% من الفتيات، وهذا يعني تخلفهن عن الركب العلمي والاجتماعي، ويقع العبء هنا على التربية التي من شأنها إعلاء الرغبات بإيجاد نشاطات تشغل الشباب عن هذه القضية دون زجر أو تهديد. ويجب أن نذكر هنا أن الإشباع الجنسي ليس حقيرا ودنيئا إذا أشبع بطريقة مشروعة، لأن ذلك ببساطة سبب في وجود الإنسان، فطبيعي مثلا أن ينظر الشاب إلى النساء ويختلس النظر إليهن، لكن تبقى عملية تنمية الوازع والضمير هنا خاضعة للتربية وللأسلوب الذي يتعامل به الأهل مع ولدهم، فوجود الأب ضروري للشاب في هذه المرحلة، فهو أقدر من الأم – خاصة إذا لم تكن متعلمة – على توجيه ابنه دون خجل أو حرج. ونحن هنا لا نلغي دور الأم، ودور التعليم عند الأم يفيدها في توفير إجابات على أسئلة ابنها بأسلوب أكثر نضجا وأقرب إلى العلمية، كما يجعل الحديث أكثر صراحة ووضوحا. أما القضية الثانية – وهي رئيسية أيضا – فهي قضية إثبات الذات، وهذه مرتبطة بإشباع الرغبات الشخصية، حيث يميل المراهق إلى الاعتماد على نفسه في اختيار نشاطاته، فإذا ما منع من إشباع حاجاته من قبل أسرته تراه يلجأ للحيل النفسية الدفاعية لإثبات الذات، ومن هذه الحيل ما يسمى (بالخلفة) – خالف تعرف – حيث يعمد الشاب إلى الإتيان بأفعال قد تثير الوالدين لمجرد لفت الانتباه، وهذه الظاهرة نجدها لدى البالغين الذين حرموا من الاعتماد على النفس في مرحلة الطفولة، إما بسبب قسوة شخصية الوالدين أو بسبب التدليل المفرط، فيضطر الشاب إلى إثبات ذاته بواسطة الاتجاه نحو فعل يلغي العادات الضارة كالتدخين مثلا. وتفوت الأهل هنا ضرورة سلخ الابن في هذا العمر من بوتقة الدلال التي تعود عليها حتى باتت مبررا لكثير من التصرفات، في حين أن الشاب لو اعتاد منذ نعومة أظفاره الاعتماد على النفس، واتخاذ القرار لحصل على قدرات تدريبية، توفر له سلوكيات جيدة، ومهارة في التعامل مع مشاكل الحياة. ولتقبل الوالدين وجهات نظره وقراراته التي اعتاد عليها، أما الطفل الذي ينشأ في أسرة متسلطة لا تسمح له باتخاذ القرار وبممارسة حقه الطبيعي في الأسرة فسيبقى – مهما كبر في نظر والديه طفلا صغيرا عاجزا عن مثل هذه الأمور. وعلى الأسرة كذلك أن تنمي لدى المراهق مشاعر الأمن والطمأنينة والتقبل حتى لو أخطأ، فمثل هذه المشاعر تزيد من ثقته بنفسه وبوالديه، ومن ثم بالمجتمع، وتبقى المراهقة على الرغم من كل الدراسات والبحوث مرحلة بحاجة إلى الوعي بمتطلباتها، كي يتم الانتقال إلى المراحل التي تليها بصورة عادية طبيعية خالية من التعقيدات ومتجاوزة لكل السلبيات. والله الموفق 04/06/2013 محمد الشودري