بسم الله الرحمن الرحيم هلاﱡ انشغل كل واحد منا بعيوبه وترك عيوب الناس الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعل آله وأصحابه أجمعين. ممالاشك فيه أنه لو أجري لنا اختبار يكون السؤال فيه: عدﱢد˚ عيوبك، لكان الرسوب حليفنا، لأننا سنسلم ورقة الامتحان فارغة !!فلا أحد يحب أن يصرح بعيوبه، ولا أحد يرضى أن يطلع الناس على نقائصه. حقيقة هناك من يعترف بأن له عيوبا، ولكنيخجل أن يعددها، ولا يجرؤ أن يسميها بأسمائها.ولو أن السؤال كان: عدﱢد˚ عيوب الناس، فلا شكأن الأمر سيختلف،وسنجد من يقدم أجوبة مستفيضة وشافية،وذلك لأن هناكبعض الناس لا يحسون براحة النفس ورضاها، ولا يهدأ لهم بال، ولا يحسون بالسعادة إلا إذا ذكروا عيوب الآخرين وعددوها وأفاضوا فيها وكأنهم معصومون منها، وهذا من الكبر والعجب والغرور– والعياذ بالله- فكل ابن آدم خطاء ولا معصوم إلا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.وقد يصل الأمر ببعض ضعاف النفوس إلى اختلاق الأكاذيب والافتراءات،حتى يشفوا غليلهم،ويشبعوا رغبتهم في الإساءة إلى الناس وفضحهم أمام الآخرين، وهذا طبعا ليس من أخلاق المسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجِذْعَ في عينه) ذكرهالألباني في صحيح الجامع. وقالالشاعر: قبيح من الإنسانأن ينسى عيوبه٭٭٭ويذكرَ عيبا في أخيه قد اختفىولو كان ذا عقل لما عاب غيرَه٭٭٭وفيه عيوب لو رآها قد اكتفى إن الإنسان الورع العاقل هو الذي يشتغل بعيوبه ويعمل جاهدا لإصلاحها، وكلما أصلح عيبا انتقل إلى آخر، فيشتغل بذلك عن عيوب غيره، ولا يجد وقتا لذكرالناس بسوء، ولا لتتبع عوراتهم، والاطلاع على عيوبهم، وترصد زلاتهم، وإحصاء أخطائهم،وسيجازيه الله سبحانه وتعالى بجنس عمله حيث سيكف الناس ألسنتهم عنه ، ولا يذكرونه في مجالسهم إلا بخير. قال الشاعر:إذا أنت عبت الناس عابوا وأكثروا٭٭٭عليك، وأبدوا منك ما كان يُسترُ وقال آخر:متى تلتمس للناس عيبا تجد لهم٭٭٭عيوبا ولكن الذي فيك أكثر إن ديننا الحنيف نهانا عن تتبع عورات الناس، والتجسس عليهم،وأمرنا بستر المسلم وعدم فضحه.قال صلى الله عليه وسلم: (يامعشرمن آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهمفإنهمناتبععوراتهم يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته) سنن ابي داود وقال أيضا: (لا يستر عبدٌ عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة) صحيح مسلم. وقال الشاعر: لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا٭٭٭فيهتك الله سترا عن مساويكا. فطوبى لمن انشغل بعيوبه، وألجم لسانه، وكف فكه، ولم يخض في أعراض الناس، وتذكر عيوبه قبل أن يذكر عيوب غيره، وعلم أنه محاسب على عيوبه وليس على عيوب الآخرين، قال تعالى:﴿وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾(الأنعام: من الآية164) وطوبى لمجلس ترفع أصحابه فيه عن ذكر عيوب الناس، وعرفوا كيف يجاهدون أنفسهم ويجاهدون الشيطان، ومنعتهم عيوبهمأن يتعرضوا للناس بسوء،وتركوا الهمز واللمز والغيبة،وتذكروا قوله تعالى:﴿يٰأَيُّهَاٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَاكلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}الحجرات 12 فاللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض إنك على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.