يصف الإرشيف الإسباني هذه الإنطلاقة، "إحتل الإسبانيون جبل نيكرو في 23 مايو سنة 1913 وأخذوا يعبدون الطريق التي بينه وبين مركز كنديسة، واستخدموا في ذلك عددا من أهالي الناية، بأجور عالية". " كما واصل المهندسون الإسبانيون عملهم في تعبيد الطريق المتجهة نحو تطوان". "وفي 12 أبريل 1914 أوصل الطريق المعبد إلى مصب نهر أسمير على بعد نحو عشر كيلومترا من تطوان، فعسكر به المهندسون مع الذين يعملون معهم في ذلك الطريق، ثم في شهر يونيه من نفس العام، تقدم الإسبانيون، وإحتلوا موقع "المضيق" الذي كانوا يسمونه "الرينكون RINCON" أي المجانب، وبإحتلال هذا الموقع لم يبق بينهم وبين مدينة تطوان الا نحو خمسة عشر كيلومترا، وقد حصنوا هذا المركز تحصينا، ووضعوا به جيشا على غاية الأهمية والاستعداد للطوارئ" انتهى النص. وتم إحتلال المضيق لاحقا من قبل القوات الإسبانية بعد معاهدة الحماية لسنة 1912، حيث أقاموا على شاطئها في السنة الموالية 1913 مخيما عسكريا ضخما، كان منطلقا لقواتها في الحرب الإسبانية – الجبلية بقيادة الزعيم احمدالريسوني، ما بين 1915-1920. وظل بها إلى إستقلال المغرب. وحينذاك كتب السياسي والحربي المحنك انطوان ديل اولميط إلى الجنرال الفاو حينما أراد أن ينزل بجيشه ب" الرينكون" قال له بدون شك "الرينكون" ليست هي "باريز" ومن المستحيل أن تجد المكان مناسبا لذلك، "الرينكون" عبارة عن براريك خشبية، لا يوجد بها ولو منزل واحد مبني، أو سيارات تذهب وتعود، هناك حانات متفرقة، قرية مسالمةليست لها خلفيات حربية، وأنتم في طريق بنتها إسبانيا بيد الجيوش الإسبانية بين سبتةوالمدينة المقدسة تطوانالبيضاء. في اشارة إلى ما کتبه بيدرو اراكون عن مشاهدته لقرية المضيق التي وصفها بالمسالمة. وفي نفس الوقت، مزامنة مع إحداث الطريق شرع في إنشاء خط للسكك الحديدية يربط أيضا بين تطوانوسبتة، وعبر محطات التوقف في الملاليين والمضيق والنيكرو والعليين والفنيدق ثم محطة الوقوف النهائية بسبتةالمدينة . ثم الميناء، تم تدشينه في سنة 1918. وفي 26 نونبر 1913 أصدر الخليفة السلطاني الأمير المهدي بن إسماعيل نائب السلطان مولاي يوسف بالمنطقة الخليفية بشمال المغرب. ظهيرا بإحداث التعمير بمدينة مرتيل، وما جاورها، عن طريق كراء أراضي الدولة داخل التجزئات السكنية التي أحدثها المهندسون الإسبان وفق المعايير العصرية لتخطيط المدن، وسرى تطبيق هذا الظهير على كل من المضيق والفنيدق ووادي مرتيل. وهذا نصه: الظهير الخليفي للنشأة: لتحفيز سكان مدينة تطوان، والمقيمين بها من المسيحيين وأهل الذمة من إليهود، على تعمير شاطئ وادي مرتيل، وبنائه، صدر عن الخليفة السلطاني الأمير المهدي بن إسماعيل الظهير الآتي: "يعلم من هذا الكتاب الجليل القدر، العظيم المزية والفخر ،لازال ظله الوريف، مأوى الحظوة والتشريف، أننا بعون من له القدرة القادرة، والسطوة الظاهرة، لم نزل نراعي لهذه المنطقة السعيدة موجبات الصلاح، ونسهر الجفون لإعمال الفكر في وسائل النجاح، لما نؤمله من عودة ذلك على كافة الرعية بمزيد الثروة والرفاهية، وبموجبه نأمر بالسماح لجميع الأشخاص للقيام بالبناء وبما شابهه من الأعمال في الأملاك العمومية والمختصة بالمخزن الواقعة في وادي مرتيل ونواحيه، بينما يقوم مجلس ضبط أملاك المخزن والأحباس بدرس نهائي لها، وعليه فمع مشاركة الموظفين المستعدين للنظر في مثل هذه الأعمال، يتعين تحرير ضابط وقتي، لا يبدأ العمل به قبل مصادقة جنابنا العالي بالله عليه، يتضمن السماح بالأراضي المذكورة مع الاحتفاظ على بعض الشروط، ريثما يصدر القرار النهائي بهذا المعنى، والله يهدي لسلوك سبيل الرشاد ويوفق الكل لإجراء الأعمال على وفق السداد، والسلام صدر به أمرنا المعتز بالله في يوم 26 حجة الحرام متم عام 1331 الموافق 26 نوفمبر سنة 1913. وأمام الهجرة المتدفقة من الإسبانيين على شمال المغرب، وتوزيعهم من طرف الحكومة الإسبانية على مختلف المدن المغربية الشمالية، إختار مجموعة منهم مدينة المضيق للعمل والاستقرار. ولما شرع في توزيع الأراضي السكنية، استغلوا هذا الإمتياز وحازوا مجموعة من القطع قصد إقامة منشآت سكنية أو تجارية أو مهنية إنطلاقا من سنة 1914 حيث بدأ التعمير بمدينة المضيق، وسمح للمواطنين المغاربة والإسبان وإليهود بإقتناء قطع أرضية من أجل البناء حسب التصميم الهندسي الذي تمت تهيئته من طرف المهندسين الإسبان، قسم المدينة إلى أحياء وقطع أرضية تتراوح مساحتها ما بين مائة متر ومائتي متر. وما كان يسري على مدينة مرتيل من خلال إبرام عقود كرائية للأراضي من أجل البناء لمدة معينة وبمبلغ شهري موحد للمتر المربع وحسب مساحة القطعة وموقعها كان ينطبق أيضا على مدينة المضيق والفنيدق. العنوان: تاريخ مدينة المضيق الكاتب: النقيب محمد الحبيب الخراز منشورات هيئة المحامين بتطوان بريس تطوان يتبع...