تخلد أسرة الأمن الوطني، الثلاثاء 16 ماي 2023، الذكرى ال67 لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، وهي مناسبة سنوية لاستحضار الإنجازات والتضحيات الجسيمة التي يبذلها رجال ونساء الأمن الوطني خدمة للوطن والمواطن، كما تشكل مناسبة للوقوف على منجزات هذه المؤسسة والتي شكل عنوانها البارز خلال السنة الماضية مواصلة إرساء آليات الحكامة الأمنية وتوطيد التخليق المرفقي وتعزيز شرطة القرب. وهكذا، واصلت المديرية العامة للأمن الوطني، خلال سنة 2022، بالتزام مطلق لحماية الأشخاص وصون الممتلكات، ووفاء دائم لمؤسسات البلاد، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مسار تحديث الخدمات والبنيات الأمنية، ومتابعة الجهود المبذولة لتدعيم الشعور بالأمن ومكافحة الجريمة، فضلا عن التدبير الرشيد للمسار المهني للعنصر البشري بما يضمن تمكينه من مناخ وظيفي مندمج يسمح له بالنهوض الأمثل بواجباته في خدمة قضايا الأمن. منظومة معلوماتية وخدماتية وتميزت سنة 2022 التي عرفت متابعة مسار الرفع التدريجي والكامل للإجراءات الاحترازية لمواجهة وباء كوفيد-19، بمواصلة المديرية العامة للأمن الوطني مسار تطوير البنية التحتية للخدمات ذات الطبيعة الإدارية المقدمة للمواطنين والمقيمين الأجانب على التراب الوطني، وفي مقدمتها الوثائق التعريفية وسندات الإقامة والشواهد الإدارية. وعرفت سنة 2022 استرجاع المستويات المتقدمة في إصدار وتعميم الجيل الجديد من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، والتي يستفيد منها جميع المواطنات والمواطنين المغاربة بدون أي شرط يتعلق بالسن، وتسمح لهم بالاستفادة من خدمات التعريف بشكل مادي وحضوري، أو رقمي عن بعد باستعمال منظومة "الطرف الثالث الموثوق به للتحقق من الهوية" وفضاء "الهوية الرقمية" التي طورتها المديرية العامة للأمن الوطني. وتعتبر "منصة الطرف الثالث الموثوق به لإثبات الهوية" منظومة معلوماتية وخدماتية، طورتها المديرية العامة للأمن الوطني انطلاقا من التقنيات الحديثة المدمجة بالجيل الجديد من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، حيث تروم تعزيز أمن الوثائق والمعاملات بشكل استباقي وتسهيل وتبسيط الخدمات المقدمة للمواطنين. وتحقيقا للأهداف المنشودة من هذه المنصة المعلوماتية الخدماتية، طورت مصالح الأمن الوطني تطبيقا معلوماتيا يسمى "هويتي الرقمية"، يمكن تحميله على أنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة الأكثر استعمالا على الصعيد الوطني، ويسمح لعموم المواطنين بإنشاء ومتابعة واستغلال هويتهم ضمن الفضاء الرقمي بشكل آمن وشخصي، انطلاقا من المعطيات المضمنة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية. كما تم تعزيز هذا التطبيق بإطلاق البوابة الرقمية التفاعلية "www.Identitenumerique.ma" على شبكة الأنترنت، والتي تمكن بدورها المواطنين من الاستفادة من حزمة خدمات الهوية الرقمية بشكل سهل ودون الحاجة إلى تحميل التطبيق المعلوماتي على الهواتف النقالة. ولمواكبة هذا النهج الخدماتي، واصلت المديرية العامة للأمن الوطني تنفيذ استراتيجية تقريب وتعميم الاستفادة من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية على عموم المواطنين، حيث شهدت سنة 2022 إحداث مركز جديد للقرب لتسجيل المعطيات التعريفية بمدينة "تاهلة"، والشروع في إعداد مركز مماثل بمنطقة الدريوش بضواحي مدينة الناظور. كما تم العمل، لأول مرة، في استغلال 27 وحدة متنقلة لإنجاز بطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية، استفاد منها 164 ألفا و978 شخصا. أزيد من 4 ملايين بطاقة وطنية وبلغة الأرقام، سجلت سنة 2022 مواصلة الاستجابة السريعة والآنية لطلبات المواطنين للحصول على الوثائق التعريفية الإلكترونية والإدارية وشواهد الإقامة بالنسبة للأجانب، حيث تم إنجاز ما مجموعه 4 ملايين و314 ألفا و893 بطاقة وطنية للتعريف الإلكترونية من الجيل الجديد، من بينها 3 ملايين و163 ألفا و322 بطاقة تم إنتاجها بمركز الإصدار بمدينة الرباط، ومليون و151 ألفا و571 بطاقة وطنية أخرى تم إصدارها بمركز الإصدار الإضافي الذي تم إحداثه بمدينة مراكش في إطار سياسة القرب من المواطنين. وتم أيضا إصدار ما مجموعه 455 ألفا و981 بطاقة وطنية للتعريف الإلكترونية لفائدة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، من بينها 1701 بطاقة للتعريف تم منحها لفائدة أطفال قاصرين، كما تم إصدار مليون و463 ألفا و690 بطاقة للسوابق، و38 ألفا و813 وثيقة إقامة للأجانب، و12 ألفا و273 تأشيرة ولوج للتراب الوطني و2365 رخصة إقامة استثنائية من الجيل الجديد لسندات الإقامة. وتم خلال سنة 2022 كذلك افتتاح "المركز الرئيسي للقيادة والتنسيق" بمدينة الدارالبيضاء، وهو عبارة عن مركب أمني مندمج يسمح بتدبير نظام كاميرات المراقبة بحاضرة الدارالبيضاء، وضمان التتبع الرقمي لحركية النقل والتنقل داخل هذا القطب الاقتصادي والحضري، فضلا عن تسريع الاستجابة الفورية لنداءات النجدة الصادرة عبر خط الهاتف 19، وكذا ضمان التدبير الرشيد للتدخلات الشرطية والعمليات الأمنية بالشارع العام ضمن فضاء معلوماتي وعملياتي موحد ومندمج. وعلى صعيد آخر، تم إحداث فرقتين جديدتين لتفكيك المتفجرات بكل من فاسوالرباط، وتجهيزها بمركبات عالية التكنولوجيا وروبوتات ووسائل متطورة لرصد ومعالجة الأجسام الناسفة عن بعد، وسوف تعزز باقي الفرق المماثلة المحدثة بالعديد من المدن المغربية، كما أنها ستوفر الدعم التقني لجميع وحدات الشرطة التي تتعامل مع مسرح جريمة يشتبه في احتوائه على مواد متفجرة أو أجسام ناسفة. تقوية بنيات مكافحة الجريمة وعلى مستوى مكافحة الجريمة وتدعيم الشعور بالأمن، شرعت المديرية العامة للأمن الوطني في تنفيذ البرنامج المرحلي من الاستراتيجية الأمنية برسم الفترة الممتدة ما بين 2022 و2026، والتي راهنت فيها على تقوية بنيات مكافحة الجريمة، وتطوير مختبرات الشرطة العلمية والتقنية، وتعزيز الركون الممنهج لآليات الاستعلام الجنائي والدعم التقني في مختلف الأبحاث الجنائية، وترسيخ البعد الحقوقي في الوظيفة الشرطية بما فيها إجراءات الحراسة والمراقبة في أماكن الإيداع، فضلا عن تعزيز التنسيق والتعاون مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في مختلف القضايا بالغة التعقيد. أما جهود مصالح الأمن الوطني لمكافحة شبكات تنظيم الهجرة غير الشرعية في بعدها العابر للحدود الوطنية، فقد تكللت بتوقيف 32 ألفا و733 مرشحا من بينهم 28 ألف و146 من جنسيات أجنبية مختلفة، وتفكيك 92 شبكة إجرامية وتوقيف 566 منظما ووسيطا، بنسبة زيادة فاقت 36 بالمائة مقارنة مع السنة التي قبلها التي عرفت توقيف 415 منظما للهجرة. وبلغت وثائق السفر وسندات الهوية المزورة المحجوزة خلال محاولات الهجرة غير النظامية 832 وثيقة، فضلا عن حجز 193 قاربا و156 محركا بحريا و61 ناقلة استخدمت في تنظيم عمليات الهجرة. وفي الشق المتعلق بمكافحة الإرهاب والتطرف والإشادة بالأعمال الإرهابية، أحالت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على النيابة العامة المختصة 20 شخصا، مسجلة بذلك تراجعا بنسبة 23 بالمائة مقارنة مع السنة التي قبلها، وذلك دون احتساب الخلايا الإرهابية التي تم تفكيكها من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. وفي مجال الحكامة الأمنية وعصرنة المرفق العام الشرطي، تميزت السنة الماضية باعتماد المديرية العامة للأمن الوطني لهوية بصرية جديدة، لتمييز أسطول المركبات الأمنية عن باقي العربات والسيارات الأخرى، وتسهيل مهمتها في المحافظة على أمن الوطن والمواطنين، وتيسير التعرف عليها والاتصال بها من طرف الأشخاص الذين يطلبون النجدة والتدخل في الشارع العام. إذا كانت جهود المديرية العامة للأمن الوطني تروم، من خلال كل ما سبق، الارتقاء بالمنظومة الشرطية لتكون في مستوى تطلعات المواطنين والمواطنات، ولتكون أيضا قادرة على مجابهة التطورات المتسارعة التي تفرضها الظاهرة الإجرامية في بعدها العابر للحدود الوطنية، فإن ذكرى تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، في 16 ماي 1956، تظل لحظة تاريخية يحتفى بذكراها كل سنة للوقوف على منجزاتها، ولاستشراف المستقبل في ظل التحديات الأمنية الكبرى التي يشهدها العالم.