عاش ياسن على أن يملك بيتا من حلال ماله دون اللجوء إلى القروض البنكية ،في البداية تملكه الخوف مما قرأ في الصحف ومما سمع من الأصدقاء عن مشاكل التعاونيات السكنية التي تأكل أموال الناس بالباطل وتوقعهم في مشاكل شتى ومحاكم وغير ذلك ومر كل ذلك أمامه وعاش مع بعض الحالات مع أصدقاءه وأحس بمعاناتهم اليومية لذلك حرم أن يشارك في أي كانت وفضل العيش تحت وطأة الكراء والتنقل من بيت إلى آخر على أن يعيش على أعصابه طول الوقت ، لكن وفي أحد الأيام جاءه صديق عزيز عليه ،عرف بصدقه وطيبته وطلب منه المشاركة في تعاونية التابعة لمديرية التجهيز و الأشغال العمومية التي يعمل فيها ، وزين له انجازات المديرية فيما يخص الطرق والأعمال الاجتماعية ،ففرح ياسن وانساق مع التيار وقال مع نفسه الآن حان الوقت لأملك بيتا خاصا بي وانتهي من الكراء كليا وطار عبر الأحلام يبني ويعلي ،سأبنيها من طابقين والأرضية سأتركها للمحلات التجارية ،وسأشتري سيارة فاخرة وأتزوج حبيبتي التي أعشقها وأولادي منها سأدخلهم إلى أحسن المدارس بعائدات المحلات التجارية وسأزور البلدان التي أعشقها وأحج بيت الله الحرام و....و...وعدة أماني مكدسة بالأطنان تنتظر النور للخروج. شارك في المشروع السكني الجديد وتابع الدفعات بحيوية ونشاط حتى لم يبق إلا القليل منها شكله شكل المشاركين الآخرين لكن بعد ذلك توالت الوعود سنة بعد سنة ولم يكتمل المشروع رغم مرور خمسة عشر سنة عليه منذ بدايته فمات من مات وعاش من عاش، وتزوج ياسن وتوالت السنين وبدأت الشيخوخة تدخل مع عظامه وتغير شكله وتخر قواه والأحلام تناثرت من حوله كأوراق الشجر الميتة في الخريف ، خاف من التعاونيات الفاغرة أفواهها كالقروش ليسقط في المستنقع لذا التماسيح التي أخذت منه كل شيء ،مزقت طموحه إربا إربا، و حطمت أحلامه وكسرت عظامه وشربت دمه ورمته في جزيرة النسيان وظل يراقبها من بعيد تحطم كل ما بني ،عاش المسكين على أمل ومات في حزنه من تماطل وتحايل وغش الإدارات. مازال في فصله الأخير يئن تحصرا على ما فات و دائما في حالة انتظار واحتضار ، مرة يطرق هذا الباب ومرة أخرى ذاك ولكن لا مجيب، فيكتفي عند الرجوع إلى البيت بالنظر والحصرة تملأ عينيه في العمارات الشاهقة التي بنيت بالقروض البنكية وفوائدها بالقرب من حلمه الذي تكسر على صخور بعض النفوس الخبيثة. بقلم محسن أيت أحمد [email protected] بريس تطوان