صدر للدكتور يوسف الحزيمري كتاب جديد بعنوان: "صناعة الجدل عند مفكري الإسلام" عن مكتبة سلمى الثقافية (206)، وهو كتاب يبحث موضوع الصناعة الجدلية مفهوما وتأصيلا وتطبيقا؛ مفهومه اللغوي والاصطلاحي في الثقافة الإسلامية، ومصدريته (في القرآن والسنة) كمنطلق عقدي وأخلاقي، وتطبيقاته في مختلف مناحي العلوم الإسلامية حين أصبح صناعة علمية، وهو ما جاء تأكيده في المقدمة التي وضعها الدكتور أحمد بوعود تقريظا للكتاب. وقد اختار المؤلف منهجا استقرائيا في تحرير فصول هذا البحث ومطالبه، توخى من خلاله الوقوف على تطبيقات الصناعة الجدلية عند مفكري الإسلام في مختلف المجالات العلمية. وقد جاءت مباحث الكتاب في فصله الأول لتشمل العناوين التالية: مفهوم الصناعة الجدلية: معنى السؤال الجدلي والجواب الجدلي، مرتكزات الصناعة الجدلية تأسيسا وبناء، علاقة الجدل بمدارك العلوم. فيما شمل الفصل الثاني بيان منطلقات الصناعة الجدلية العقدية والأخلاقية. وأخيرا خصص الفصل الثالث لتاريخ الصناعة الجدلية نشأة واستعمالا كما وردت تطبيقاته في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وعند بعض الصحابة الكرام وكذا عند بعض أعلام فقهاء المسلمين. وقد خلص المؤلف من خلال هذه الفصول إلى القول بأن الناظر في القرآن الكريم يجده قد اشتمل على جميع الأساليب الجدلية، مما أعطى مشروعية لهذه الصناعة المعرفية، كما أن أعمال الرسول عليه السلام تطلعنا على مختلف الأساليب الحجاجية التي اعتمدها، سواء مع قومه أو مع خصومه بحسب المواقف، وهكذا انتهج علماء الإسلام على استعماله في محاججة الخصوم والرد على المجادلين مما نجده واضحا في مختلف مواضيع المناظرات العلمية التي حفظها لنا تاريخ الثقافة الإسلامية. وفي جزء تالٍ، عقد المؤلف المقارنة بين صناعة الجدل عند مفكري الإسلام وبين غيره من الملل الأخرى وخاصة الجدل لدى اليونان عند المعلم الأول أرسطو. مبينا ما تميز به الجدل في القرآن عن الجدل عندهم من اعتماده على استعمال جميع أنواع البراهين والأدلة والعلوم بهدف الوصول إلى مبتغاه من غلبة الحجة والدليل، مستخلصا من ذلك تأكيد كيفية انعكاس أسلوب الصناعة الجدلية في الإسلام على مختلف المحالات المعرفية، حيث أصبحت جميع العلوم الإسلامية آخذة بهذا المنهج الجدلي كما في علم الكلام والفقه وأصول الفقه والمنطق وغيرها، يشهد لذلك ما خلَّفه لنا علماء الإسلام من مناظرات في شتى العلوم، وفيما وضعوه من مؤلفات في هذا الفن، تروم تقنين مادته، حصرا واستقراء، ومنهجه تجديدا وإبداعا، بما شمله من آليات الإلزام والانفصال والإفحام والانقطاع، حتى غدت هذه الصناعة من المعالم الحضارية في تاريخ وفكر الأمة الإسلامية، غايتها إحقاق الحق وإظهار الصواب والاحتجاج له، وقد وقف المؤلف على نموذجين اثنين هما الإمام مالك بن أنس والإمام إدريس الشافعي في جدالهما للغير. إن كتاب: "صناعة الجدل عند مفكري الإسلام" هو إضافة نوعية للمكتبة الإسلامية عموما، والفكر الإسلامي خصوصا، في موضوع فريد تأصيلا وتطبيقا، سيفيد بلا شك في تتبع خريطة الصناعة الجدلية عند مفكري الإسلام، ومقارنتها بغيرها من الثقافة اليونانية على وجه الخصوص. "صناعة الجدل عند مفكري الإسلام" من تأليف: الدكتور يوسف الحزيمري