أبرز متدخلون في ندوة، اليوم الخميس بطنجة، أن الرقمنة والتجريد المادي للخدمات ساهما بشكل كبير في تبسيط وتسريع المساطر الإدارية بالمغرب. وأكدوا، خلال هذه الندوة التي نظمت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة تحت شعار "التجريد المادي بين التشريع والممارسة"، أن الرقمنة، وبالرغم من بعض الإكراهات التشريعية في بدايتها، ساهمت بشكل كبير في عصرنة وتحديث خدمات الإدارة المغربية على مدى العقدين الماضيين. وأبرزت الباحثة الجامعية فايزة علوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الندوة حاولت تتبع مسار رقمنة الخدمات من خلال استعراض تجربتين رائدتين بالمغرب، ويتعلق الأمر بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
وفي هذا السياق، اعتبر مدير الدراسات والتواصل والتطوير بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، رضا بنعمر، أن هذه المؤسسة كانت من بين الإدارات الأولى التي وضعت نظاما لرقمنة الخدمات للمنخرطين (مقاولات وأجراء)، بالنظر إلى الحجم الكبير للمعطيات المعالجة، والتي تهم أزيد من 3 ملايين شخص من الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق، موضحا أن الرقمنة تهدف بالأساس إلى تجويد أداء الصندوق وتسهيل المساطر وخفض كلفة معالجة الملفات. وأوضح أن تجربة الصندوق انطلقت في مرحلة أولى عبر تمكين المقاولات من التصريح بالأجراء رقميا لصيانة حقوقهم، قبل العمل على توسعة المنظومة الرقمية ابتداء من عام 2003 لتشمل الأجراء، عبر وضع بوابة خاصة تمكنهم من تتبع مسارهم المهني منذ التصريح بهم لدى الصندوق، ومدى تقدم معالجة ملفاتهم (التأمين عن المرض، المعاشات، التعويضات ..). وبعد أن ذكر بفوز تطبيق الصندوق بالجائزة الأولى في مسابقة "امتياز" ضمن فئة تطبيقات الهواتف الذكية، سجل بأن توسيع سلة الخدمات الرقمية للصندوق ما زال متواصلا، حيث شرع ابتداء من يناير الماضي في الإصدار الرقمي لشهادة الأجور والمعاشات (أزيد من 400 ألف شهادة مسلمة كل عام)، مع قرب إطلاق خدمة تغيير العناوين واستصدار بيان الهوية البنكية رقميا، لافتا إلى أن "الرقمنة ليست ترفا، بل هي ضرورة ملحة فرضها التطور". من جانبه، أوضح المدير الجهوي للجمارك والضرائب غير المباشرة بطنجة تطوانالحسيمة، مراد بوشعرة، أن "الرقمنة صارت جزء من المعيش اليومي للمواطن المغربي" ، مقدما نبذة عن الإطار القانوني لرقمنة الخدمات التابعة للجمارك، الذي أتاح "الرقمنة الكاملة والكلية لكافة الخدمات الجمركية ابتداء من يناير الماضي سواء في التصدير أو الاستيراد". وتوقف المتحدث عند منافع التجريد المادي للمعاملات، من قبيل اشتغال الإدارة على مدار اليوم وإتمام المساطر الجمركية دون حاجة للتنقل، وتسهيل عمليات المراقبة الجمركية، وخفض آجال وكلفة المساطر الجمركية، وتأمين المساطر الجمركية وتبادل الوثائق مع باقي الهيئات المتدخلة في التجارة الخارجية.