لقد توافدت كل الديانات السماوية إلى المغرب مع معتنيقيها وآخر دين جاء الى هذا المغرب بعد الديانة اليهودية والمسيحية هو الاسلام وتعايشت الثقافات والديانات دون فتن ولا حروب مع وجود حدود عادية للتعايش كانت ولا تزال لمن اراد ان يعرف ذلك وبشكل موضوعي.. ولم يظهر التطرف والتشدد إلا مع مرحلة تنامي حركات حقوق الانسان حيث تم اغفال الطبيعة البشرية الشريرة وتم تفضيل الإحساس الانساني وتعميمه … بل ان فلسفة الماسونيين فتحت باب الممكن في مجال حقوق الانسان حتى وصلت الى حرية الجسد واصبحنا امام الجيل الخامس من موجة حقوق الانسان كحق زواج المثليين واللجوء الجنسي …الخ وتم التركيز على تحرير الافراد دون مراعاة البيئة التي سيعيشون فيها هؤلاء لا سيما مع ازالة قوانين ووسائل الردع بالنسبة للمجتمعات التي يستحيل فيها قبول بعض مظاهر حقوق الانسان وحرياته … وبسبب الفهم الديني المغلوط عند البعض مما أدى إلى إرباك الحسابات للذين يسمعون ولا يعون مخاطر الواقع.. كما أن الاديان التي أصبحت مجالات للاستثمار في كل الاتجاهات ومنها نيل المتدينين بدين معين من من يتدين بدين آخر سياسيا واقتصاديا …
إن خطر التطرف بكل أشكاله يهدد المجتمع بأكمله ويهدد القيم المشتركة ويبدو ان الفكر الديني المتشدد هو نابع من وضعية الانسان وتحديات الحياة لديه وليس من منطلق النص الديني، بل ان الحقد ليس بالضرورة ان يحصل لكل من درس الدين لكن الحقد والكراهية تنتج عن طبيعة التربية والبيئة التي ينشأ فيها الفرد.
كما أن العالم اليوم لم يعد بامكان أحد ان يفرض المراقبة على سلوكات الافراد ما دامت وسائل كثيرة ومتاحة وبلا حدود .. كالتكوين عن طريق الانترنيت او التوجيه عن بعد او التأثر بافكار لجماعات مؤسسوها خارج الوطن وايضا الارتباط بزعامات او شخصيات سياسية او دينية دولية او بناء نفسية الشخص المتطرف عن طريق ما ينشر عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي…
ان قتل السائحتين جريمة خارج المنطق وخارج القانون ولا مبرر لها دينيا ولا انسانيا ولا اخلاقيا لكون الامر يتعلق بحرية من حريات الانسان الطبيعية زيادة على كون السياحة والرياضة معروفة في الاوساط الدولية ومنظمة بقوانين، والغريب هو ان المجرمين الذين قتلوا السائحتين الداماركية والنرويجية ضربوا حتى الثقة التي ينالها المغرب في الاوساط الدولية على المستوى الامني وكرم الشعب المغربي والتعايش الثقافي الذي يتميز به المواطن المغربي ..
ان الامن وحقوق الانسان لا يخلو من تعقيد ويبقى الأمل في استعادة الدولة مهامها الحازمة لأن الخطر قد يكون أكبر ولا يمكن إغفال الخطر الافتراضي فمشاعر الحقد و الجهل تنمو كل يوم والصراع الدولي يزيد في الانطواء لدى الافراد والنقاشات الكثيرة غالبا ما تكون لدى الافراد قناعات غير معلنة يحتفظ بها اصحابها الى حين ترجمتها الى سلوكات عدوانية .. بالاضافة الى ان العصابات يكفي ان يتفق شخصين او اكثر على خطة ويبداون الفعل الاجرامي .. وهذا يتطلب مراجعة شاملة لوضعية حقوق الانسان واعادة العمل بمسطرة ليس فيها تسامح اذا تجاوزت الافعال حدود المنطق والقانون . فالانهيار عملية سهلة بينما البناء عملية مكلفة لكن المراقبة والعقاب عملية تمنع الاولى و تشجع الثانية..
لقد اصبحت الجريمة والتطرف ظواهر فجائية ومباغتة تحل بالصدفة مثل السرطان ومعششة في المناطق البعيدة عن العيون الأمنية والدليل ان المجرمين القتلة للسائحتين لم يكونوا على علم بقدومهما او معرفة تاريخ تواجدهما بالمغرب. ولم يبقى لجمعيات ومنظمات حقوق الانسان اي مبرر لتأييد حقوق الانسان الاخرى ما بعد الاعتداء على الحق في الحياة للسائحتين القتيلتين.