لم تعد تخفى على أحد العلل التي أصابت مؤسسة الزواج بالمغرب، فالمجتمع يئن منذ زمن تحت وطأة داء لم ينفع معه قانون الأحوال الشخصية قديما ولا مدونة الأسرة الجديدة، لتتدهور هذه التركيبة المجتمعية، وتتحول من سيئ إلى أسوأ، والتأكيد يأتي من الأرقام التي يتم تداولها بين الفينة والأخرى، وتسجلها محاكم الأسرة بمختلف جهات المملكة. والمثال هنا من محكمة الأسرة بمدينة تطوان، التي سجلت رقما قياسيا بلغ 2800 حالة طلاق خلال سنة 2018، تم تسجليها في صفوف الشباب وحديثي العهد بالزواج، وفق ما أكدته مصادر جريدة هسبريس الإلكترونية. "لا يختلف اثنان على كون الطلاق أصبح آفة اجتماعية تنخر المجتمع والأسرة المغربية في الآونة الأخيرة"، يقول حاتم نظام، المحامي بهيئة تطوان، مضيفا أن عوامل كثيرة وراء استفحال هذه الظاهرة بفعل التحولات السوسيو اقتصادية التي يعرفها المجتمع المغربي، وفي مقدمتها غلاء المعيشة وضعف الأجور وحداثة سن المتزوجين. وأضاف حاتم نظام "للظاهرة نتائج حتمية تؤدي إلى التفكك الأسري، فبمقارنة بسيطة بين ما كانت عليه أرقام الطلاق قبل سنوات وما أصبحت عليه الآن، نجد أنها تضاعفت عشرات المرات. كما أن الزواج أضحى لا يعمر أكثر من سنتين، إذ سرعان ما تدب إليه أسباب الانفصال، التي لا يمكن حصرها في عامل أو أكثر، فإلى جانب العنف المادي والمعنوي كمؤشر رئيس في حمل الزوجة، خاصة، على طلب الطلاق، نجد جانب الخيانة الزوجية حاضرا بقوة، فضلا عن تقاعس الزوج عن إعالة الأسرة وتلبية حاجياتها". وأشار المحامي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، إلى وجود عوامل خارجية أخرى تؤثر سلبا على استمرار العلاقة الزوجية، مستحضرا في هذا السياق تأثير المحيط الأسري للزوجين في انهيار بيت الزوجية، لا سيما أن العلاقة بينهما غالبا ما يطبعها التشنج. وأكد المحامي الشاب أن للظاهرة نتائج وخيمة على الفرد والمجتمع، مضيفا أنها تخلف أضرارا نفسية واجتماعية على الأبناء، كالإحساس بالنقص، والحرمان من دفء الأسرة والعطف. هذه العوامل مجتمعة، يضيف حاتم، تفرز جيلا منغلقا على نفسه، ومتقوقعا في عزلة قاسية غالبا ما تفضي بأكثرهم إلى التمرد، والبحث عن سبل التآلف والاندماج والتوافق، كما قد يؤدي بهم الحال إلى الإدمان والانحراف والفشل الدراسي. من جهة أخرى، قال المحامي نظام إن مرور المرأة بتجربة زواج فاشل يجعلها لقمة سهلة لولوج سوق الدعارة تحت قسوة الفقر، وانسداد آفاق الشغل، في محاولة منها تحرير أبنائها من مخالب الفقر والضياع. وتحاشيا لهذه المزالق ورفعا من ضغوطاتها، يطالب نظام بوجوب الوقوف مليا عند إنشاء محطة جديدة للانطلاق في إعادة بناء الأسرة المغربية وفقا لضوابط أخلاقية وقيم حضارية، تعهد إلى مؤسسات اجتماعية مرافقة مهمة استقبال الأسر ومنحها جرعات تربوية مقوية من حيث الإنجاب والرعاية والتوجيه والمراقبة. ويطالب المحامي ذاته السلطات المغربية بالمساهمة في هذا الصرح عبر تدخلها في مكافحة آفة المخدرات من جهة، وفتح آفاق الشغل وإعادة النظر في إنشاء تعاونيات نسوية منتجة تستقطب لها الفتيات من جميع الأعمار بدل غض الطرف عن سقوطهن في مصائد الرذيلة، محملا المسؤولية إلى قنوات الإعلام العمومي، التي تغيب عنها برامج التوعية والتحسيس الأسري والثقافة القانونية الكفيلة بتجنب عوامل ونتائج الظاهرة، وبالتالي ضمان استمرار العلاقة الزوجية وحماية الأسر من الشتات.