بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين. وبعد: فإن أهمية السيرة النبوية، تنبع من مكانته صلى الله عليه وسلم، وطبيعة رسالته التي أرسل بها للبشرية جمعاء، ولذلك أصبح علم السيرة النبوية من أشرف العلوم وأرفعها شأنا بعد كتاب الله عز وجل، لأن مدار مسائله ومجال مباحثه، ذاته صلى الله عليه وسلم، من تاريخ حياته، وعلمه، وشيبه وخضابه، وأكله وشربه ولباسه، وغير ذلك مما يجتمع له خاصة،وقد كتب في هذا مالا يعد من المجلدات. ورحم الله الإمام الزهري إذ يقول في علم السيرة والمغازي:"علم الدنيا والآخرة". ولقد كان للمغاربة اهتمام واسع بالسيرة النبوية العطرة، جمعا وتصنيفا وشرحا وتدريسا ورواية، كما كان لسبتة اليد الطولا والقدح المعلى في هذا المجال. وسنحاول في هذا العرض الوجيز أن نبين ماألفه علماء سبتة في هذا الفن،وهذا العرض هو تلخيص لبحث نلنا به شهادة الماستر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان. والموسومب"إسهامات علماء سبتة في السيرة النبوية"، درسنا فيه ماتيسر لنا معرفته من مصنفات سبتية في السيرة النبوية العطرة، وسيطبع إن شاء الله قريبا بطوله. وسنتطرق في عرضنا هذا للمسائل التالية: - مقدمة - اهتمام علماء الغرب الإسلامي بالسيرة النبوية - المصنفات السبتية في السيرة النبوية أولا: اهتمام علماء الغرب الإسلامي بالسيرة النبوية: حضيت الدراسات المتعلقة بالسيرة النبوية بما يليق بأهميتها ومكانتها كمادة تاريخية أصيلة تشكل الإطار العام للشخصية الإسلامية في أبعادها الإنسانية وفي انسجامها الفطري مع المفاهيم الدينية التي تقوم عليها العقيدة الإسلامية. والمغرب المعتز بدينه، الفخور بثراثه، الغيور على قيم الإسلام، موطن أصيل لدراسة السيرة النبوية، كما هو موطن أصيل لدراسة الحديث الشريف، والمحدث المغربي صدوق فيما يرويه، ثقة فيما يصححه من الأحاديث لايروي إلا ماثبت لديه من الروايات،يحسن الرواية ويجيد معرفة الرجال( من مقدمة الدكتور محمد فاروق النبهان: لكتاب المصنفات المغربية في السيرة النبوية ومصنفوها الدكتور محمد يسف1/3) وإذا رجع الباحث إلى المصنفات المغربية في السيرة النبوية، تأكد لديه مكتنة المغرب كدار للسيرة، ومكانة العلماء المغاربة في خدمتها، وفي إغناء مكتبة السيرة النبوية بالكتب والمصنفات النفسية،التي جعلت علم السيرة من العلوم الإسلامية الأصيلة. وقد أشاد العلماء المشارقة بالمصنفات المغربية في السيرة، واعتبروها من أمهات كتب هذا الفن وأبرزها مكانة، ووصف ابن الصلاح في مقدمته :كتاب "الاستيعاب" لابن عبد البر، بأنه من أجل الكتب في معرفة الصحابة. والروايات المشرقية لكتاب الشفا للقاضي عياض كثيرة، وكان لهذا الكتاب مجالسه الخاصة.
ويعتبر من أهم الكتب التي انتشرت في المشرق، وكان الناس يتبركون به، وانتشر كتاب الروض الأنف للسهيلي انتشارا واسعا في المشرق والمغرب، وأصبح ركنا من أركان مكتبة السيرة، وأصلا من أصول هذا العلم، ولو أراد باحث أن يرصد كل ما ألفه المغاربة في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم، لوجده عملا شاقا يحتاج إلى جهود متواصلة، وإلى صبر وقدرة على تحمل أعباء البحث.
يتبع ذ . الباحث: محمد المجاهد منشورات المجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق الفنيقد كتاب "سبتة العالمة ومدارسها في العلوم الشرعية"