شخص ما تعبد في حراء،ولا نزل عليه الوحي من السماء،وزماننا هذا منه براء،لأنه اقترف جريمة شنعاء،قد لا يغفرها الأصدقاء فماذا عن الأعداء،ولكنها عند رب السماء وسام موروث عن الأنبياء والأولياء. إنه شخص أراد أن يغير من نفسه، فثار على الإنهزامية والفردانية وحب الذات والتقوقع على "الأنا"، فكان الجواب من الأصحاب والأحباب أن أقفل عليك الباب،فدخوله لا يؤدي إلا إلى الخراب....عش كما أنت يا هذا، ليس هناك عيبا في العبادة ،صلي وصم وزكي ولا بأس في الحج، ودع عنك الجهاد... آكل أنت وشارب ،شبعان أنت وزوجك وأولادك فما شأنك بالعباد،كل يغني على ليلاه، فما بالك أنت تطمح في الريادة ،هل جننت أم مس شيطاني فالخوف من هذا. لم يبدي هذا الشخص استغرابه فهو على دراية بمجتمعه، كيف لا وهو منذ أن ولد وأمه تردد على مسامعه "لا تتدخل فيما لا يعنيك".الشيء الوحيد الذي لطالما حيره أن كيف أباد الناس كلمة الحياة وارتضوا بالعيش بديلا؟ وشتان ما بين أن يحيى المرء وأن يعيش... إن الله نهانا عن قرب الخمر والزنا...،ولكن المجتمع حرم علينا أن نقرب الحياة والدعوة إلى الخير ودعانا إلى عدم الخروج من صدفة الأنا المغلقة... فما لبثوا أن حاكموا ذاك الشخص قائلين : ما دخلك أيها الخارج عن قانون الجماعة بالكرامة والحرية..ما دخلك في أن يموت الآخرين جوعا إن أكلت أنت ...أو أن يقتل الملايين إن ظللت أنت ....النضال ....الكفاح...الكرامة ....فلسطين...الطفولة...هذا القاموس قد بيع في مزاد علني ومن اشتراه قام بإحراقه ،وأنت ما تزال في بطن أمك ، وقد منعناها من قراءته حتى لا تنتقل عدوى محتواه إلى الجنين...فكانت من السامعين الطائعين،فما بالك أنت تحب خرق القوانين... ابتسم ذلك الشخص ببرود ، وبدى عليه الشرود، ثم توجه بالرد قائلا :أتحاكمونني على تهمة الأمل ....أم على الرغبة في مستقبل أفضل،أأحاكم على دمعة عيني نزلت على دماء إخواني أريقت؟ أم على قضية في قلبي أحملها أم على حلمي بوحدة في أمتي أنشدها ...حاسبوا من سرق ثرواتكم وخيراتكم، من ألبسكم ثياب الذل وكتب أساميكم حروف علة ،على جدار يريد أن ينقض وليس هنا الخضر ليقيمه...فاستعدوا للهلاك المحتم بعد سقوطه لتبنى عليه مقبرة إبادة جماعية ستأخذ لها ذكرى سنوية وسيقال: هنا ترقد الضحية ، فأفيقوا واحملوا وعاء المسؤولية ... واكتبوا بماء الذهب قصة خالدة ،لذوات كانت هنا تقضي حياة ليست بمنسية لأنها كانت لشخص "صاحب رسالة"إصلاحية. نورة الجباري