امض... ولا تلتفت ... لا أحب الملتفتين ... هم يسرقون القلب في طرف العين... في الدمعة العصية تحجب الرؤيا...مما تبقى من السيول المتحجرة من الكلمات النازفات... كانت تتقطر عسلا من الغياب يقص مضجع الحالمين المرابطين على أعتاب النوافذ المشرعة... المتكئة على عكاز الأمل... نافذتي لم تعد فسحتي كانت نافذتي تتأنق كل صباح تستحم... تتبرج...تتعطر... ترخي شراشفها تتراقص على نونات النسيم هي فسحتي هناك... وأنا هنا ... هي صقر جوال يحلق عاليا يحط بي آن أشاء في ربيع الصدر... وخرير الماء... في امتداد سيقان الأركان لا يراها سواي ... عند قدم افريست ونهر الغانج... أمام نافذتي ترصصت أحجار الغياب.... حجبت امتداد البصر... جسدي هنا وروحي هناك ... أكسر حبات اللوز ...أقشر بعض الصور... وأستريح بين ما تبقى من معزوف الصوت العالق في مخزون الذاكرة ... شبابيك نافذتي عصية على كل الفصول لا ينهكها الصدأ بارزة للعيان كتوأم برتقالة على شجرة في حديقتي الخلفية ...تشد المارة تسيل اللعاب في قيظ الصيف نافذتي لم تعد فسحتي... أراها اليوم واجمة ترتدي عباءة مزركشة بين اليأس والقنوط... تراقب مرور الغيم يهوي بمحاذاة البحر ...وأنا أتصبب عرقا من جلد الوحشة... نافذتي سيدة النوافذ، تثير غيرة صويحباتها... من لمعان زجاجها اللازوردي يفتح شهية العصافير من أحمر شفاهها يرسم قوس قزح ... فتكتظ بالفرح... ما بها نافذتي صامتة اليوم؟ لعلها تحن لمشاغبة طفل يحذفها بقطعة طوب ويجري... أو يصوب اتجاهها مسدسا بلاستيكيا يرشقها بقطرات الندى... أو تنتظر مرور طفلة تلوح لها بباقات الياسمين فتحتضنها وتشهق من الحنين ... ما بها نافذتي هادئة اليوم؟ لم تعد تتأفف من دخان سجائر العابرين يلوح في الفضاء... ولا صخب العربات تثير الغبار ولا حتى من اتساع الشرفات المجاورة قد تكون نافذتي تفرش ما تبقى من الثواني لتسمع بعض الأحاجي لعلها اليوم غارقة في رعونة الوقت وملل اللحظة ...تنتظر وميض الدجى يزهر من جديد أو أنها تستلقي على سرير الذكرى تتحسس ما تبقى من سدر الغزال... قد تكون نافذتي تعزف لحن الرحيل على قيثارتها المتفردة أو أنها تحتضر أمام مرايا باقي النوافذ... نافذتي لم تعد فسحتي نافذتي مصفاتي ...أعبرها لأرى نفسي ...وأراك