قبل قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي قامت باستفتاء شعبي. ونحن، على مدار ثلاث سنوات والشعب المغربي يتفرج فاتحا فاه في الجولات المراطونية الملكية بإفريقيا دون أن تخبرنا القنوات والإذاعات والجرائد المخزنية السبب الحقيقي منها، بعد أن وصلت قضية الصحراء إلى عنق الزجاجة بخطة تُحاك في ردهات الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن لوضع فيدرالية بحكومة من تندوف.
وتنقل صحافتنا لنا كل يوم حفاوة الاستقبالات الملكية بالدول الإفريقية والجالية المغربية هناك كأنها تحقننا بالبنج والتنويم حتى لا يتساءل المغاربة عن الملايير التي بذرتها الديبلوماسية الفاشلة سنويا بين اللوبيات الأمريكية والصحافة الغربية والمرتزقة متعددي الوجوه الذين بلعوا عائدات الثروات المغربية ثم خذلوا في كل مرة المغرب.. ملايير وعائدات لو استُثمرت داخل المغرب لتحسين وضعية المغاربة، الذين يوزع عليهم النظام اليوم بعض الطحين والمستوصفات المتنقلة كأنه يُتصدق على لاجئين، وتعليم المغاربة الذي يُباع اليوم في المزاد العلني بتوصية من صديقة بنكيران كريستيان لاكارد مديرة صندوق النقد الدولي. إن تعليمنا الرديء، أو انعدامه، جعلنا نقبع في الرتبة 36 في محاربة الأمية بين 52 دولة إفريقية، بما فيها الفقيرة والمتخلفة اقتصاديا. لو استُثمرت تلك العائدات داخل المغرب لكان الوضع جد مختلف، ولكان المغاربة واعين بمشكلة الصحرا بل قادرين على الدفاع عنها بالنفس والنفيس.
طيلة هذه الثلاث سنوات، ونحن نبلع الأخبار المخزنية ونتساءل ونحن نرى الملك يستنفد كل ما يملك من صفات وثروات المغرب المادية واللامادية في تلك الجولات الإفريقية، من كونه أميرا للمؤمنين وسليل آل البيت ووالي التجانيين لاغيا التأشيرة على تيجانيّ القارة، بانيا مساجد بمصاحفها وآئمتها المدربين على يد أحمد التوفيق جنرال معسكر الإسلام المغربي مع فورفي مجاني بقدرات أجهزتنا على المراجعات مع السلفيين والرؤوس القاسحين وتفكيك الخلايا الإرهابية ودمج الإسلاميين.. إلى صفته كأغنى أغنياء المغرب وواحدا من أغنياء إفريقيا كبير رأسمالييّ البلد ناشرا فروع شركته وشركات محيطه من المستثمرين الرأسماليين بتلك الدول الإفريقية ليصل حجم استثمار المغرب بها %62 من مجموع الاستثمارات المغربية بالخارج ويصبح المغرب ثاني مستثمر إفريقي بالقارة، إلى جانب ميزانية من الدولة لبناء مصانع وتوقيع اتفاقيات تبادلات تجارية. ولا منبر إعلامي مخزني وضّح أنها محاولات كسب دعم تلك الدولة لقرار عودة المغرب للاتحاد الإفريقي. ولا قناة أو إذاعة واحدة تشرح للمغاربة المأزق الذي وصل إليه المغرب في ملف الصحراء حتى حوّل وجهته من كسب الرضا الأمريكي الأوروبي إلى الرضا الإفريقي والرجوع إلى حضن الاتحاد، حتى لا ندين من أخطأ في البداية وأخرجنا منه.
ثم لنصدم بعدها ببلاغ الخارجية المغربية في حق زوما. ولا أحد منا يعلم من تكون زوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، ولا شرَح البلاغ نوعية الشروط التعجيزية التي وضعتها زوما هاته في وجه المغرب لعرقلة عودته للاتحاد! ولا أحد يعير المغاربة أي اهتمام إلى أن تلجأ إليهم الداخلية لإخراج مغاربة المغرب المنسي، الذين يموتون إهمالا، في الحافلات نحو الرباط ليحتجوا على زوما المسمومة كما تظاهروا سابقا ضد "بن كمّون" وهم لا يعرفون حتى من يكون. فلا غرابة أن النظام يريدنا أميين حتى يستعملنا لسد فشل دبلوماسيته ورعونة قراراته، وكي نظل مبنجين نحن نُساءَل وهم لا يُسألون عما يعملون! ولو اهتموا قليلا بمعيشة أفراد هذا الشعب، واستثمروا في المواطن، في علمه وبطنه وصحته ومسكنه.. كنا نديروا المسيرة البرونزية ماشي غير الخضرا، ونسترجعوا سبتة ومليلية ماشي غي نفكوا الصحرا.