ومن الناحية الإجتماعية كانت شفشاون أيام الحماية تقام بها عدة احتفالات، من أشهرها، عيد المولد النبوي، الذي تُقدم خلاله الهدايا إلى مولاي علي بن راشد، وتستغرق هذه الاحتفالات مدة أسبوع، وفي اليوم السابع من المولد تجتمع الحشود من مختلف أحياء المدينة، ومعهم الفرق الموسيقية المختلفة، ويتناولون الأطعمة المختلفة التي يتصدق بها الأهالي على الزوار الذين يفدون من الدواوير والمداشر الجبلية البعيدة. وقد شكل هذا العيد مناسبة مهمة للحركة الوطنية التي كانت تدس بين مواكب المحتفلين زمرة من شبابها لترديد الأناشيد الدينية والوطنية، وإلى جانب هذا العيد كانت الحركة الوطنية في شفشاون تحتفل بما يسمى ” عيد الجهاد”. ومن أهم الأحداث الاجتماعية التي يجب التنبيه إليها في هذا السياق القحط الشديد الذي أصاب المغرب حوالي سنة 1945م، حيث عانى سكان المدينة بسبه من ضيق شديد، وكانوا يحصلون على قسطهم من الخبز ببطاقة التموين، ويضطرون للاصطفاف في طوابير طويلة منذ الصباح الباكر للحصول على حصتهم اليومية من الخبز، وبالتزامن مع ذلك اجتاحت المدينة موجة من المهاجرين الريفيين، الذين اضطرهم الجوع إلى الرحيل عن أرضهم، وضيقوا على ساكنة المدينة، ووقعت بها بعض حوادث الغضب، وكانت مشاعر الأهالي اتجاه هؤلاء المهاجرين متأرجحة بين العطف عليهم والخوف من تجاوزاتهم في الوقت نفسه. ومما اشتهرت به شفشاون خلال الحقبة كثرة الزوايا وانتشارها في كل أركان المدينة إلى درجة كانت تفوق عدد المساجد، ومن أشهرها زاوية مولاي علي شقور، وزاوية الشرفاء العلميين وزاوية مولاي العربي الدرقاوي، والزاوية التيجانية وزواية سيدي بناصر، غير أن مشاركتها في العمل الوطني كانت محدودة إن لم تكن منعدمة. ومن الشرور التي أدخلها الاحتلال الإسباني معه إلى مدينة شفشاون الدعارة المنظمة، فقد أذن بفتح ماخور للدعارة في المدينة، وكان يوجد بدرب الشهوب بحومة باب السوق، وحشر فيه العاهرات، وكان يرتاد هذا الماخور بالإضافة إلى المجندين الإسبان بعض الشفشاونيين المنحرفين، وفي هذا التاريخ كانت المرأة إذا ضبطت في حالة زنى تساق إلى ” دار التقى” وتقضي بها محكوميتها، عساها تتوب وترجع عن أخطائها، وإذا عادت مرة ثانية لنفس الفعل كانت تساق قصررا إلى الماخور لتمارس الرذيلة تحت مراقبة سلطة المخزن والاحتلال، وبرعاية “شيخة” تتولى توفير كل ما تحتاجه العاهرات من لباس وحلي ومأكل ومشرب وسكن. وقد عرفت شفشاون شأنها شأن ربيبتها بالمنطقة الخليفية حركة وطنية نشيطة، تشكلت أساسا من حزبي الإصلاح الوطني الذي كان يقوده الزعيم عبد الخالق الطريس، وحزب الوحدة المغربية الذي كان يقوده الشيخ المكي الناصري، وكلاهما كانا مركزهما بتطوان. منشورات الجمعية المغربية للثقافة الأندلسية العنوان “شفشاون قديسة الجبل“ للدكتور امحمد جبرون (طبعة ثانية 2017) بريس تطوان/يتبع…