بقلم:عبد العزيز شكود. تشكل مرحلة المراهقة لحظة أساسية يمر منها كل طفل خلال المراحل الأولى من حياته , وهي طبعا مرحلة عادية جدا,ينتقل من خلالها الطفل بيولوجيا ,إجتماعيا ونفسيا , لكن بالمقابل هناك العديد من الظواهر التي تلتصق بهذه المرحلة , من بينها ظاهرة"التقمص" الذي إزدادت حدته خلال المرحلة المعاصرة بسبب التطور الإعلامي و التكنولوجي الكبير ,ولما كان الأمر كذلك ,كان لابد من إعطاء هذه المرحلة الأهمية البالغة , قصد حماية الطفل من مجموعة من المشاكل التي ستؤثر لا محالة على حياته الدراسية ,الأسريةو الإجتماعية بسبب التقمصات اللامفكر فيها من طرف الأطفال المراهقين. 1_تعريف التقمص: يأخذ هذا المفهوم العديد من الإستخدامات والتعاريف , أبرز هذه التعاريف هي التي قدمها الباحثان "لابلانش وبونتاليس" في معجمهم الخاص بالتحليل النفسي , حيث إعتبرو أن التقمص هو ألية نفسية من خلالها يقوم الشخص بمحاكاة أو تقليد صفات أو خصائص شخص أخر, إما بشكل جزئي أو كلي , مما يؤدي إلى التأثير على التشكل العام لشخصية الفرد , أما" فرويد"فقد عرف التقمص باعتباره تاثر الانا بصفات أنا اخرى مما يؤدي الى تكون شخصية ثانية داخل الشخصية الأصل. 2_ الأسباب و النتائج: هناك العديد من الأسباب التي تتداخل لتولد ظاهرة التقمص , خاصة خلال مرحلة المراهقة , من أبرز هذه الأسباب يمكن الحديث عن غياب التوجيه والدعم الأسري , مما يؤدي بالطفل الى البحث عن البديل إما خارج الأسرة ,أو من خلال ما يقدمه له الإعلام دون إنتقاء أو إختيار ,بمعنى أخر أن الطفل يحاول البحث عن النموذج في غياب النموذج الأسري الذي يصحح ,يراقب ,ويقوم سلوك الطفل , مما يعني إحساس الطفل بالنقص واحتقار الذات , وفي هذه الحالة يكون قابلا للتاثر بالاخرين باعتبارهم يمثلون الحل وكتعويض للنقص الاسري الذي يعانيه المراهق , فمن خلال المعاينة المباشرة لسلوكات بعض المتعلمين يتضح ان الكثيرون من الشباب يحسون بالضياع امام ما يقدمه لهم الاعلام من صور حالمة عن المشاهير من فنانين , رياضيين وغيرهم من الشخصيات حيث يتخذهم المراهق وكانهم ابطالا للتاريخ فيبتعد الطفل تدريجيا عن واقعه ويتشبث اكثر بالاحلام الوهمية , بل اكثر من ذلك يبذل مجهودات كبيرة لتقليد هؤلاء من خلال اللباس ,طريقة الكلام,المشي ,والحلاقة... ,وهذا في حد ذاته خطر كبير فيما يخص مستقبل المراهق الدراسي التعليمي ,كما ان التقمص يؤدي الى تبديدالخصائص المميزة للانسان من ابداع,تميز,اختلاف وتفرد,حيث يتم اعادة انتاج نفس النماذج , مما يؤدي في نهاية المطا ف الى تكون ناشئة استهلاكية ,عاجزة على التفكير و المشاركة في البناء , اذن بهاذا المعنى يكون التقمص مرضا وليس نقطة للتميز, فيصاب الطفل بنوع من الفصام بين الرغبة في ما يقوم به النموذج "المتقمص"وبين الواقع المادي الاقتصادي للطفل ,مما يدخله في دوامة من الصراعات النفسية التي يصعب التخلص منها ,والتي قد تؤدي بالكثير من الاطفال الى تضييع طاقاتهم في في التقليد والبحث عن النماذج المزيفة عوض التركيز على التاسيس للنموذج الخاص ,المتفوق والناجح , صحيح يمكن الاعتماد على بعض النماذج الايجابية التي حققت النجاح والتفوق ولكن فقط للانطلاق وبدايات التاسيس وليس كمعجزات خارقة ,لان التفكير بهذه الطريقة سيؤدي الى الإيمان الأعمى بفكرة"ليس بالإمكان أفضل مما كان". فالتقمص إذن يؤدي إلى إبعاد الأطفال _خاصة خلال مرحلة المراهقة_ عن العالم الواقعي مما يؤدي إلى التشويش على الحالة النفسية و الروحية المتوازنة التي يجب أن تنشأ بين الطفل ومحيطه , من هنا ينبغي على الأسرة أن تلعب دورا مركزيا منذ مراحل الطفولة الأولى من خلال السهر على تنظيم وقت الطفل , وتوزيعه بشكل متوازن وأيضا التدخل في مراقبة وإختيار البرامج التلفزية والإلكترونية التي يتعامل معها الأطفال , ماذا يشاهدون؟كيف يشاهدون؟ ردرود الفعل بعد المشاهدة؟ من خلال التركيز على البرامج التربوية ذات الطابع التعلمي , ومع التكرار يكتسب الطفل "أليات القدرة على الإختيار والإنتقاء"فليست حماية الطفل المراهق هي غلق الأبواب عليه وفي نفس الوقت فتح ابواب العالم حوله داخل البيت من خلال القنوات الفضائية والشبكات الإكترونية دون توجيه أو تدخل ,إيمانا بفكرة أن الأسد حينما يقلد أسدا يصبح قردا ,على إعتبار أن الطفل المبدع المنتج والسوي لا يمكنه أن يعتمد على التقمص والمحاكاة العدمية , بل من خلال إستغلال قدراته الخاصة للتأسيس لصورة خاصة ,متميزة ومبدعة.