رغْمَ الجفاء “الخفيّ” الذي كانَ باعثهُ الأوّل ترْسيم الحدود البحرية، إلا أنّ وزيريْ خارجية المغرب وإسبانيا حرصا في أوّل لقاءٍ يجمعهما على تبادُلِ عبارات “الطّمأنةِ” المشوبةِ بكثيرِ من الحذر، إذ عملا على تخْفيفِ حدّة “التوتر” المتصاعد خلال الأيام الأخيرة بسبب الحدود البحرية والوضع المحلي في سبتةالمحتلة. وشدّدت أرانشا غونزاليز لايا، وزيرة الشّؤون الخارجية والاتحاد الأوربي والتّعاون الإسبانية، في حديثها مع نظيرها المغربي، على أنّ “مسألة سبتة ومليلية، وبالتحديد المشاكل التي نشأت في كلتا المدينتين، بسبب توقّف التّهريب في سبتة منذ أكتوبر الماضي وإغلاق المعابر التجارية في مليلية في عشت 2018، لم يُناقشها المغرب مع مدريد”. وشرحت الوزيرة الإسبانية أنّ “المغرب اتخذا هذين القرارين من جانب أحادي، ولم يستشر مدريد في كلتا الخطوتين”، وتابعت موضحة: “نحن متفقون على أن هناك حاجة للتشاور والحوار حول هذه القضية، وكذلك في مسألة الحدود البحرية؛ وسيكون ذلك أفضل وسيلة لدفع كلتا القضيتين إلى التّوافق”. ورغمَ “زحمة” المواضيع التي أثارتها الوزيرة الإسبانية خلال حلولها بالمغرب، إلا أنّها تشبّثت بإثارة أزمة التهريب في سبتةالمحتلة، مشيرة إلى أنّها “تتعهدُ بإيجاد حل لهذه القضايا التي كان باعثها قرارُ المغرب إغلاق المعابر الحدودية، خاصة التجارية منها”. ولم يقدّم المغرب حتى الآن تفسيرات رسمية بشأن القرارين المتعلقين بسبتة ومليلية المحتلتين، غير أنّه يعتبر أنّ فتح المجال أمام المغاربة لممارسة التهريب يضرّ الاقتصاد المحلي، وهو ما دفع الحكومة إلى التّفكير في إنشاء منطقة صناعية في منطقة الشّمال. وفي هذا الصّدد، قالت المسؤولة الإسبانية: “علاقاتنا مع الرباط ممتازة وذات أسس صلبة، بحيث يوجد تضامن دائم، ويمتد تعاوننا إلى الجميع النطاقات”، مردفة: “لدينا وجهات نظر متقاربة بشأن العديد من القضايا، وعلاقتنا جيدة وتعطي نتائج مبهرة”. وقالت لايا إنّ “إسبانيا هي الشريك التجاري الأول للمغرب، إذ توجد 800 شركة إسبانية تم تأسيسها في المغرب وحوالي 800 ألف سائح يتوافدُون في العام في الاتجاهين”. ولن يؤثّر القرار المغربي القاضي بإغلاق المعبر الحدودي سبتة على المهربين المغاربة فقط، وإنما على المواطنين الإسبان؛ بمن فيهم “أصحاب المطاعم وأصحاب المتاجر وسائقو سيارات الأجرة الذين يشتغلون مع المغاربة في نقل البضائع”. وأشارت مصادر إسبانية إلى أنّ “أكثر من 380 ألف مواطن في تطوان يعيشون على التهريب المعيشي، وحوالي 5 آلاف في الفنيدق يعملون في هذا المجال”. وتقترحُ السّلطات الإسبانية تنصيب وحدات أمنية جديدة بالقربِ من المعبر الحدودي “تاراخال”، بناء على طلب صريح من وفد الحكومة؛ بينما تطالب أحزاب اليمين المتطرّف بالجارة الشمالية المغرب بتشييد أسوار عازلة تمنع تدفّق المهاجرين والمهربين الذين يؤثّرون في الاقتصادين الإسباني والمحلي. وينتقد ممتهنو التهريب القبضة الأمنية المشددة التي تفرضها عليهم السلطات الإسبانية والمغربية، ويؤكّدون أنه “لم تقع أيّ حوادث متعلقة بهذا الإغلاق في الجانب الإسباني، رغم أنه أثر على السير الطبيعي لدخول وخروج كل من الأشخاص والمركبات”.