مترجم مغربي يسطو على الترجمة المصرية لرواية بلَاتِيرُو وأنَا[1] بْلاتِيرُو وأنا هو العنوان الذي اختاره الشاعر الإسباني العظيم لمجموعة حكايات شعرية تتحدث كلها عن هذا الحمار الذي وضع له اسم علَم بْلَاتِيرُو. الأحداث كلها تدور في البادية في مناخ بسيط وطبيعي ومتواضع، حيث يتعايش الأطفال والشيوخ والنساء والحمقى والكادحين، وكل مكونات المجتمع البسيط الخ، تحتضنهم الطبيعة الفطرية، وحب خْوَانْ رَامُونْ خِيمِينِيثْ. الكتاب احتفال ببْلاتِيرُو رفيق الراوي في كل حركاته وسكناته. حتى مماته والوقوف على قبره. بلَاتِيرُو هو بطل هذه النصوص الحكائية الشعرية. الكتاب يمكن أن يقرأه الأطفال، إلا أنني لا أعتقد أنه موجه إليهم بالخصوص. الكتاب عبارة عن 138 نصاً، لا تكاد تتجاوز صفحة واحدة لكل منها. النص مكتوب بأسلوب ميال إلى العبارة البسيطة الراقية، استعارات وتشبيهات وتمثيلات ورموز شفافة. إلا أن الكتاب ككل يمكن أن يعتبر أمثولة أو رمزاً. فاز الكتاب بنوبل للآداب سنة 1956. نوبل مستحقة فعلاً. بعد ثلاث سنوات نشرت دار المعارف بمصر سنة 1959 ترجمة هذا الكتاب. أنجز الترجمة المرحوم الأستاذ لطفي عبد البديع. وهو متمكن من الإسبانية. وله مساهمات مهمة لبناء الأسلوبية العربية. مجرد التفكير في ترجمة هذا الكتاب يعتبر سلوكا شجاعاً. أقرأ الترجمة أجدها جميلة. أحياناً لا ألتفت إلى المعنى، أكتفي بعذوبة الكلمات، وبهاء الأندلس ودَعتِها. في سنة 2008 نشرت “ترجمة” أخرى للكتاب في المغرب. قام بالترجمة الأستاذ إدريس الجبروني المصمودي. نشرت هذه الترجمة بدعم من وزارة الثقافة الإسبانية. حينما تصفحت هذه الترجمة وجدتها تنسخ نسخاً كاملاً الترجمة المصرية. عمل فاجأني كثيراً بل صدمني. بقدر حبي لهذا الكتاب الذي تعلمت فيه الإسبانية، وبقدر حبي للمرحوم لطفي عبد البديع الذي أتقاسم معه عشقي للأعمال الإسبانية العظيمة ولهذه اللغة الجميلة، لغة الكثير من المبدعين الإنسانيِّين الإسبان، الذي يعشقون المغرب والأدب العربي، كانت دهشتي مؤلمة وأنا أتأمل مصير بْلَاتِيرُو إيْ يُو ومصير المجهود الرائع للطفي عبد البديع. ولتكن هذه الكلمة تعبيرا عن الوفاء لحمار خْوانْ رَامُونْ خِيمِينِيثْ، أي لبْلَاتِيرو، ولكل أصدقائه. لأجل التوضيح أثبت، رفقة هذه الكلمة، ثلاثة نصوص، اخترتها بالصدفة وصوَّرتها وهي تحمل أرقامها في الكتاب الترجمة. أقصد ثلاثة نصوص في كلتا الترجمتين. إذن ثلاثة نصوص من كتاب لطفي عبد البديع وثلاثة نصوص من كتاب إدريس الجبروني المصمودي. أرقام النصوص هي (1 و 29 و 110) عند كل واحد من المترجمين. أعتقد بعد هذا، لا داعي للتعليق. مقابلة النصوص ببعضها في غنى عن أي تعليق.
1 بالإسبانية، بْلاتِيرُو: الذي يمتهن صناعة الفضة. وبْلَاتَا تعني الفضة