لا ريب أن مدينة تطوان ولله الحمد أصبحت تحظى بعناية خاصة كباقي مدن المملكة المغربية وخصوصا ما يتعلق ببناء وتشييد المساجد التي أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه. لكن هاته المساجد ونخص بالذكر مدينة تطوان وضواحيها أصبح شكلها يطغى بكثير على جوهرها الحقيقي الذي هو الدعوة والإرشاد والنصح، من طرف أئمة وفقهاء أكفاء في علوم الدين والدنيا. ولعل مناسبة حديثنا اليوم هو ما يحصل كل جمعة من الإستياء العارم لعدد من المصلين من بعض الخطب التي لا تساير البتة روح العصر ومتغيراته، (هذا في حالة ما إذا كانت مكبرات الصوت والخطيب وحنجرته تفي بالغرض)، بحيث لم تعد الفائدة تحصل بالشكل المطلوب، لدرجة أصبح بعض المصلين يتوجهون حتى الدقائق الأخيرة من الخطبة لأداء ركعتين من باب الواجب الشرعي ليس إلا. وقد يقول قائل أن صيغة الخطبة تُمليها وزارة الداخلية مرورا بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، على اعتبار أن المملكة المغربية تحافظ بهكذا طريقة على الثوابت الوطنية، ووحدة المذهب المالكي، وهذا مما لامراء فيه ، غير أنه يستوجب على خطباء المنابر عدم التقيد المطلق والكلي بحرفية نص الخطبة، مع وجوب الإنفتاح على مواضيع هامة تخص الشباب الذين هم عمدة الوطن، وذلك بتوجيههم الوجهة الصائبة في زمن المتناقضات والمتغيرات. حيث لا يعقل أن تصبح صلاة الجمعة مجرد حدث عابر ويوم مميز بطقوس المأكل والمشرب، دون الإستزادة منها بالتوعية والإرشاد من طرف الخطيب باعتباره أستاذا روحيا يسقي عطش المؤمنين كل أسبوع. ولا غرو أن نجد جموع المصلين يتكدسون على الباب مباشرة بعد الإنتهاء من صلاة الجمعة وكأنهم كانوا قابعين على الجمر، ينتظرون ساعة الفرج ، الأمر الذي يعتبر من بين الدلالات على الإمتعاض الشديد من مضمون الخطبة مدة نصف ساعة أو أكثر دون جدوى تُذكر. وقد يقول قائل أننا نتحامل بطرحنا هذا عن الجمعة كأفضل يوم عند الله، والحقيقة كل الحقيقة دافعنا الأساس من وراء النبش في هذا الموضوع هو الواقع المرير الذي آلت إليه الخطب المنبرية والتي لم تعد تعكس الصورة الحقيقية للإسلام بل قد لا نجازف إذا قلنا بأنها أصبحت تُفرخ فكرا معوجا ومغلوطا عن قيم الإسلام النبيلة والسمحة، إذ كيف يعقل أن تصبح مدن الشمال الأولى وطنيا لتصدير الدواعش في ظل وجود مؤسسات دينية تَصرِف الملايين على موظفيها والملايير على إنشائها؟ دون أن يكون لها دورها الريادي في محاربة كل شكل من أشكال الإنحراف والعنف بله التطرف الذي أصبح لصيقا بالإسلام والمسلمين وهم منه براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب.