كثيرون هم رجالات العلم و التصوف المغاربة عموما و المتحدرين من منطقة الشمال على وجه الخصوص الذين تحولت أضرحتهم إلى مزار الآلاف بل الملايين من المصريين على طول البلاد و عرضها لما اكتسبوه من مكانة في الوجدان و الوعي الجمعي للشعب المصري، فخصوهم بمواسيم بعينها كما تحرص على ذلك الطرق الصوفية المصرية، و لعلها الصدفة أو القدر من قاد هؤلاء إلى العيش و الاستقرار في أرض الكنانة بعدما لم تكن بالنسبة لهم سوى ارض عبور نحو بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج. الشاذلي..ابن أخماس الغمارية و من أشهر هؤلاء أبو الحسن الشاذلي صاحب الطريقة الشاذلية الذائعة الصيت بمصر و المشرق العربي الذي ولد سنة 571ه بقبيلة أخماس الغمارية، تفقه وتصوف في تونس، وسكن مدينة شاذلة التونسية ونسب إليها. تتلمذ على يد قطب التصوف بالمغرب عبد السلام بن مشيش الذي كان له كل الأثر في حياته العلمية والصوفية. قبل أن يرحل إلى تونس حيث اعتكف للعبادة، وهناك ارتقى منازل عالية كما في الفكر الصوفي قبل أن يشد رحاله بعد ذلك إلى مصر حيث أقام بالإسكندرية، و يعتبر الشيخ أبو العباس المرسي أبرز أتباع الشيخ، حيث يقول عنه أبو الحسن: "يا أبا العباس ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا، وأنا أنت"، توفي الشاذلي في شهر ذي القعدة 656ه في صحراء عيذاب، بمصر. المرسي أبو العباس..من أقسم المصريون بحياته و إلى جانب الحسن الشاذلي نجد أحد أبرز أتباعه و مريديه وهو أبو العباس المرسي المعروف في الأوساط الشعبية المصرية "بالمرسي أبو العباس"، و الذي لا زال المصريون يُقسمون باسمه إلى اليوم و هو عالم دين صوفي، وأحد أبرز رجالات الصوفية في سلسلة الطريقة الشاذلية، ولّد في مدينة مرسية في الأندلس، ومنها حصل على لقبه المرسي، أقام أبو العباس في الأسكندرية ثلاث وأربعين سنة، و عرف عنه نشره للعلم، وتهذيبه النفوس، فكان مضربا للمَثلُ بورَعه وتقواه. القناوي..ابن سبتة المتصوف و فضلا عن الشاذلي و المرسي أبو العباس فلا زال أهل الصوفية بمحافظة قنا المصرية لا يتوانون في تخليد ذكرى مغربي آخر ابن سبتة عبد الرحيم القناوي، المالكي المذهب الذي اختار الاستقرار بأرض الكنانة عائدا إليها بعد زيارة قادته على دمشق و أرض الحرمين، إبان عهد الخليفة العاضد بالله الفاطمي. عُرف القناوي بتصوفه و اعتكافه، و أقواله المأثورة و منها قوله "أمرت في باطنى ألا أنام إلا على ذكر، فسئل هل ذكر مخصوص فقال لا بل هو على الإطلاق، لا يغفل أحد عن الله إلا لقلة حظه فإنه سبحانه وتعالى لا ينبغي الغفلة عنه، الدنيا كلها ظلمة ليس فيها طريق إلا العلم، لا يستطيع العبد أن يرفع نفسه ما لم يرفعه الله، وسروري أن آراك، وأن تراني، وأن يدنوا مكانك من مكاني، وأرغب في لقائك كل يوم". توفي عبد الرحيم القنائي عام 592 ه، عن عمر ناهز 72 عاما، واستحوذ ضريحه على اهتمام الساسة، ومنهم الأمير علي بن سليمان الهواري، و كان الملك فاروق هو من وضع في زيارته ل قنا 1948 حجر أساس المسجد الحالي المبنى على الطراز الأندلسي.