بالمستشفى الجهوي بتطوان، مستودع للأموات يشرف عليه شخص متقاعد عن العمل يتقاضى من المواطنين بين 500 و 550 درهم عن غسل وتكفين موتاهم دون أن يسلمهم وصلا ، فهل من صلاحيات المستشفى تجهيز الموتى واستخلاص المقابل ؟ السؤال المطروح هل يتعلق الأمر بمقاولة خاصة بهذا الشخص في مؤسسة عمومية ، أم أنها شركة مساهمة مع شركاء آخرين؟ ترتبط بالمرفق المذكور شركة لنقل الأموات ، ويلزمك الشخص المذكور ومساعدوه أن تنقل ميتك بواسطة سياراتها ولو كنت تسكن على مرمى حجر من بناية المستشفى، يجيبونك إذا تساءلت، أنه قانون واجب التنفيذ ، ولا يكون أمامك إلا ان تذعن لهذا القانون الذي صدر عن برلمان المستشفى. الشركة المحظوظة هاته منحتها الجماعة المذكورة احتكار نقل الأموات ، مقابل دفتر تحملات لاتلتزم به الشركة ولا تراقب تنفيذه البلدية، فكي تنقل ميتك الى مدينة شفشاون مثلا تلزمك الشركة المحتكرة أداء مبلغ 2000 درهم، علما بأن دفتر التحملات ينص على أن تعرفة النقل خارج المدينة هو 4 دراهم عن كل كلم واحد ، ولا تبعد شفشاون عن تطوان بأكثر من 60 كلم يعني أن المقابل هو 60 كلم x 4 دراهم = 240 درهما وعلى فرض أن المسافة تحتسب ذهابا وإيابا فإن المبلغ لن يتعدى 480 درهما، وإذا رغبت في نقل جثة من الرباط الى تطوان فإن المقابل يقارب 4000 درهما ، مع أن المسافة بين المدينتين أقل من 300 كلم ، و باجراء عملية ضرب بسيطة تجد أن مقابل هذه الخدمة لا يتعدى 2400 درهم ، ستتذرع لك هذه الشركة بأنها توفر الصندوق ضمن هذه الخدمة ، لكن السؤال يظل مطروحا هل لهذه الشركة امتياز آخر لبيع الصناديق بالثمن الذي تفرضه على المضطر للتعامل معها في ظرف يتطلب التعجيل بنقل الجثة إلى حيث ستدفن ، وليس هناك وقت للمساومة أو الاحتجاج، حيث أن مراسيم الجنازة تنتظر قدومها بفارغ الصبر، إنها اعتبارات نفسية واجتماعية منها تؤكل أكتاف الموتى ببرودة دم . الجماعة الحضرية لتطوان تشتري سنويا كمية من الأكفان بملايين السنتيمات تسلمها لمحافظ المقبرة الرئيسية ، فهل راقبت البلدية كيف تصرف هذه الأكفان ، وهل يستفيد منها المعوزون فقط ؟ الذي هو معروف للجميع أن ذات الشخص الذي يتصرف في هذه الأكفان هو ذاته الذي يطالبك كي تدفن عزيزك بمبالغ قابلة للمساومة ، وعليك أن تدفع ما يطلب منك ، وليس من حقك أن تطالب بوصل عن ذلك ، لأن الأمر يتعلق بقوة قانون برلمان المقابر بتطوان غير القابل للمناقشة، الأمر يختلف حينما تكون مقربا من البلدية ، ستستفيد بكل كرم من خدمة مجانية في هذا الفضاء الذي من شأنه أن يذكر بحساب وعقاب اليوم الآخر. لقد زكمت رائحة هذا الملف الأنوف خارج المستشفى وخارج المقبرة المذكورة ، وعانى ذووا الموتى من ابتزاز تلك الشركة ومن المكلفين بتلك المقبرة، فهل فقد المسؤولون بالمستشفى وبالجماعة حاسة الشم ؟ توجه أحد أفراد أسرة امرأة توفيت بحي القدس إلى مصلحة تسجيل الوفيات بالجماعة المذكورة فوجد هذه المصلحة فارغة من موظفيها وكانت الساعة تشير الى حوالي العاشرة صباحا، ووجد شخصا غريبا عن تلك المصلحة واقفا قبالة بابها ، مكن هذا الأخيرالمواطن من رقم هاتف المكلف بمعاينة الجثث لكن هاتفه يرن ولا من مجيب ، ولما حضر دخل في جدال من موقع القوة التي تخوله اللعب بأعصاب مخاطبيه، لقد أمره سيادته بالتوجه الى المستشفى لإحضار ورقة الخروج منه علما بأن المرحومة توفيت بمنزلها وليس بالمستشفى ، ما علاقة معاين الجثث التابع للبلدية بالمستشفى التابع لوزارة الصحة ، وما علاقة الوفاة بالمنزل بوثيقة تشهد بالخروج من المستشفى ؟ هي ألغاز محيرة ، الجامع بينها هو عذب المواطن تنل " ثوابه" وزد في تعذيبه يزدك من "إكرامه" . الشوط الأخير من الطواف يسلمك إلى المقبرة لتجد المكلف عنها يطالبك بأداء مبالغ مالية غير معقولة لا يسلم عنها أي وصل . فهل عميت العيون وصمت الآذان بعد أن فقدت حاسة الشم لدى المسؤولين عن المستشفى وعن الجماعة الحضرية لتطوان ؟ أم أن الموضوع يتعلق بشبكة متعاونة تمتد خيوطها بين الشركة المذكورة والمستشفى والجماعة ، لا تتعاون حتما على البر والتقوى ، ولكن تعاونها من أجل غاية لا تخفى ، "إنها لا تعمى الابصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور". بريس تطوان