ما موقف النخب الثقافية من هذا الحراك الجماهيري المزلزل لعروش الاستبداد ؟! كوثر النحلي بعد عقود طويلة من التشبث الديكتاتوري بالكرسي، ترهلت الحكومات العربية وأصبح الحكام العرب كتماثيل الشمع، شاخت تلك الأنظمة حتى تحولت دواوين الرئاسة والملكية العربية إلى دور رعاية للمسنين، وأصبح مستقبل هذه الشعوب مرتهن بتحسن صحة هذا المومياء أو تلك الدمية ! القمع و وأد كرامة المواطن العربي والفساد المالي والإداري، كل ذلك يكبر في أوطاننا العربية ويتكاثر كدوائر الماء، بينما الشعوب المكبلة تغلي من ذلها وقمعها وإسكاتها والتضييق عليها في الأرزاق والأقوال.! أصبح الفرد العربي البسيط المقهور، يبحث عن مخرج – أي مخرج – يخلصه من هذا الرجيم الذي كان أشد بطشاً به من أعداء الأمة .! الشاعر أحمد فؤاد نجم قال في لقاء تلفزيوني قبل أكثر من سنة، أنه يتمنى لو جاء اليهود أو الجني الأزرق – حسب تعبيره - ليخلص مصر من التشكيل العصابي الإجرامي المتمثل في النظام الحاكم، لأنهم أرحم بنظره من هذه العصابة التي باعت البلد بأبخس الأثمان. سقط نظام مبارك، ومن قبله كان بن علي زين الهاربين، والآن نرى روح الثورة تمتد لليبيا والبحرين واليمن والجزائر وبقية الأصنام التي ستتهاوى قريباً بإرادة شعوب عربية بقيت طوال عقود في قعر الجحيم ! السؤال كان ومازال يتمحور حول دور المثقف ، أين كان من هذا القهر الذي طال أهله وبني قومه ، وما دوره في هذه الثورات الشعبية على أنظمة التغلب والقهر ؟! أين يقف المثقف من هذا الحراك الجماهيري المزلزل لطبائع وعروش الاستبداد ؟ هل المثقف محصور بدوره الأكاديمي، وحضوره في المنتديات والصالونات الأدبية، أم أن دوره يجب أن يمتد إلى الميدان، حيث ينزل من صومعة الفكر إلى ساحة الجماهير، ينزل إلى الشارع ليشارك المجتمع أحلامه وهمومه ؟ ماذا عن سلطة الواحد الأحد في أقطارنا العربية، ألم تصبح دولنا مجرد مزارع عائلية يقتصر دور المثقف فيها على التسبيح بحمد القائد الصنم على طريقة : أعل هبل ؟! هل مازال المثقف الصادق قادر على التأثير على الرأي العام، وهل هو مستعد للنزول للشارع وتحمل الضرب و القمع .؟ ألا تغريه تلك المناصب والامتيازات التي تقدم للمثقفين المرتزقة الذين يوالون تلك الأنظمة القمعية الفاسدة ؟ ألم يحاول كثير من المثقفين ركوب موجة الثورة الشعبية والتملص من مرحلة الارتزاق بأي طريقة، حتى ولو بطريقة التشفي والانتقام ممن كان بالأمس ولي نعمته ! الشعب أراد الحياة الجماهير التي لا عقل لها، هؤلاء الذين يسمونهم بالبسطاء والعامة والقطيع والغوغاء وغيرها من التواصيف الدونية، أصبحوا اليوم هم الرهان الحقيقي للتغيير! بينما جموع المثقفين وسوادهم الأعظم ظلوا لعقود، بوقاً للسلطة ومتسولين على أبوابها، يحاولون تدجين الشعب في الصباح، ثم يعودون كماسح جوخ يقتات أعطيات المستبد عند حلول المساء .! أليست الثورة عملاً ميدانياً يعتمد على القوة والكثافة البشرية، هل الشعب الآن بحاجة لنصرة المثقف المتواطئ أو السكوت عن الحق طوال هذه العقود .؟ ثم إن كانت الثورات بحاجة لأفكار مسبقة، فإن الأفكار الحقيقية التي سبقت الثورات العربية المعاصرة كانت لجموع الشعب على الفيس بوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، إنها لم تكن لمنهزمين انفصلوا عن واقع الشعوب المقهورة، ولا حتى لمثقفين أحرار وئدت رسالتهم وكممت أفواههم أو قبعوا في عتمة سجون السلطة، أو ظلوا مطرودين من أوطانهم لمجرد صدعهم بكلمة الحق أمام هذا السلطان الجائر .! الكاتب والناقد المغربي حميد ركاطة : المثقف العربي تجاوزه التاريخ ، و الذي لا يهب وقته وفنه وأدبه وثقافته خدمة للحرية والكرامة والعزة هو مثقف ديكتاتور مأجور يؤمن بالديموحرامية عوضا عن الديموقراطية الكاتب والناقد المغربي حميد ركاطة قال : الحديث عن الثورات العربية في الواقع هو أمر جديد اليوم ولم يكن في حساب العديد من المثقفين من ألفوا الحلم في ظل سلطات بلادهم وهو يطبلون لها ويزغردون لأنظمتها الديكتاتورية . ما لم يستوعبه المبدع والفنان العربي اليوم أن الصمت لم يعد كافيا للتعبير عن تجنب الاصطدام بالنظام لأننا بذلك نساهم في تمطيط عمر النظام ونكرس سياسته الجائرة في حق الشعب اليوم يجب الحديث عن تداعيات ثورة الياسمين بتونس وثورة اللوتس بمصر، وتعنت أذيال الخيبة من رموز الأنظمة البائدة بتعلقهم بالسلطة، ولعل نموذج الرئيس المخلوع شعبياً والمسنود خارجياً من طرف شرطي العالم وإسرائيل درس للشارع العربي وللأنظمة التي تتاجر بمصالح شعوبها، إن أزمنة السبات قد ولت وإننا دخلنا ألفية الحق والقانون والكرامة، لقد انتقلنا من مفهوم الأمة إلى مفهوم الشعب، من الأمة إلى الدولة، ومن القرار الحكومي إلى القرارات الشعبية، ومن الحزب الواحد إلى حكم المؤسسة البرلمانية وحكم الشعب لنفسه بنفسه، هذا كان حلماً في السابق وقد أضحى اليوم واقعاً لا مفر منه لقد أخرست ألسنة المثقفين الرسميين ومؤسساتهم ، لم نسمع سوى مواقف متفرقة هنا وهناك لكنها لم تصل إلى الحد الذي تؤجج أو تولد الصدمة، باستثناء موقف أدباء أحرار أكدوا مواقفهم من العنف الممارس على المتظاهرين وعلى الرصاص الذي ووجهت به كلماتهم وأفكارهم ، إنه لأمر محزن أن تصوب فوهة بندقية نحو صدر أو رأس متظاهر أعزل .! لقد تذمرنا من كل أساليب القمع الممارسة ضد وسائل الإعلام من قطع لاتصالات الهاتف النقال والانترنيت، والطرق ووسائل المواصلات، من قتل للصحافيين واعتقال لهم مؤلف " دموع فراشة " يرى أن المثقف العربي تجاوزه التاريخ، فبعض نماذجهم المؤيدة لأنظمة الديكتاتورية يرتحقون من عسلها المسموم، وهم لا يشعرون بالعار الذي يلحقونه بتاريخ الأدب وبكرامة الشعوب. المثقف الذي لا يهب وقته وفنه وأدبه وثقافته خدمة للحرية والكرامة والعزة مثقف ديكتاتور هو الآخر مثقف مأجور يؤمن بالديموحرامية عوضا عن الديموقراطية، إنه مثقف بيروقراطي نسخة طبق الأصل من النظام الذي يدافع عنه الكاتب العام لرابطة الكتاب التونسيين الأحرار : اتحاد الكتاب العرب مدجناً وغيب صوت المبدع والمثقف . غالبية النخب انقسمت بين خدم للسلطة بفسادها واستبدادها ، وبين التهميش ومصارعة مقتضيات العيش بأعبائه المتزايدة أيضاً الكاتب العام لرابطة الكتاب التونسيين الأحرار" المحضورة سابقاً " الأستاذ محمد الجابلّي فقال : إن التاريخ يظهر دائماً أن ما نسميه بالنخب هم المستنيرون في الطبقة الوسطى، وغالبا ما يكون دورهم انتهازياً مع الأنظمة أو مع الثورات، وفي الواقع العربي غالبية هذه النخب انقسمت بين خدم للسلطة بفسادها واستبدادها، وبين التهميش ومصارعة مقتضيات العيش بأعبائه المتزايدة، لكن لا ننسى الفئة القليلة التي أعلنت رفضها، ولاقت في سبيل ذلك كل أشكال التعسف المباشر أو غير المباشر. أما عن اتحاد الكتاب العرب فهو ككل الاتحادات المحلية بات مدجناً وغيب صوت المبدع والمثقف، ففي تونس مثلاً بات اتحاد الكتاب مفرغا بل أصبح يسئ للثقافة الوطنية من خلال تهميش دوره وحصره في لافتات دعائية تزين وجه السلطة الفاسدة بل بات لا يختلف عن أي شعبة من الشعب الكثيرة التي تقوم بالدعاية للحزب الحاكم قبل الثورة. وباختصار نقول لا يمكن أن ننفي دور المثقف، لأن هذا الوعي الحاصل لدى شعوبنا هو نتاج لتراكم خطير في مجالات شتى، وهذا الشباب الذي يتحرك الآن هو نتاج لمظهر ذلك الوعي، وهنا أقول أن دور ثقافة الاعتراض هو دور إيجابي رغم محدوديته لأن الأنظمة القمعية في مصر كما في تونس همشت كل ما هو سياسي، وخلقت نوعا من الفراغ الحزبي التنظيمي وذلك الفراغ دخل منه الوعي بضرورة تغيير الأوضاع، وبدأ ذلك الوعي يتشكل بعيدا عن التأطير السياسي لكنه لصيق بالاحتجاج الثقافي العام وبالأوضاع المتردية، فكان الطابع الجديد لهذه الثورات التي لم يصنعها حزب أو فئة بل هي نتاج الوعي العام المتسم بالإحباط في كل القطاعات والفئات . أنا سعيد كالجميع بهذه الثورات التي تستعيد لنا وجهنا المشرق، وكنت قد حلمت بها ككل المبدعين الصادقين، بل استشرفتها في كتابات لي، منها بل من أوضحها مقال نقدي صدر بجريدة القدس العربي قبل سنوات، دعوت فيه إلى ضرورة تعميم الانتفاضة لأن كل الأنظمة العربية لم تحافظ على مكاسب الاستقلال بل سرعان ما بددتها، ونتاجاً لذلك الفراغ الإنمائي والسياسي لم يبق أمام الشعوب سوى الإقتداء بالشعب الفلسطيني والسير على دربه في تعميم الانتفاضة التي تتحول إلى ثورة وتعصف بكل شيء، ونحمد الله أننا نعيش هذه الثورات النقية جداً ، والتي تعبر عن عمق الوعي الجماعي بأن الأوضاع مهينة ولابد من أن تتغير. أقول ختاما أن ما حصل في تونس هو فيض من غيظ وقطرة من كأس، وما يحصل في مصر الآن سيغير وجه تاريخنا بل تاريخ كل الشعوب، ويبقى الجهد كل الجهد، في الحفاظ على هذا المكسب العظيم وحمايته من الانتهازيات. ويبقى دور المبدع أن يرتقي إلى مستوى الحدث بفكره وإبداعه وبمجمل طاقاته الخلاقة. الكاتبة المغربية " ماماس أمارير " : ستتعلم الاتحادات الثقافية الكثير مما أنتجته ثقافة الثورة .. يجب أن تتنازل الطبقات الحاكمة عن ألوهيتها فالشعوب ليست قطعاناً ، والثورة جاءت بسواعد أفراد المجتمع البسطاء والشباب الواعي الذين طحنتهم التجربة الفاشلة لأنظمتهم الديكتاتورية الكاتبة المغربية " ماماس أمارير "قالت : لاشك أن الثورة التونسية والمصرية عرّت الكثير من الخطابات والشعارات التي ظلت ترددها الطبقة التي تعتبر نفسها انتلجنسيا المجتمع، وكذلك عرّت الفئات السياسية التي لا دور لها سوى التنظير وجني المكتسبات، مما جعل الدور الطليعي لهذه النخبة دوراً باهتا، فكل المثقفين منغمسين في تكوين أنانيتها، أما اتحاداتنا الثقافية فيكفي أن الثورة أنتجت ثقافة جديدة سيتعلمون منها الكثير. والثورة جاءت بسواعد أفراد المجتمع البسطاء والشباب الواعي بدوره، الذين طحنتهم الحياة والتجربة الفاشلة لأنظمتهم الديكتاتورية، ويؤسفني أن أقول لكِ أن المثقف كان تابعاً للثورة، ولم يكن مساهماً في إبداعها أو له دوراً موازياً للعمل الجماهيري أو حتى غارساً للوعي! و ما يجب أن أؤكد عليه هو أن الثورة أنتجت خطاباً جديداً سطرته الشعوب بدمها وإصرارها على الخروج من النفق المظلم . و منحتنا نفساً جديداً وحلماً كبيراً بإمكانية تحقيق العدالة الاجتماعية و الديموقراطية، وأنه يجب أن تتنازل الطبقات الحاكمة عن ألوهيتها وتدرك أن مساحتها تكون أكبر، حين تمارس دورها بديموقراطية وعدالة، وتعلم أن الشعوب ليسوا قطيعا، بل أفراد لهم حقوق كما عليهم واجبات، وكل يخدم وطنه من موقعه. ولأنني فرد من أفراد هذه الشعوب المسحوقة , فقد كان لي موقفاً واضحاً و في رأيي أن المثقف الحقيقي بصفته فرداً يترجم قناعاته على أرض الواقع، يجب عليه على الأقل أن تكون لديه المصداقية والشجاعة لردم الهوة السحيقة بين شخصيته وما يروِّج له من أفكار. المثقف جزء من الشعب ماذا عن النخب الثقافية، هل مارست نشر أفكار الثورة وحرضت عليها ؟ هل بشر المثقف العربي بالثورة وساندها ميدانياً على الأرض ؟ الروائي والباحث المصري محمود الطهطاوي : الحراك الثوري الذي بدأ في تونس ثم مصر كان خلفه جمهرة من المثقفين . لدينا ثورة بيضاء لا نريد تلطيخها وتشويهها والخروج بها عن هدفها المشروع الروائي والباحث المصري محمود الطهطاوي قال : لا شك أن الحراك الثوري الذي بدأ في تونس ثم مصر كان خلفه جمهرة من المثقفين، هم الذي حركوا الثورة بكلماتهم ودفعهم للشباب الذي انصهر معهم على الشبكات الاجتماعية ( الفيس بوك وتويتر ) الخ، وشارك برأيه ورؤيته وعضدها بالطبع المثقف العربي الذي يمتلك من الأدوات الفاعلة والمحركة لهذه الثورة، وقد أضاف إلى ذلك التعاضد والمساندة ما صدر من بيان من اتحاد كتاب مصر في القاهرة لمساندة الثورة، وانغمس معظم الكتاب في الثورة وشاركوا في المظاهرات والاحتجاجات تضامناً من تلك الثورة التي انطلقت شرارتها ولم تخمد بعد، ويرى صاحب " انحسار المسافات البعيدة " أن الثورة ستظل مشتعلة وصادمة في وجه كل نظام طاغي وظالم، وأن هذا سيغير كثيراً من المنظومة السياسية في الوطن العربي أجمع .. كاتب رواية " رايحين على فين؟ " قال أنه مساند لهذه الثورة ويؤيدها، ولكن في الإطار الشرعي الذي لا يندفع وراء العواطف، فأنا مع تغير النظام الذي عانينا منه كثيرا ولكن لن يكون بالتجريح وتوجيه الاتهامات بدون أسانيد ، لدينا ثورة بيضاء لا نريد تلطيخها وتشويهها والخروج بها عن هدفها المشروع وهو تغيير المنظومة السياسية بمنظومة أخرى تحقق العدالة الاجتماعية للجميع . وقف المثقفون من الثورة على ثلاث جبهات ، جزء التحم بها ، وآخر وقف ضدها ، والبقية بانتظار المنتصر لينحازوا إليه .! نقترب من وطن يتسع لشعبه وطموحاتهم في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية أيضاً من مصر الحرة ، الصحفي والناقد محمود عبد الرحيم الذي يرى أن دور المثقف في الثورة سابقا ولاحقا، سابقاً بالتبشير بها، ولاحقاً بالمشاركة فيها والالتحام بالجماهير وتوفير الدعم الإعلامي والتوعوي لها، واستقطاب فئات جديدة لها والرد على الانتهازيين والمشككين ومواجهة أعدائها بالفكر والحجج القوية المفندة للدعايات الكاذبة ، وبخصوص تجربة ثورة مصر التي عشتها، فقد وقف المثقفون في ثلاثة جبهات، جزء التحم بالثورة ونام في العراء وتعرض لضغوط عنيفة وصلت إلى الاعتداء البدني بل و التعرض للموت، من أجل البرهنة على الإيمان الحقيقي بالثورة وليس رفع شعارات دون مصداقية أو استعداد للتضحية، بينما البعض الآخر شارك في الوقوف ضد الثورة لتحقيق مصالح انتهازية لرهانه علي السلطة والمكاسب التي ينالها منه، وفريق ثالث آثر الصمت لحين فوز فريق فينحاز إليه. ويقول الأستاذ محمود : أفخر بقيامي بدوري الوطني وواجبي الأخلاقي في الانحياز للثورة من أيامها الأولي، لأني أؤمن بالفكر الثوري قبل هذه الأحداث الأخيرة، وانتمي إلى ثورة عربية كان لها إشعاعها الكبير هي ثورة يوليو، وزعيم ثوري كبير هو عبد الناصر، ولطالما نادينا بالثورة وكنا نتوق لنراها، فعندما التقى الظرف الذاتي بالموضوعي وتحقق الحلم لم يكن بدا من اللهاث وراء هذا الحلم ليصير حقيقة، ونقترب من وطن يتسع لشعبه وطموحاتهم في الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وكما يقول الفيلسوف برتداند راسل : الشعوب بدون حروب أو ثورات تموت، فنحن نجدد دماء الوطن، ونصنع الحياة لجيلنا وللأجيال القادمة. الثورة طوق النجاة الفرد البسيط الذي خرج يهتف وهو لا يملك إلا حنجرة تصرخ برغبة التغيير، والآخر الذي بقي على الهامش وفضل الانكفاء في بيته بانتظار ما سيحصل، وحتى ذاك الذي يطالب - بسذاجة المدجن - ببقاء السلطة المستبدة لضمان استقرار البلاد ! المثقفون هم أيضاً لايختلفون كثيراً عن الجماهير، من حيث تواطؤهم أو تضامنهم مع الثورة، إنهم شريحة من المجتمع فيهم من ينتقل إلى مساحات الإنصاف والعدالة الاجتماعية، ومنهم من يجثوا على ركبتيه لتبجيل سلطان جائر يقتات منه فتات فضلاته .! ولن يستطيع طيف الانفكاك عن الآخر، ستظل السفينة واحدة ، وسيظل المستبد في مأزق مع أي شعب يتكاتف ضد جوره، وينهض على ظلمه وعدوانه نهضة رجل واحد، ليعزز حرية واستقلال وتطور كل فرد في المجتمع ، فثمار الثورة يقطفها كل المجتمع ، وليس الواحد الأحد الذي يسرق الثورة فلا يرينا إلا ما يرى .! ستظل الثورة شجرة يستظل كل الشعب بظلها الوارف مادام المستبد مذؤوماً مدحورا ، ومادام القرار جماعي لا يعتمد على فردية صنم تأله وطغى واستكبر. سيستجيب القدر مادام المثقف يتفانى لأجل مصير أمته ، ومادام الشعب يريد الحياة ، فهل نحن أمة تريد الحياة.؟