خصصت المجلة البرتغالية المتخصصة في الدراسات حول المرأة "فيسيز دي إيفا" عددها الأخير للسيدة الحرة، تكريما لهذه الشخصية التاريخية المغربية التي حكمت مدينة تطوان في القرن السادس عشر. وتم تقديم العدد الثاني والثلاثين من هذه المجلة الأكاديمية التي تصدرها جامعة لشبونةالجديدة، مساء أمس الخميس، في إقامة المملكة المغربية بالعاصمة البرتغالية، بحضور ثلة من الجامعيين والباحثين، فضلا عن شخصيات من عالم السياسة والدبلوماسية. وأكدت سفيرة المغرب في لشبونة السيدة كريمة بنيعيش، في كلمة بالمناسبة، أن هذه فرصة لتكريم سيدة ذات مقام رفيع حكمت غرب المتوسط في القرن 16 وتمثل بدون منازع أحد الأوجه النسائية المغربية التي تجسد السعي للحكم وممارسته في أرض الإسلام من أجل الدفاع، مثل الرجل، عن مثل مجتمعها واستقلال وطنها. وحرصت السفيرة، التي ساهمت في هذا العدد من "فيسيز دي إيفا"، على الإشادة بفريق باحثي مركز الدراسات في علم الإجتماع التابع لكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بجامعة لشبونةالجديدة الذي يدير المجلة، مبرزة أنه بفضلهم "أضحت لدينا اليوم فرصة لتقاسم تجربتنا المغربية وإثبات أن تاريخ العالم العربي والإسلامي، حافل بنساء مارسن الحكم على غرار السيدة الحرة، في زمن كان فيه الحكم حكرا على الرجال". وكتبت الدبلوماسية المغربية في مقالها الصادر بالمجلة إن "هذا النموذج الساطع للدور الذي قامت به النساء عبر تاريخ المغرب ساعد في الحد من الصور النمطية حولهن. وقد أثبت عدد منهن، قبل وبعد السيدة الحرة، أنهن لسن ذلك الكائن الخفي والصامت والغريب عن الشؤون العامة والسياسية، الذي يراد حصرهن فيه". وجاء أيضا في المقال، الذي يحمل عنوان "السيدة الحرة: حكم نسائي في أرض الإسلام"، أن "السيدة الحرة (...) فرضت على مدى ثلاثين سنة تقريبا، بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي مختلف الأحوال، بصمة قائدة كبيرة، وامرأة متمكنة وسابقة لزمانها". ولم يفت السيدة بنيعيش الإشارة إلى العديد من الشخصيات النسائية اللائي نقشن أسماءهن في تاريخ المغرب، خاصة فاطمة الفهرية، وزينب النفزاوية، والأميرة الراحلة للا عائشة، أول امرأة سفيرة في المغرب المعاصر. من جهته، ركز أستاذ التاريخ بكلية الآداب في لشبونة أنطونيو دياس فارينهاس، على "أهمية هذا التذكار التاريخي الذي يمثل تكريما حقيقيا ومشرفا للمرأة المغربية". وقال هذا المتخصص في الإسلام والعالم العربي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن السيدة الحرة تمثل نموذجا للمقاومة النسائية للبرتغاليين، مضيفا أن هذه المقاومة كانت تتم بروح نبيلة، لأن العلاقات التي كانت تربط هذه السيدة العظيمة بالبرتغاليين كان يطبعها الاحترام المتبادل. أما مديرة المجلة إيزابيل إنريكس دي خيسوس، فأشادت بروح التعاون التي ميزت إعداد هذا العدد من المجلة الذي خصص لأول مرة لسيدة أجنبية تنتمي للضفة الأخرى للمتوسط. وأضافت أنه في هذا العدد "أردنا إلقاء الضوء على ثقافات وتجارب أخرى، وعلى شكل مغاير للمرأة"، مبرزة أن المجلة، التي يحمل غلافها صورة تجسد السيدة الحرة، تبرز في مختلف أقسامها تجارب نساء طبعن تاريخ المغرب. وأوضحت أن "الأمر يتعلق بالنسبة لنا بالمساهمة في إغناء التفكير حول النساء ومحاربة الأفكار المسبقة والصور النمطية التي يفرضها الجهل بأشكال ملموسة". وتتضمن مجلة "فيسيز دي إيفا" (العدد 32 يضم 216 صفحة من الحجم المتوسط)، التي تأسست سنة 1999، العديد من المقالات والأبحاث حول النوع والمرأة من إنجاز باحثين مغاربة وأجانب، من أجل تعميم وتشجيع الحوار حول هذه المواضيع. وتنتمي السيدة الحرة، المزدادة حوالي سنة 1493 بشفشاون، لأسرة من الشرفاء الأدارسة بجبل العلم. ووالدها هو علي بن موسى بن راشد، مؤسس مدينة شفشاون سنة 1471 ووالدتها زهرة فيرنانديز ذات الأصول الإسبانية وتنحدر من إقليم قادس.