عزاؤنا وعزاء إخواننا وأخواتنا وأهلك وأهلنا بل عزاء وطننا واحد فيك يا عبد الله. مثل هذه المواقف تتعطل فيها لغة الكلام، مثل هذه اللحظات تبقى راسخة في الذهن ، خالدة في أنفسنا، حية في تاريخنا كخلود الشهداء . لن نقول وداعا ولكن سنقول إلى اللقاء، لقاء قريب إن شاء الله في جنة الخلد . لأن الشهداء أحياء حياة الروح وحياة الشموخ والعزة نقول إلى اللقاء، لأن المعلم "عبد الله بها" لم يمت، نعم لم يمت، مات جسدا ، مات وزيرا ، لكن لم تمت الفكرة، لم يمت الموقف، لم يمت النموذج المتفرد والحكمة الثاقبة والأمل المتطلع . والمنهج سيظل بيننا يوجهنا ويرشدنا ويكشف لنا المساحات التي قد تبدو ضيقة أو مهملة في حساباتنا، يعلمنا كيف تكون النسبية محددة في أي قرار خاصة إذا ارتبط بالوطن. رحم الله الأستاذ "عبد الله بها" الذي كان رائدا في ذلك..ويتجسد فيه ذلك خير تجسيد..وحين ننظر لرزء الوطن والمشروع الإصلاحي في أحد رموزه الكبار في شخص بها..فإنه ينبغي لنا أن نتأمل من هذا المنفذ لتجاوز المصاب الجلل بدفعة قوية نحو الامام للوطن والخيار الإصلاحي وكل الحالمين بالتغيير..لأن الانتكاسة ستكون فاجعة أخرى تضيع معها البوصلة كلية..بل هي انحراف عن مسار رجل تقاطعت فيه شهادات القريب والبعيد وحقق نوع من الإجماع حول أنموذج حي في التفاعل مع الجميع. لن نقول وداعا، كنت نعم الرفيق ونعم الأمين ونعم الموجه. لن نقول وداعا وأنت من كنت لا تمل من تكرار وصايا التذكرة والموعظة الحسنة بسؤالك كيف هو حال الإيمان ؟. فعلا لم نصدق لكن مشيئة الله ماضية في خلقه. فعلا رحل الأستاذ بها ولم نعرف السبب وحتى وإن لم نعرف فإن الروح عزيزة ويأتي اليوم الذي فيه نعرف. فعلا رحلت وتركتنا أيتاما لكن بزاد كبير وطريق واضح ومنهج سديد. فعلا رحلت حكيما وتركت لنا الحكمة والنموذج. حقا قد أتعبت من هم معك ومن سيأتون من بعدك في زهدك وبساطتك. نعاهدك ميتا كما كنت بيننا حيا أن نحفظ الإيمان وأن نواصل المسير وأن نحفظ العهد والوعد وأن نستكمل المسير إلى الله على قيم الوفاء والبذل بدون أخذ والضحية دون مقابل. لن نقول وداعا ولكن إلى اللقاء وعزاؤنا واحد وإنا لله وإنا إليه راجعون أخوك المحب والتلميذ النجيب.