شهد شمال المغرب في السنوات العشر الأخيرة نهضة عمرانية واقتصادية واجتماعية واسعة، عززتها المؤهلات الطبيعية والاقتصادية والبشرية، التي جعلتها محط اهتمام السلطات والمستثمرين الأجانب. وأصبحت مدينة تطوان محور تلك النهضة بسبب ثقلها الاجتماعي والثقافي والطبيعي، حيث شهدت إنجاز العديد من مشاريع البنية التحتية والمناطق الصناعية وخدمات الصحة والمياه والكهرباء وشبكة القطارات والطرق. وقد انعكس ذلك على دور المدينة الإقليمي في برامج النهضة الاقتصادية والاجتماعية في شمال المغرب. وتسعى وكالة تنمية وإنعاش أقاليم الشمال، التي تأسست سنة 1996 إلى استثمار إمكانات تطوان، من خلال برامج ومشاريع التنمية والتأهيل الحضري ودعم الجمعيات والنهوض بالصناعة التقليدية. وركزت مبادرة التنمية البشرية التي أطلقها العاهل المغربي محمد السادس في فلسفتها على المناطق المهمشة للنهوض بالإنسان المغربي وتقليص الفوارق بين المواطنين والمناطق. ومكنت تلك المبادرة وكالة تنمية الشمال من الوسائل والبرامج التي تركز على تنمية وتأهيل العنصر البشري والفضاء الجغرافي لإحداث قفزة نوعية للمنطقة الشمالية. وتم إدراج مدينة تطوان على سلم أولويات التنمية بالمغرب منذ انطلاق مشروع التهيئة الحضرية سنة 2009. ورصدت مؤخرا استثمارات تبلغ نحو 635 مليون دولار لتطوير المنطقة بين عامي 2014 و2018. ويركز البرنامج على الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للمدينة، وتحسين إطار عيش سكانها والحفاظ على منظومتها البيئية. وتسعى الخطة أيضا إلى استقطاب الاستثمارات للمنطقة وخاصة قطاع الخدمات والتأهيل الحضري خلال خمس سنوات تكتمل بحلول عام 2018. أما اقتصاديا فقد اهتم البرنامج بالمناطق الصناعية والتجارية وما تتطلبه من طرق وتجهيزات، إضافة إلى البعد الاجتماعي الذي كان حاضرا بقوة باعتباره أولوية ملحة لتمنية مدينة تطوان، إضافة إلى تأهيل القطاع الرياضي والصحي وبناء منشآت ثقافية ودينية، وبإشراف مباشر من الملك محمد السادس. وتم إنجاز طريق "الحزام الأخضر"، الذي يربط مدخل تطوان بمنطقة المضيق وطريق طنجة وإنجاز المنشآت الفنية، وتثبيت الإنارة العمومية وغرس الأشجار. ويهدف الطريق إلى تخفيف حركة السير والتحكم في التوسع الحضري وتحسين الولوج للأحياء الغربية لمدينة تطوان. الاهتمام الملكي بتطوان ترجمه تدشين الملك لمشروع بناء سوقين في كل من حي خندق الزربوح المتكون من 413 متجرا وحي المحنش الذي يضم 1225 متجرا، بهدف الاهتمام بفئة التجار والباعة المتجولين وإعطائهم الفرصة لكي يعملوا بشكل مريح، إضافة إلى تحسين واجهة المنطقة. وتشمل المبادرة أيضا تعزيز البنية التحتية الرياضية للمدينة، بتهيئة 8 ملاعب رياضية، إضافة إلى مركز لتأهيل مهارات الصناعة التقليدية ودعم فرص الشغل والنهوض بهذا القطاع المعبر عن هوية وثقافة المدينة، ويستفيد منه أكثر من 500 متدرب سنويا. كما أطلق الملك محمد السادس مشروع إعادة بناء قنطرة بوعنان على وادي مرتيل، وهو جسر يبلغ طوله 120 مترا كان الهدف منه فك عزلة أحياء معينة وتخفيف الضغط على مستعملي القنطرة. وتهدف المشاريع لتحويل المدينة إلى محطة جاذبة ومستقطبة للاستثمار، وقد مكنتها فعلا خلال السنوات الأخيرة من إنجاز تحولات عميقة على مستوى البنيات الأساسية الحديثة. وتعتبر المشاريع المرتبطة بالعالم القروي محورا أساسيا في سياسة التنمية البشرية التي ينتهجها المغرب في إطار تشاركي بين جميع المتدخلين. ويعتبر مشروع "تطوان بارك" الذي تم تدشينه من طرف العاهل المغربي في مارس الماضي من أهم المشروعات بمدينة تطوان، والذي يسعى إلى استقطاب الصناعات غير الملوثة للمشاريع الصغيرة والصناعات الصغيرة والمتوسطة. ومن المتوقع أن يشكل المشروع أداة ربط لتطوان لتحويلها إلى منصة لوجستية تستجيب لحاجة المشاريع الصناعية والتوزيع. كما أنه يعتبر فرصة لتقارب الفضاءات الصناعية واندماجها على مساحة إجمالية تقدر بنحو 156 هكتارا، إضافة إلى منطقة احتياطية واسعة للمشاريع المستقبلية. ومن المرتقب أن يصل حجم الاستثمارات في مشروع "تطوان بارك" إلى أكثر من 100 مليون دولار، يوفر ما يصل إلى 5000 منصب شغل مباشر.