سعر صرف الدرهم يرتفع مقابل الأورو والدولار    برشلونة يحرز كأس السوبر الإسبانية بعد اكتساحه ريال مدريد بخماسية    من المغرب إلى تركيا وسوريا: سياسات النظام الجزائري التآمرية.. دعم الانفصال واستعداء الجوار    أخنوش يؤكد التزام الحكومة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية    هزيمة جديدة للمغرب التطواني أمام المغرب الفاسي تزيد من معاناته في أسفل الترتيب    نشرة إنذارية: موجة برد مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    أخنوش: الحكومة ملتزمة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية    بعد تحقيقه لملايين المشاهدات.. حذف فيلم 'نايضة' لسعيد الناصري من يوتيوب يثير الجدل    "برلمان" الأحرار يؤكد حرصه على مواكبة الورش التشريعي لاصلاح مدونة الأسرة واعتزازه بجهود أخنوش في قيادة الحكومة    جائزة "مغرب الفروسية" تحتفي بالفرسان والفارسات المغاربة المتألقين خلال سنة 2024    جهة الشرق: تدشين خط جوي مباشر بين الناظور والرباط    عامل إقليم الحسيمة يفتتح فعاليات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية 2975    المملكة السعودية تحض القوى الغربية على رفع العقوبات الدولية عن سوريا    احتواء 11 في المائة من أكبر حريق في لوس أنجلوس    نقابيون يحذرون من انتشار "بوحمرون" بمدن الشمال    5 آلاف شهيد ومفقود في 100 يوم من العدوان الإسرائيلي على شمال غزة    بقيمة 801 مليون أورو.. المغرب يحتفظ بموقعه كأكبر مورد للفواكه والخضروات في إسبانيا لعام 2024    موجة برد قارس تضرب المغرب مع أمطار خفيفة في بعض المناطق    الفساد يجر خليجيين ومغربيات للقضاء    الوكالة الوطنية للمياه والغابات تنفي إتلاف شتلات الصنوبر بإقليم الناظور    شركة "مناجم" التابعة للهولدينغ الملكي "المدى" تبيع منجم "أمجران" للنحاس بقيمة 30 مليون دولار    تقرير: 48 عاما من الحرارة فوق المعدل في إفريقيا.. وظاهرة "النينيو" تُضاعف تأثيرها على المغرب    تنصيب رئيس لجنة الطلبيات العمومية    المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يُقصي الريف من احتفال رأس السنة الأمازيغية    مهرجان خنيفرة يحتفي بالقصة القصيرة    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    هل يمنع دعاء الكابرانات لفرنسا فضح الثروات المنهوبة؟    مغربي يتوج بلقب أفضل أستاذ في العالم في دورة 2024    حزب الاستقلال يطلق أول جيل من المناضلين الرقميين ويتطلع إلى عقد اجتماعي متقدم    برمجة خاصة لإذاعة تطوان الجهوية بمناسبة رأس السنة الأمازيغية الجديدة    بحضور وازن وغفير لعموم المهنيين من مختلف القطاعات والمهن الصحية بتطوان.. هيكلة القطاع الصحي الاتحادي وانتخاب أشرف الجاري منسقا إقليميا    أوروبا التي تشبه قادتها    "وحده الحب" فيلم يلقي الضوء على قضية الحدود برؤية سينمائية فريدة    الوداد يقترب من ضم مهاجم الأهلي السابق    مدرب الجيش الملكي: التأهل مستحق والفريق يملك هامشا للتطور أكثر    مضيان يدعو لاعتماد الحرف العربي في تعلم الأمازيغية إلى جانب تيفيناغ    المغرب يخطط لتوسيع شبكة الطرق السريعة بنسبة 66% بحلول عام 2030    4الفريق الهولندي DCG يعزز الروابط الثقافية والرياضية مع الوطن الأم المغرب    ارتفاع حصيلة القتلى في لوس أنجلوس    الأردن يسمح بدخول السوريين بالخارج    الجامعة تعلن عن إلغاء السكتيوي معسكر مواليد 2000    28 قتيلا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    خمسة أعداء للبنكرياس .. كيف تضر العادات اليومية بصحتك؟    التطعيم ضد الإنفلونزا في يناير وفبراير .. هل فات الأوان؟    نيويورك.. مشاركة متميزة للمغرب في معرض الفن والدبلوماسية    لقاء تواصلي لنجمي الكرة المغربية عزيز بودربالة وحسن ناظر مع شباب مدينة زاكورة    مقاربة إدارة بايدن في سورية بعد سقوط نظام الأسد    جامعة الركبي تعقد جمعين عامين    مركز تفكير فرنسي: مسار الانتقال الطاقي بالمغرب يسير قدما مدعوما بإصلاحات استراتيجية ومنظومة مبتكرة    العثور على جثة شخص ستيني داخل وحدة فندقية بالحسيمة يستنفر السلطات الأمنية    اختتام أشغال قمة التنمية الزراعة الإفريقية على خلفية التزام بزيادة إنتاج الصناعة الغذائية    أخطاء كنجهلوها.. أهم النصائح لتحقيق رؤية سليمة أثناء القيادة (فيديو)    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرسي الاعتراف مع المشّاء خالد مشبال و تفاصيل الرحلة الأسطورية

مشبال: صديقي مويّح مات في الصندوق الذي سجن فيه لأنه لم يحفظ القرآن
قال إن احتكاكه الأول بالإسبان ساهم فيه «البورديل» الإسباني في حيهم
-----
هناك فكرة للفيلسوف الألماني نيتشه تقول: «وحدها الأفكار التي تأتينا ونحن ماشون لها قيمة». كم من الأفكار الكبيرة باغتت ذهن خالد مشبال وهو يمشي، سيرا على الأقدام، من المغرب إلى مصر.. وهل الأفكار التي أنتجها، طيلة مساره الصحفي والإذاعي، لم تكن سوى محصلة لتلك الرحلة الشاقة التي بدأها سنة 1952 وهو لم يتجاوز 15 سنة؟
فوق «كرسي الاعتراف»، يحكي المشّاء خالد مشبال تفاصيل «الرحلة الأسطورية» التي قادته، ورفيق دربه عبد القادر السباعي، من وادي ملوية حتى بحر الإسكندرية، مرورا بتفاصيل مشوقة حينا ومؤلمة أحيانا، من محطاته الجزائرية والتونسية واللليبية؛ كما يتوقف مشبال عند العلاقة التي نشأت بينه وبين الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة، ولقاءاته بعدد من رموز الحركة الوطنية المغاربية، ونجوم الثقافة والفن والسياسة في مصر. كما يحكي خالد عن عودته في 1958 إلى المغرب واشتغاله في «راديو إفريقيا»، وتغطيته مؤتمر الوحدة المغاربية، وتفاصيل محاورته المهدي بن بركة الذي أحرجه مشبال بأسئلة عن «إيكس ليبان» وعدم تنسيقه مع الخطابي وخلافاته مع حزب الشورى.
ولا يفوت مشبال أن يعرض لذكرياته مع المهدي المنجرة الذي دخل في خلاف مع مولاي احمد العلوي الذي كُلف بالتخلص من المحطات الإذاعية الأجنبية الجريئة، وكيف فوض إذاعيو هذه المحطات مشبال لتمثيلهم في مفاوضة المسؤولين. على «كرسي الاعتراف»، يُقر مشبال بماضيه السياسي إلى جانب أبرز القادة الاتحاديين، خلال سنوات الجمر والرصاص.. كما يعترف بكل اللحظات الجميلة والعصيبة التي عرفتها إذاعة طنجة على عهده.
- كيف كان مسارك الدراسي في تطوان؟
درست، كما سبق أن حكيت لك، في الكتاتيب القرآنية، وقد حفظت القرآن كاملا «خرجت السلكة»، وإلى الآن مازلت أحفظ 30 حزبا حفظا جيدا. لقد انطبعت مرحلة «المسيد» في ذاكرتي بحادث مفجع.. كان فقيهنا السي الحسن مشبال يتخذ «مسيده» من غرفة متفرعة عن منزل سيدة غمارية، هي بدورها من عائلة مشبال، اسمها الحُسنية وكانت متزوجة من «لمْعلم» موح الذي كان كبير مساعدي والدي في الفرن، وكان رجلا ريفيا غاية في الطيبوبة، وكانا -الحُسنية وموح- قد رزقا حتى ذلك الحين بابن وحيد كنا نناديه ب«مويح» (تصغير موح)، وكان مويح هذا يتمتع بذكاء خارق، حيث كان مولعا، وهو الطفل الصغير الفقير، بقراءة إحدى المجلات الترفيهية التي كانت تصدر في اسبانيا، وكان يتحدث الإسبانية بطلاقة لا نضاهيه فيها.
- رغم أنه كان طفلا يعيش في حي هامشي، بعيد عن الأحياء المركزية الاسبانية؟
حي الطلعة كان يسكنه أيضا فقراء الإسبان، أذكر منهم راعي ماعز، كان يبيع سكان الحي الحليب، فكان يخرج شياهه صباحا للرعي وهو ينادي «leche.. leche» (حليب.. حليب)، فيخرج الناس حاملين أواني يحلب لهم فيها من ضرع الماعز مباشرة. حينها، كانت هناك أيضا العديد من دور البغاء الإسبانية «البورديلات»، وهذا كان يجعل عددا من إسبان قلب المدينة يترددون على حينا. لكن، دعنا نعود إلى صديقي مويح.. لقد كانت والدته حُسنية مشبالة، هكذا كنا نناديها، تتعامل مع نشاط ابنها الزائد وذكائه المتقد بقسوة منقطعة النظير، والقسوة نفسها كان يتعرض لها الطفل المتميز من طرف فقيه «المسيد» السي الحسن مشبال، الذي كان يراجع معه لوحه بين صلاتي المغرب والعشاء. وذات مساء، عاد الطفل مويح متأخرا إلى المنزل، فطلب منه الفقيه أن يستعرض أمامه محصلة اليوم من حفظ القرآن، وعندما وجد أنه لم يحفظ ما كان مطلوبا منه قام بتعنيفه. حينها، كان الآباء يرددون مقولة متداولة هي «الفقيه يقتل وحنا ندفنو»، فزادت والدة مويح في ضربه، ثم لم يكفهما (الأم والفقيه) ذلك، فقررا سجنه في صندوق الملابس الضيق، ثم خلدا إلى النوم. وعندما أفاق الفقيه فجرا وذهب ليتفقد الطفل وجده ميتا.. لقد ترك موت موح فينا -نحن أصدقاءه- أثرا بالغا، خصوصا وأنه كان نابغتنا.. دفنوه دون مساءلة ولا عقاب، واستمرت الأمور على سابق عهدها. وهذا الحادث سيترجمه والدي، مؤقتا، بإنهاء علاقة أبنائه ب»المسيد»..
- كم كان عمرك وقتها؟
ثمان أو تسع سنوات.. هكذا انتقلت إلى «المعهد الحر»، لكونه كان يوجد في حينا (الطلعة)، وبالضبط في أعلى باب المقابر، لكن هذا لم يكن ليعفينا من الذهاب إلى «المسيد»، الذي عدت أتردد عليه بعد مدة، ما بين المغرب والعشاء.
- كيف كانت الدراسة ب«المعهد الحر»، الذي أسسته الحركة الوطنية كنوع من عصرنة التعليم التقليدي، وكتعبير عن تميز الشخصية الوطنية، وترجمة لنوع من الرفض للاستعمار ومؤسساته، بما فيها التعليمية؟
كان أساتذة «المعهد الحر» من الطلبة الذين تابعوا تعليمهم في «مدرسة النجاح» بمدينة نابلس بفلسطين (وفد بعثه أب الحركة الوطنية عبد السلام بنونة سنة 1930 إلى نابلس)، وهؤلاء هم الذين أسسوا المعهد..
- نحن الآن في بداية الأربعينيات..
نعم.. نعم.
- كان أخ الحاج عبد السلام بنونة، الحاج محمد بنونة، وابنه الحاج الطيب بنونة، من جملة طلبة نابلس. هل كان يدرسان بدورهما في المعهد الحر؟
لقد شكل هؤلاء وغيرهم من طلبة نابلس النواة الأساسية لأساتذة المعهد الذي تأسس في 1935، بإدارة عبد الخالق الطريس. لقد كان المعهد الحر، إلا في بعض الاستثناءات، معهدا لأبناء التطوانيين الأصليين، لذلك تم التفكير في تأسيس معهد مولاي المهدي الذي أشرف على إدارته الشيخ المكي الناصري، وكان مفتوحا في وجه طلبة المدن الشمالية الأخرى، وكذا أبناء مهاجري غمارة والريف وجبالة.
- ألا يعتبر هذا نوعا من الرفض الذي ظل التطوانيون يقابلون به غير التطوانيين، فالشيخ المكي الناصري، بالرغم مما قدمه إلى المدينة وإلى الشمال من خدمات علمية وإعلامية وسياسية..، ظل يُنظر إليه في تطوان كغريب، لذلك قال مقولته الشهيرة: «عجبت لأهل تطوان كيف آمنوا بمحمد وهو ليس منهم»؟
هذا كان في ذلك الزمن، أما اليوم فإن تطوان اختلطت. في تلك المرحلة، كان هناك تنافس قوي بين الطريس والناصري.. الأول كان زعيم حزب الإصلاح الوطني، والثاني كان زعيم حزب الوحدة المغربية؛ الأول له مؤسساته التعليمية وصحفه، والشيء نفسه بالنسبة إلى الثاني..
- لنتحدث عن دراستك بالمعهد الحر الذي كان يضم بالأساس أبناء أعيان تطوان؛ كيف عشت هذه التجربة أنت القادم من الهامش؟
عندما التحقت بالمعهد الحر، عانيت كثيرا بفعل الفوارق الاجتماعية الكبيرة.. فأبناء وسط المدينة كانوا يأتون إلى المعهد بلباس أنيق نظيف، وب»الفريزي» (الشَعر المصفف) بينما نحن كنا نحلق بالموسى، وننتعل «السبردينا»، وهي نوع من الأحذية المصنوعة من «الحلفا» والخرقة؛ قاعدتها من «الحلفا، ووجهها من «الدرة»، لقد كان والدي يخيط لنا «السبردينا» بنفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.